عمرو الجارحى وزير المالية فى حوار لـ«البورصة»:
برنامج جديد للسندات الدولية بقيمة 10 مليارات دولار
دراسة طرح سندات بالعملة الأوروبية بقيمة 1.5 مليار يورو نهاية نوفمبر
14 مليارات دوﻻر حجم الفجوة التمويلية بنهاية العام المالى الجارى
بحث معالجة الضريبة على الأرباح الرأسمالية للشركات غير المقيدة فى البورصة
لا زيادة جديدة فى أسعار المحروقات خلال العام المالى الحالى
التحول إلى برنامج التنمية الاقتصادية عقب انتهاء برنامج الإصلاح
ارتفاع الحد الأقصى للعجز المستهدف إلى 9.5% بدلاً من 9.1% بسبب زيادة الفائدة
قريباً.. نظام مبسط للمشروعات الصغيرة والمتوسطة وضريبة قطعية لضمها للاقتصاد الرسمى
نحتاج لتطوير وتعميق الصناعة لزيادة الصادرات التى لا تعبر عن تقدم الاقتصاد
تخطط وزارة المالية لصياغة برنامج جديد لإصدار السندات الدولارية الدولية بقيمة 10 مليارات دوﻻر، بعد استهلاك نسبة كبيرة من البرنامج المدرج فى بورصة لوكسمبورج.
وقال وزير المالية عمرو الجارحى، فى حوار لـ«البورصة» إن برنامجاً جديداً لطروحات السندات الدولارية الدولية تتم صياغة بقيمة 10 مليارات دوﻻر فى ظل التوجه نحو بإصدار سندات دولارية بالأسواق الدولية.
وتمتلك الحكومة المصرية برنامجاً لإصدار السندات الدولارية الدولية فى بورصة لوكسمبورج بقيمة 10 مليارات دوﻻر تم استهلاك 1.5 مليار دوﻻر فى عام 2015 علاوة على 7 مليارات دوﻻرات العام الحالي.
أضاف الوزير، أن السندات الدولية يتم اللجوء إليها سعياً لتنويع مصادر التمويل فى ظل الالتزامات الخارجية والقدرة على سدادها، وقياس الفرق بين أسعار الفائدة الداخلية والخارجية وتكلفتها، فيما لم نقرر بعد الاعتماد على الصكوك كأداة تمويلية.
بحسب الوزير، لم تكن الأسواق الدولية لترحب بإصدار السندات المصرية قبل خطوة تحرير سعر الصرف فى 3 نوفمبر الماضي، فى حين دفع هذا الإجراء دوائر الاستثمار لتقديم طلبات اكتتاب فى سندات بقيمة 7 مليارات دولار فاقت 25 مليار دولار، كما تراجع عائد الفائدة على آجال السندات المصرية المطروحة بنسب تتراوح بين 1.2 إلى 1.7% منذ يناير الماضى.
وبلغت قيمة اكتتابات الأجانب فى أدوات الدين الحكومي، منذ تحرير سعر الصرف حتى اﻷسبوع الجارى 16.5 مليار دوﻻر، وتوقع الوزير تحقيق قرابة 20 مليار دوﻻر بنهاية العام.
وأضاف أن وزارة المالية ستدرس خلال الأسبوعين المقبلين تحديد التوقيتات الزمنية المناسبة لإصدار سندات باليورو، ورجح إتمام الطرح قبل نهاية نوفمبر المقبل، بقيمة تصل إلى 1.5 مليار يورو، عقب الحصول على موافقة مجلس الوزراء على برنامج اﻹصدار.
وأضاف «سيتم بحث البنوك المشاركة فى عملية الطرح، وإن كانت الكفة تميل للبنوك الأوروبية، للمساعدة فى عملية التسويق عند الاتجاه إلى السوق الأوروبى».
وقال الجارحى «حال الاستقرار على طرح سندات اليورو بنهاية نوفمبر، سيتم إرجاء الإصدار الدولارى إلى فبراير المقبل، بقيمة تتراوح بين 3 و4 مليارات دوﻻر، نظراً لعدم إمكانية طرح السندين فى توقيت واحد».
واعتبر تنشيط السوق الثانوى للسندات أحد أدوات تخفيض تكلفة الدين، فى ظل النشاط الذى يتمتع به سوق أذون الخزانة، عبر تداولها بين البنوك وبعضها البعض، وهو ما يفتقده سوق السندات الذى يحتاج إلى دخول متعاملين أكبر.
وكشف الجارحى، أن الحكومة تستهدف، بعد انتهاء برنامج الاصلاح اﻻقتصادى المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي، التحول من إصلاح اقتصادى إلى نمو الاقتصاد والتنمية، وشدد على أنه لا تراجع عن تطبيق البرنامج الحالى للإصلاح.
وقال وزير المالية: «منذ قرابة 30 عاما نتحدث عن الاصلاح الاقتصادي، لكن الفرق حاليا إننا نتعامل مع الملفات المتروكة منذ فترات زمنية طويلة دون معالجتها وأدت إلى تردى قطاعات كثيرة».
وأوضح أن الإصلاحات الاقتصادية تؤسس لوضع اقتصادى على أسس منضبطة، ومنها الدعم الذى كان يتم التعامل معه بدون كفاءة، ومنحه لكل المواطنين دون تمييز، كما هو الحال فى علاج الاختلالات فى دعم الطاقة، وكانت خزانة الدولة تدعم ملاك السيارات الفارهة بمبالغ كبيرة، وأدى ذلك لعدم وصول الدعم لمستحقيه.
وشدد الوزير، على عدم رفع أسعار المواد البترولية مجدداً خلال السنة المالية الحالية، فى ضوء المعطيات المتمثلة فى أسعار البترول، إذا أن التوقعات الحالية للأسعار تتماشى مع المدرج بالموازنة العامة للدولة.
وقدرت وزارة المالية متوسط سعر برميل البترول فى موازنة العام المالى الجارى بنحو 55 دولاراً، وخصصت 110 مليارات جنيه دعماً للمواد البترولية.
على جانب آخر، أشار وزير المالية إلى أنه عند معالجة اﻻقتصاد فإننا نعمل على خلق إيرادات كبيرة ومن ثم تكون أهداف السياسة المالية والنقدية تشجيع اﻻستثمار، وهو ما يتعارض بالفعل مع زيادة أسعار الفائدة، إلا أن هذه الزيادة ستكون لفترة مؤقتة لحين انخفاض معدلات التضخم، قبل أن تبدأ أسعار الفائدة فى التراجع تدريجياً.
وقال الجارحى: «نعمل على تعزيز البنود الإيرادية بأشكالها المختلفة المتمثلة فى الضرائب والإيرادات الأخرى وعوائد أرباح الشركات مع ضبط اﻻنفاق لخلق حيز مالي، يمكن الوزارة من اﻻنفاق على النواحى الإنتاجية بالموازنة العامة وليست الاستهلاكية».
وبالنسبة لعجز الموازنة، قال الوزير، إن الفوائد تستهلك قرابة 400 مليار جنيه من إجمالى مصروفات سنوية بقيمة 1.2 تريليون جنيه، ومن ثم فإن علاجاً مثل هذه اﻻمور يأتى بشكل تدريجى وضبط الايقاع الاقتصادى بشكل يحقق معدلات نمو مستدامة تبلغ 6 و6.5% لفترات طويلة، مع التحكم فى المديونية، مما يقلل من معدلات العجز بالموازنة.
وقال إن حجم العجز الأولى منذ عام 2011 وحتى العام المالى الماضى بلغ 540 مليار جنيه دون احتساب المديونية وبفرض أن حجم المديونية كانت فى حدود 1.4 تريليون جنيه وبإضافة تلك الفوائد وتأثير العملة نصل لحجم المديونية الحالية.
والعجز الأولى هو الفرق بين الإيرادات العامة والمصروفات العامة بدون احتساب الفوائد.
ويبلغ حجم الدين العام 102% من الناتج المحلى الحالى، الذى يقدر بـ3 تريليونات جنيه.
وأشار إلى أن خدمة الدين والعجز الأولى تسارع من وتيرة الزيادة بالعجز الكلى، والذى بلغت نسبته خلال الأعوام المالية 2010-2011 وحتى 2014-2015 ما بين 11 إلى 13% من الناتج المحلى الإجمالي، فيما كان مرشحاً لبلوغ 16% فى حالة غياب المنح والمساعدات العربية بالعام المالى 2013-2014.
وذكر الجارحى، أن الوزارة تعمل على اﻻنتهاء من العجز الأولى مع تحقيق فائض يساهم فى سداد جزء من الفوائد دون اﻻقتراض لسداد خدمة الدين والعجز الأولى.
وأضاف أن التقديرات فى بداية برنامج الإصلاح الاقتصادى للفجوة التمويلية كانت تتراوح بين 34 و35 مليار دوﻻر، بينما نستهدف خلال العام المالى الجارى فجوة تتراوح بين 12 و14 مليار دوﻻر.
وأضاف أن العمل حاليا يتم من خلال إجراء إصلاحات نقدية ومالية وهيكلية واقتصادية لإحداث تنمية على أطر ومساحات مختلفة ومتنوعة تساهم فى تطوير اﻻقتصاد الحقيقي، إذ يتميز الاقتصادى المصرى بتنوعه ووجود سوق استهلاكى كبير.
وأضاف أن الاهتمام ينصب أيضاً على التنمية البشرية بمستوياتها المختلفة وتطوير منظومة التعليم بشكل تدريجى بمعايير دولية.
وقال إن الإصلاحات الهيكلية من شأنها وضع اﻻقتصاد على مسار سليم، عبر التعامل مع السياسات النقدية دون استهداف سعر محدد للدوﻻر، كما كان يحدث بالماضى عندما تم تثبيت الجنيه أمام الدوﻻر لإثبات قوة الاقتصاد، وهو الفكر الذى ثبت عدم صحته.
وذكر أن سعر العملة لا يجوز استهدافه وإنما يعكس النواحى اﻻقتصادى ونموها، ومن ثم فإن النمو على مستوى كل قطاع اقتصادى يقلل الاعتماد على اﻻستيراد، كما يمثل نمو القطاعين الزراعى والصناعى زيادة فى فرص التصدير علاوة على القطاع السياحى باستثناء اﻷحداث التى جرت فى الفترة الأخيرة.
وشدد الجارحى، على أهمية القطاع السياحى، من عدة نواحى نظراً لكثافته التشغيلية وكونه مصدراً مهماً للعملة الأجنبية، وقال: «قبل الثورة كانت أعداد السائحين ما بين 10 إلى 14 مليون سائح سنوياً، تراجعت إلى 3.5 مليون سائح بنهاية العام الماضي، ولولا الأحداث التى مرت بالبلاد لوصل عدد السائحين إلى 20 مليون سائح، ومن ثم خلق طلب أكبر وتحسين المعادلة السعرية على اعتبار أنه يساهم فى نمو صناعات متعددة ويؤدى إلى زيادة معدلات التشغيل».
وأشار إلى أن التراجع فى أعداد السائحين أثر على قطاعات أخرى كالمتاحف والمناطق الأثرية التى كانت تحقق إيرادات مرتفعة بتكاليف منخفضة، بينما تغيرت هذه المعادلة حالياً.
وقال الجارحى، إن صرف الشريحة الثانية من برنامج صندوق النقد الدولى يرتبط بتحقيق المستهدفات المالية خلال فترة المراجعة وأهداف المختلفة للبنك المركزى وبرنامج الإصلاح الاقتصادى يسير بشكل سليم.
ووقعت مصر على برنامج تمويلى مع صندوق النقد الدولى بقيمة 12 مليار دوﻻر بنهاية أغسطس من العام السابق على مدار 3 سنوات يتضمن تنفيذ برنامج إصلاحى على المستويين المالى والنقدى، وصرفت مصر 4 مليارات دوﻻر خلال العام الماضى بعد تحرير سعر الصرف فى 3 نوفمبر ورفع أسعار المحروقات.
وفقا للوزير، لا يمكن قياس مستهدفات عجز الموازنة خلال 3 أو 4 شهور، وإنما يجرى التعامل معه على مدار العام بالكامل، لما يتسم به من ديناميكية، قد نحقق الأهداف خلال فترة من العام ولا نحققها فى فترات أخرى طبقاً للمعطيات الاقتصادية.
وقال الجارحى: بشكل عام نستهدف تحقيق عجز كلى بنسبة 9 إلى 9.5% بنهاية العام المالى الجارى.
وبذلك يكون وزير المالية قد رفع الحد الأقصى للعجز المستهدف، الذى كان مقدراً بـ9.1%، فى ظل التأثيرات السلبية للسياسة النقدية المتبعة للتعامل مع التضخم، وارتفاع سعر الفائدة مما يؤدى إلى زيادة الفوائد على المستهدف بالموازنة.
وقدرت الموازنة العامة للدولة للعام المالى مخصصات الفوائد بنحو 380 مليار جنيه.
أشار الجارحى إلى أن المجلس التنسيقى بين السياسة النقدية والمالية يعد أحد أدوات الربط بين السياسيتين، ونتواجد بشكل مستمر فى حوارات ونقاشات دائمة ونتفهم دور البنك المركزى فى استهداف التضخم.
أضاف أنه فى الوضع الحالى، يستهدف البنك المركزى خفض معدلات التضخم التى تراجعت معدلاته إلى 1.1% شهرياً بنهاية أغسطس، وتوقع الجارحى تحقيق 15% معدل تضخم سنوى مع نهاية يونيو المقبل.
ووفقاً للجارحى، ستنتهى وزارة المالية من الحساب الختامى لموازنة العام المالى الماضى أواخر سبتمبر وإرساله إلى البرلمان لمناقشته، بعجز كلى متوقع 10.8% من الناتج المحلى، علاوة على 1.8% عجزاً أولياً.
وأضاف أن تقديم طلب بفتح اعتماد إضافى بموازنة العام السابق سيكون وفقاً لبنود الموازنة العامة على جانب المصروفات.
ووصف الجارحى استجابة القطاعات اﻻقتصادية والاستثمارية للإجراءات الإصلاحية الأخيرة بالجيدة، وبدأت تجنى ثمارها من خلال المناقشات مع المستثمرين وأصحاب الأعمال وانطباعهم، فرغم أن مصر لاتزال دون مستوى 50 نقطة على مؤشر مديرى المشتريات، إلا أن هناك بوادر تحسن فى عدد من القطاعات ومنها القطاع الغذائى والصناعي، وخلق فرص جديدة للتصدير وزيادة تنافسيتها فى الأسواق الخارجية، بجانب تعافى القطاع السياحى.
وقال الوزير: «معدلات التصدير الحالية، البالغة 20 مليار دوﻻر، لا تعكس أى نوع من التقدم، لذا نحتاج إلى تطوير القطاع الصناعى وتعميقه بشكل أكبر وخاصة أن جزءاً كبيراً من مستلزمات الصناعة التى يتم تصديرها مستورد من الخارج».
وتابع الجارحي: «قبل تحرير سعر الصرف وفى ظل الاختلالات التى كان يعانى منها الاقتصاد، كان من الصعب أن نجرى محادثة تليفونية مع المستثمرين ودعوتهم لضخ أموالهم فى مصر، بينما حاليا عندما أجرى مؤتمراً عبر الهاتف يحضره نحو 150 مستثمراً».
وفسر الوزير تركز الاستثمار الأجنبى المباشر خلال العامين الماضيين فى قطاع البترول، حيث عانت البلاد فى 3 سنوات الأخيرة من مشكلة فى عدم توافر العملة الأجنبية، بعد أحداث الطائرة الروسية، بينما قبل هذا الحادث كانت الأزمة تمكن فى اتخاذ إجراءات إدارية تحجم صرف المستحقات وتمنع تحويلات الأرباح، مما كان يؤدى إلى قلق المستثمرين.
وكشف الجارحى، أن الوزارة تدرس «جيداً» إمكانية تعديل الأرباح الرأسمالية على الشركات غير المقيدة فى البورصة، والتى تبلغ نسبتها 22.5% حاليا، لكن لم نتخذ قراراً بشأنه بعد.
وبحسب الوزير، تدرس الحكومة وضع نظام مبسط للمشروعات الصغيرة والمتوسطة يتضمن سداد ضريبة قطعية، بناء على حجم النشاط اﻻقتصادى ليكتسب الشرعية الكاملة فى التعاملات وتقديم الخدمات وتحويله للاقتصاد الرسمى.
وتعتزم وزارة المالية التقدم بعدد من مشروعات القوانين إلى مجلس النواب فى دور الانعقاد المقبل، منها قانون الإجراءات الضريبية الموحد، والجمارك، والنظام المبسط للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، والتأمين الصحي، والمناقصات والمزيدات.
وحول الضمانات المالية التى تمنحها الوزارة للمشروعات الاستثمارية، قال الجارحى إن الوزارة تمنح ضماناتها للمشروعات اﻻستراتيجية فى قطاعات الكهرباء والنقل والسكك الحديدية للتعجيل بتنفيذها والتأكد من قدرتها على توليد إيرادات وتغطية التكلفة المالية والمديونية، كما هو الحال فى القطار المكهرب الذى سيصل إلى العاصمة الادارية الجديدة.
ووجه الجارحى، رسالة إلى المؤتمر اﻻقتصادى اليورومني، وقال إن مصر جاهزة للاستثمار والأوضاع المالية تتحسن بشكل كبير، وفرص اﻻستثمار جاذبة للغاية، فى ظل سوق كبير وارتفاع نسب التشغيل وتوافر العمالة والقدرة على التنافسية، ونتطلع إلى جذب مستثمرين فى قطاعات مختلقة.