مستقبل غامض لمبادرات البنك المركزى بعد توصيات صندوق النقد الدولى


»عامر«: «من المبكر الحديث عن توصيات الصندوق خلال الوقت الراهن»
»عبدالحميد«: »المركزى« لم يتواصل معنا لإجراء تعديلات على مبادرة تنشيط قطاع التمويل العقارى
»السويفى«: تخلى المركزى عن دعم تلك البرامج يضغط على الجهات الحكومية التى تساعد على تنفيذها
»جامع«: الجهاز لديه القدرة على متابعة وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة حال تم تكليفه رسمياً

 

تضمنت الوثائق التى أصدرها صندوق النقد الدولى، نهاية الشهر الماضى، توصيات من فريق صندوق النقد الدولى للبنك المركزى بإيقاف الممارسات الخاصة ببرامج الإقراض ذات الفائدة المنخفضة «التمويل العقارى، الصغيرة والمتوسطة»، أو تمويلها من الموازنة العامة للدولة، مرجعاً ذلك إلى أنها تقوض فعالية السياسة النقدية.
وقال صندوق النقد الدولى، إن البنك المركزى قرر خفض إجمالى حجم القروض الجديدة منخفضة الفائدة، خلال العام المالى الحالى، لتصل 31 مليار جنيه، مشيراً إلى أن المركزى سيقدم القروض إلى البنوك فى المقام الأول لدعم السيولة على المدى القصير، لكنه يعتزم الحفاظ على برامج الإقراض المدعومة إلى البنوك التجارية لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة والبرامج العقارية للأسر ذات الدخل المنخفض.
وتبلغ أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض لدى البنك المركزى بعد رفعها 700 نقطة أساس منذ نوفمبر 2016، حوالى 18.75% للإقراض و19.75% للإيداع، وأن معدلات إقراض البنوك للمشروعات تتخطى تلك النسبة بنحو 5%.
وأثارت توصيات صندوق النقد الدولى تساؤلاً حول مستقبل مبادرتى التمويل العقارى والمشروعات الصغيرة والمتوسطة واللتين أطلقهما المركزى خلال السنوات الماضية.
لكنَّ طارق عامر، محافظ البنك المركزى قال لـ«بنوك وتمويل»، إنه من المبكر الحديث عن ذلك الأمر خلال الوقت الراهن.
ويرى محللون ومصرفيون، أن انسحاب البنك المركزى من دعم البرامج ذات الفائدة المنخفضة، يضغط على الجهات الحكومية التى تعمل مع البنوك لدعم تلك المشروعات، كصندوق التمويل العقارى، وجهاز المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر.
وقالوا إن صندوق النقد الدولى ينظر بطريقة صحيحة بالنسبة إلى السياسة النقدية، وإن الفائدة المنخفضة التى يحصل عليها عدد من المشروعات بخلاف الأخرى لها تأثيرات سلبية، لكنَّ مصر فى حاجة لدعم تلك المشروعات الصغيرة والمتوسطة؛ نظراً إلى مساهمتها فى النمو الاقتصادى.
من جانبها، قالت مى عبدالحميد، المدير التنفيذى لصندوق تمويل الإسكان الاجتماعى، رئيس مجلس إدارة صندوق ضمان ودعم نشاط التمويل العقارى، إن البنك المركزى لم يتواصل معهم بشأن ذلك القرار أو إصدار تعليمات جديدة خاصة بمبادرة تنشيط قطاع التمويل العقارى.
أضافت أن حجم التمويلات المتاحة ضمن المبادرة يصل 20 مليار جنيه، منها 10 مليارات فى المرحلة الأولى التى بدأت خلال عام 2014.
أوضحت »عبدالحميد«، أن حجم الإنفاق ضمن المبادرة تجاوز 9 مليارات جنيه لتمويل الفائزين بوحدات مشروع الإسكان الاجتماعى لمحدودى الدخل.
وأطلق البنك المركزى المصرى عام 2014 مبادرة بقيمة 10 مليارات جنيه لتنشيط قطاع التمويل العقارى بفائدة 7% لمحدودى الدخل، و8% لمتوسطى الدخل، ويبلغ الحد الأقصى لقيمة الوحدات الممولة ضمن المبادرة 950 ألف جنيه بفائدة 10.5%.
وقالت «مشروع الإسكان الاجتماعى يهدف إلى توفير وحدات بآلية ميسرة لمحدودى الدخل، ويعتمد على التمويل العقارى لمراعاة دخول المواطنين، ولا يمكن تخصيص الوحدات من خلال السداد الفورى؛ منعاً للمتاجرة بين السماسرة».
أضافت أن صندوق التمويل العقارى يجهز لإطلاق المرحلة الثانية من مبادرة البنك المركزى لتنشيط قطاع التمويل العقارى بقيمة 10 مليارات جنيه، خلال العام المقبل، بعد ارتفاع معدلات التمويلات بالمرحلة الأولى.
وتتضمن خطة الصندوق زيادة عدد ملفات العملاء التى يتم تمويلهم شهرياً من البنوك المشاركة فى المبادرة لتتجاوز 10 آلاف وحدة، مقابل من 6 إلى 7 آلاف خلال العام الماضى.
وأشارت »عبدالحميد« إلى أن الصندوق يحتاج مبالغ قيمتها تتراوح بين مليار ومليار ونصف المليار سنوياً لدعم الفائزين بوحدات مشروع «المليون»، وستوفر الموارد من خلال صندوق الإسكان الاجتماعى الذى أنشئ لتوفير التمويل اللازم لتنفيذ المشروع.
وأظهرت بيانات صندوق التمويل العقارى ارتفاع حجم التمويلات ضمن مبادرة «المركزى». وبلغت التمويلات فى عام 2014 حوالى 154 مليوناً مقدمة لـ2795 عميلاً من خلال 7 بنوك وارتفعت فى 2015 إلى 1.1 مليار لـ14 ألف عميل من 12 بنكاً، ثم 3.5 مليار فى 2016 لحوالى 42 ألف عميل من خلال 14 بنكاً لتصل إلى 8.5 مليار حتى الآن من خلال 17 بنكاً وشركتى تمويل عقارى.
وترى رضوى السويفى، أنه حال انسحاب البنك المركزى من مبادرة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، سيكون جهاز المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر التابع لوزارة التجارة والصناعة البديل؛ لأنه يعد جهة حكومية تقوم بالتنسيق مع البنوك، وعلى دراية بسوق المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
لكن »السويفى« توقعت أن يكون تسيير المبادرة على عاتق الجهاز حملاً ثقيلاً، وسيغير طريقة تعويض البنوك عن الاحتياطى الإلزامى والذى يعفيها البنك المركزى لقروض المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وذكرت »السويفى«، أن ذلك قد يؤثر على اهتمام البنوك بتمويل تلك القطاعات، ما سيحد من الوصول إلى النسبة الإلزامية من حجم المحفظة والتى طبقها عليها البنك المركزى، خاصة مع ارتفاع مخاطرها نسبياً.
وقال مصدر فى البنك الزراعى المصرى، إن فصل التمويل المدعم عن حسابات الاحتياطى سيدعم بنوك مثل الزراعى المصرى الذى يضمن نسبة الاحتياطى الإلزامى لديه فى عملية إعادة الهيكلة.
أضاف المصدر، أن القطاع الزراعى يُعامل بفائدة مميزة، وتتحمل فارق الدعم وزارة المالية، لذلك لن تتأثر التسهيلات الائتمانية للزراعات الأساسية، لكن سرعة إجراء المقاصة وصرف القيم المستحقة سيكون الفيصل فى استمرار المبادرة من عدمه.
وقالت محلل بقطاع البنوك بأحد بنوك الاستثمار، إن عدداً من البنوك التجارية والأجنبية الكبرى فى مصر كانت مساهمتها منخفضة فى مبادرات المشروعات الصغيرة والمتوسطة مبادرة التمويل العقارى بخلاف مشاركة بنوك القطاع العام الكبيرة.
وأضاف أن صندوق النقد الدولى ينظر بشكل صحيح بالنسبة للفائدة المنخفضة التى يحصل عليها عدد من المشروعات بخلاف المشروعات الأخري، إلا أنه فى دولة كمصر فإن قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة كبير، ويعد مساهماً قوياً فى النمو الاقتصادي، مسبتعداً أن يتم تمويل تلك البرامج عن طريق الموازنة العامة للدولة؛ حتى لا تؤثر على مستهدفات الحكومة بالنسبة لعجز الموازنة.
وقال مصدر مسئول بأحد البنوك الحكومية، إنهم لم يتسلموا أى تعليمات جديدة خاصة بتقليل التمويلات ضمن مبادرة المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
ويرى المصدر، أن توصية صندوق النقد الدولى للبنك المركزى صحيحة لرؤيته السلبية على السياسة النقدية، وذلك فى ظل أن الهدف من تمويل تلك المشروعات كان فى الأساس خلال الفترة الماضية هو دعم النمو الاقتصادى فى البلاد، لكنَّ الفترة الحالية تتطلب العمل بسياسة نقدية محددة لتقليل معدلات التضخم وتحقيق برنامج الإصلاح.
واستبعد المصدر، أن يتم إلغاء المبادرات التى أطلقها البنك المركزى، لكنه قال إن توسعات البنوك فى الإقراض ضمن تلك المبادرات تسير بشكل بطىء؛ بفضل تعليمات المنح المنضبطة التى والشروط المطلوبة.
وأضاف المصدر، أن الفائدة المنخفضة التى تمنحها البنوك لم يكن لها تأثيرات سلبية على البنوك؛ لأن البنك المركزى أعفى تلك التمويلات من الاحتياطى الإلزامى، وأنها تعد دون تكلفة بالنسبة للبنوك.
وقالت نيفين جامع، رئيس جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، إن الجهاز لديه القدرة على متابعة وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة سواء من خلال فروعه أو من خلال البنوك المتعاقد معها فى حال تم تكليفه رسمياً ليكون بديلاً لدعم البنك المركزى.
أوضحت »جامع«، أن الجهاز يعتمد على التمويلات الخارجية التى يحصل عليها من مؤسسات التمويل الدولى، وذلك بعيداً عن موازنة الدولة؛ لإعادة ضخ التمويلات الخارجية فى المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر والمتوسطة بفائدة مدعومة نسبياً عند 10% متناقصة للعميل النهائى.
وذكرت »جامع”، أن الجهاز حصل على تمويلات من الوكالة الفرنسية، والبنك الدولى، ومؤسسة التمويل الدولية، وصندوق النقد العربى، بخلاف تمويل آخر حصلت عليه من دول الأوبك بقيمة 40 مليون دولار.
وأشارت إلى أن الصندوق يعمل على التأكد من وصول القروض المدعمة لمستحقيها من خلال تجزئة القرض على دفعات لا تُصرف سوى بعد تلقى تقارير المتابعة المشتركة للمشروعات التى تم تمويلها خلال الفترة المتفق عليها لصرفها.

لمتابعة الاخبار اولا بأول اضغط للاشتراك فى النسخة الورقية او الالكترونية من جريدة البورصة

منطقة إعلانية



نرشح لك


https://alborsanews.com/2017/10/22/1059253