سان فرانسيسكو تنفق 300 مليون دولار سنويا على برامج لتقنين أوضاع «المشردين»
والولايات تضع خطط سنوية لزيادة معدلات النمو ولكل منها معاملة ضريبية مختلفة
الديمقراطية واستراتيجيات الدول لتحقيق التنمية وسهولة التخارج من الأسواق معايير أساسية للاستثمار
تركيا والدانمارك ونيوزيلندا وجهات مستقبلية للمستثمر الأمريكى
عشرون يوما كاملة قضيتها فى الولايات المتحدة الأمريكية تنقلت خلالها بين 5 ولايات (واشنطن – نيويورك – شيكاغو – سان انطونيو تكساس – سان فرانسيسكو) اثناء مشاركتى، ضمن 25 دولة من مختلف أنحاء العالم، فى برنامج (الاقتصاد العالمى) أحد برامج تدريبية تابعة لبرنامج «الزائر الدولى» بترشيح من وزارة الخارجية الأمريكية.
كان العامل المشترك بين الولايات الخمس وأثناء تنقلاتى فى المحافظات المجاورة لكل ولاية هو حب الشعب الأمريكى لبلده فكل ميدان ومنزل به العلم الأمريكى، ويطلقون عليها «امريكا العظمى»، وكذلك البلد تمنح لمواطنيها كل سبل الراحة والاستقرار النفسى من برامج رعاية صحية ومنظومة تعليمية حدائق عامة ومتنزهات وغيرها من سبل الراحة.
لاحظت منذ وصولى وجود عدد من الجنسيات المختلفة تعيش على أرض الولايات المتحدة الأمريكية، وتنخرط فى الحياة السياسية والاقتصادية دون تفرقة أو تمييز، فكان أحد مخاوفى الأساسية عقب إخطارى بالسفر يتلعق بوجود اضطهاد دينى باعتبارى مسلمة وهو ما لم أشعر به خلال الـ 20 يوما.
تضمنت الزيارة قضاء يوم مع أسرة أمريكية للتعرف على ثقافتهم وعاداتهم اليومية ودار حوارنا حول حبهم الشديد لبلدهم ودافعهم الأساسى وراء انتخاب الرئيس الأمريكى الحالى دونالد ترامب ورغبة بإقامة ثورة صناعية بالولايات المتحدة الأمريكية وتصدير العلامة التجارية made in USA لمختلف دول العالم، فكان الملاحظ ندرة وجود صنع فى امريكا على المنتجات الصناعية.
أما الشق الاقتصادى للزيارة فتمثل فى لقاء مجموعة من المسئولين فى وزارة الخارجية الأمريكية وسيناتور، وأساتذة جامعة معنيين بالشأن الاقتصادى، بالإضافة إلى جمعيات متخصصة لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة ورجال اعمال فى القطاع الخاص، للتعرف على التغيرات فى الاقتصاد العالمى، وعلاقة الولايات المتحدة الأمريكية الاقتصادية مع الدول الـ 25 المشاركة بالبرنامج.
وكان بطبيعة الحال لمصر النصيب الأكبر فى محاور اسئلتى مع كبار المسئولين هناك خاصة عقب زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى الأخيرة للولايات المتحدة الأمريكية مع المجموعة الاقتصادية والتى تطرقت إلى بدء المباحثات مع الجانب الأمريكى لتوقيع اتفاقية تجارة حرة مع الولايات المتحدة الأمريكية.
وجاءت الإجابة عكس كل التوقعات أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تنوى توقيع اتفاقية تجارة حرة خلال الفترة الحالية مع اى دولة خاصة انها لا تتسق مع سياسات الإدارة الأمريكية الحالية والتى لا تؤمن بسياسات السوق الحر.
واضاف بعض المسئولين فى حديثهم معى أن أمريكا تواجه مشكلة حاليا فى توقيع اتفاقية التجارة الحرة «النافتا» وهى اتفاقية تجارة حرة ثلاثية بين «الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمكسيك» وهناك مساعٍ من قبل بعض المسئولين الحكوميين رفيعو المستوى إلى توقيع تلك الاتفاقية قبل إجراء الانتخابات المكسيكية خلال العام المقبل.
وحدد المسئولون مجموعة من المعايير التى يتوجب توافرها فى أى دولة لضمان ضخ استثمارات أمريكية بها وجاءت فى توافر الديمقراطية، والأمان، واستراتيجيات الدول لتحقيق معدلات النمو سنويا، وتوافر حوافز للمسثمرين الأجنبى تضمن له حرية التخارج من أى أسواق استثمارية دون أية منازعات قضائية، وهى الدول قليلة المخاطر.
وأكد المسئولون أن أى دولة تتوافر فيها تلك الحوافز تتجه اليها الاستثمارات الأمريكية فورا وضربوا امثلة على ذلك بدول تركيا والدانمارك ونيوزيلندا والتى وصفوها بأنها دول قليلة المخاطر.
وكان من ضمن برنامج « الاقتصاد العالمى » التعرف على النظام الفيدرالى الأمريكى و ضمانه استقلالية كل ولاية عن الولاية الأخرى فى ادارة شئونها الاقتصادية و فى فرض الضرائب على المنتجات، و بالفعل ضرائب المبيعات فى تكساس تختلف عن سان فرانسيسكو و مختلفة عن نظيرتها فى الولايات الأخرى.
و كل ولاية يجب عليها وضع استراتيجية تنمية واضحة تعتمد على خفض نسب البطالة و زيادة معدلات النمو و جذب عدد من الاستثمارات لها سنويا، فعلى سبيل المثال تواجه ولاية شيكاغو ارتفاعا فى معدلات البطالة، و تعكف على وضع برامج للحد منها و توفير فرص عمل، بينما على العكس معدلات البطالة فى ولاية سان فرانسيسكو تقل عن 3%.
و من المثير للدهشة ان بعض الولايات وضعت برامج تأهيل « للمشردين » لضمان تأهيليهم و لتوفير مساكن لهم، فولاية سان فرانسيسكو تنفق سنويا نحو 300 مليون دولار لتأهيل المشردين و تقنين أوضاعهم.
و فى نهاية الزيارة خطرت ببالى مجموعة من الاسئلة لماذا لا تقوم وزارة الخارجية المصرية بتبنى برامج تبادل ثقافى كبرنامج الزائر الدولى و الذى تتبناه وزارة الخارجية الأمريكية للتعرف على التغييرات الاقتصادية و ابرز الأماكن السياحية بمصر؟، لماذا لانهتم بوضع برامج تنموية لكل محافظة بجدول زمنى لتطوير و استغلال موارد كل محافظة؟