يبدو أن الاقتصاد العالمى الذى أصبح بحالة جيدة فى طريقه نحو تسجيل عام من النمو الأسرع والأكثر ثباتاً بعد ارتفاعه بأسرع وتيرة فى عامين خلال الربع الثانى من 2017.
وذكرت وكالة أنباء “بلومبرج” أن التوسع تأثر بتعافى اليابان ومنطقة اليورو المتقاعسين منذ فترة طويلة.
ونقلت الوكالة عن بعض الاقتصاديين أن المكاسب تبدو مستدامة لأنها لم تولد الكثير من التجاوزات التى كثيراً ما تبشر بالانكماش.
وقال تورستن سلوك، كبير الاقتصاديين الدوليين فى شركة “ديوتشيه بنك”، إن الاقتصاد العالمى فى وضع أفضل مما كان عليه منذ عدة سنوات، خاصة أننا لا نرى ما سيكون سبباً فى حدوث الركود.
ووصف هذا النمو بأنه سيناريو “إيجابى” بالنسبة للمستثمرين فى سوق الأوراق المالية مع الانتعاش الاقتصادى القوى بما فيه الكفاية لتوليد أرباح للشركات ولكنه ليس سريعاً بما يكفى لدفع انتعاش سريع فى التضخم وأسعار الفائدة.
وقد ارتفع مؤشر “مورجان ستانلى كابيتال إنترناشيونال” لأسهم الاقتصادات الناشئة والمتقدمة خلال الخمسة أرباع الماضية وهى أطول مكاسب فى الأرباح منذ الأزمة المالية العالمية.
ومن المتوقع أن يرتفع الناتج المحلى الإجمالى العالمى بنسبة 3.4% خلال 2017 و3.5% فى 2018 وفقاً لتوقعات الاقتصاديين الذين شملتهم الدراسة الاستقصائية التى أجرتها وكالة “بلومبرج”.
ورغم أن هذه النسبة تنخفض عن نسبة 4% المقدرة فى الماضى، إلا أنها ستظل تمثل تسارعاً واضحاً مقارنة بالعام الماضى الذى بلغ معدل نموه 3.1%.
وقال موريس أوبستفيلد، كبير الاقتصاديين بصندوق النقد الدولى، فى مقال نُشر مؤخراً إن البيانات الأخيرة تشير إلى أكبر ازدهار شهده الاقتصاد العالمى فى العقد الماضى.
أضاف أن النمو التجارى العالمى ارتفع أيضاً حيث يتوقع أن ينمو حجم الأرباح بشكل أسرع من الإنتاج العالمى فى العامين المقبلين.
وأشارت الوكالة إلى أن عملية الانتعاش دفعها التعافى فى أوروبا واليابان وهما اقتصادان كانا ينظر إليهما حتى وقت قريب أنهما يتخلفان عن النمو المستهدف.
وبعد سنوات من النمو الباهت بدأ اقتصاد منطقة اليورو فى بناء الزخم وسرعان ما توسع ليصل إلى 0.6% فى الربع الثانى وازداد بشكل متساوى فى المنطقة التى تضم 19 دولة عما كان عليه فى الماضى.
وسجلت هولندا أقوى البيانات خلال عقد من الزمان فى وقت قد تشهد إيطاليا التى عانت لفترة طويلة أفضل أداء منذ عام 2010 خلال العام الجارى.
ويعد هذا الأمر هو الخبر السار لرئيس البنك المركزى الأوروبى ماريو دراجى، الذى يود التأكد من رسوخ الانتعاش قبل أن يقلص سياسة التحفيز.
يأتى ذلك فى الوقت الذى لاتزال فيه مستويات التضخم أقل من هدف البنك المركزى الأوروبى، ولكن هناك القليل من الدلائل على تحقيق مكاسب كبيرة في الأجور حتى الآن.
وأدت الزيادة السنوية البالغة 4% فى الناتج المحلى الإجمالى اليابانى فى الربع الثاني إلى وضع الدولة بمكانة غير متوقعة على قمة قائمة النمو فى مجموعة الاقتصادات الصناعية السبع.
وساعد الطلب المحلى الأقوى خلال السنوات الماضية فى دفع الناتج المحلى الإجمالى اليابانى إلى النمو للربع السادس على التوالى وهو ما يرفع الآمال فى تحقيق انتعاش مستدام.
وقال كاثى ماتسوى، كبير الاستراتيجين فى “جولدمان ساكس”: “لقد بدأنا للتو نرى المزيد من الأدلة المقنعة على أن الطلب المحلى يتزايد فى النهاية”.
ورغم أن القوة غير المتوقعة فى أوروبا واليابان توفر الوقود للارتفاع العالمى، فإن مصير التوسع فى نهاية المطاف يعتمد على أداء أكبر اقتصادين بالعالم، الولايات المتحدة والصين.
وفى الأسبوع الماضى رفع “جى بى مورجان” توقعاته للنمو فى الولايات المتحدة الربع الثالث إلى 2.25% سنوياً من 1.75%.
وجاءت هذه الخطوة عقب صدور أخبار عن ارتفاع قوى غير متوقع فى مبيعات التجزئة خلال يوليو الماضى وارتفاع الناتج المحلى الإجمالى بنسبة 2.6% فى الربع الثانى.
جاء ذلك فى الوقت الذى انتشر فيه المتسوقون بمتاجر التجزئة والمتاجر والمطاعم ومتعهدى السيارات الشهر الماضى مما أدى إلى زيادة المبيعات بنسبة 0.6% وهى النسبة الأكبر منذ بداية العام.
وقال مارك زاندى، كبير الاقتصاديين فى “موديز أناليتيكس” فى تقريرها الاقتصادى الشهرى: “لأول مرة خلال فترة التوسع التى استمرت ثمانى سنوات لا توجد عوائق خطيرة أمام النمو”.
أضاف أن المستهلكون يستفيدون من سوق العمل القوى والميزانيات الصحية الجيدة بينما تتمتع الشركات بإحياء الأرباح فى وقت تقلصت فيه المخاطر التى تتعرض لها الولايات المتحدة من الخارج مع تعزيز النمو العالمى.