قد نختلف على الإجراءات التى تبدو صحيحة من وجهة نظرى، لكن من غير الممكن الاختلاف حول أهمية وجود مشروعات طبية كبيرة فى سوق يعانى نقصاً حاداً لخدمات آمنة، رغم امتلاكه الكفاءات العلمية.
مجموعة أطباء شرعوا فى إنشاء مستشفى فى الفيوم؛ لرفع كفاءة الخدمة الطبية، والترويج لسياحة علاجية فى إحدى المحافظات السياحية المهمة فى مصر، مستغلين تقارب السائح من المستشفى، ورخص أسعار العلاج فى مصر، مقارنة بأسواق أخرى متقدمة، جمعوا أموالاً من بعضهم وبدأوا الترويج للمشروع فى دائرة معارفهم، ونجحوا فى تأسيس شركة برأسمال 60 مليون جنيه.
من ثم تحولوا إلى مواقع التواصل الاجتماعى لاستكمال التكلفة الاستثمارية للمشروع البالغة 360 مليون جنيه، وأسسوا موقعاً يتابع خطوات تقدم المشروع.
أقل من ساعة من القاهرة، فى طريقى لمحافظة الفيوم أتساءل حول الفكرة، وآلية الترويج للاكتتاب، وطرق التخارج، ودور بنوك الاستثمار فى مثل هذه المشروعات المهمة للاقتصاد المصرى كونها تولد من العدم، وترفع كفاءة خدمة طبية أو توجدها فى الأساس، فضلاً عن فرص عمل تخلقها، وتوجيه المدخرات نحو الاستثمار بعيداً عن أوعية الدخل الثابت والعقارات التى امتصت الجزء الأعظم من مدخرات المصريين، ولم تخلق القيمة المضافة المرجوة، رغم ضخامة الاستثمار؛ حيث إن معظمها مخزون لأجيال لم تر النور بعد أو حتى أبويها لم يُقدر مولِدُهم.
اهتمامات بنوك الاستثمار فى مصر ترتبط أكثر بعمليات الدمج والاستحواذ والطروحات فى البورصة، والتى تغير هيكل المساهمين وقليلاً ما تخلق كيانات جديدة، فحتى الأسماء والعملاء لدى بنوك الاستثمار متكررون.
أحجام المشروعات الجديدة قد لا تصل إلى موضع اهتمام بنوك الاستثمار الكبيرة، لكن أهميتها للاقتصاد يؤكد وجود فرصة يجب اقتناصها عبر بنوك استثمار يكون هدفها تنظيم الأفكار مالياً، والترويج لها لجمع تمويلات سواء عبر البورصة أو خارج جدرانها والتى لم تشهد تأسيس شركات عبر الطرح العام منذ مطلع الألفية الثالثة.
لا يمكن أن يقتصر هدف بنوك الاستثمار على أنشطة الاستحواذات والاندماجات والطروحات العامة فى البورصة فقط، رعاية الاكتتابات الخاصة لمشروعات جادة هدف وفرصة أكبر، وتخلق قاعدة أكبر وترفع معدلات الشمول المالى.
مشروع مستشفى الفيوم كانت كل الأطراف حاضرة؛ المؤسسين، والمكتتبين، والتراخيص، لكنَّ بنوك الاستثمار ظلت غائبة..!