عضو بمجلس إدارة غرفة: كل مدبغة تتحمل 90 ألف جنيه شهريًا لنقل العمال
مدير مشروع المدينة: تشطيب 1008 وحدات سكنية للعمال بمدينة بدر
عامل لـ«البورصة»: «بيتى اللى فيه أكل عيشى.. لو نقلوا للصعيد مش هتأخر»
مر قرابة شهرين على نقل وزارة التجارة والصناعة، المرحلة الأولى من مدابغ مصر القديمة الكائنة بعين الصيرة إلى منطقة الروبيكى فى مدينة بدر الصناعية، بهدف إقامة مدينة متكاملة لدباغة الجلود وحماية البيئة من مخلفات مجرى العيون.
وانتهت إدارات 4 مدابغ هى «المنتزة»، و«الرواد»، و«الإيمان»، و«راضى» من نقل وحداتها من مجرى العيون إلى الروبيكى، وبدأت الإنتاج الفعلى بالمدينة، من ضمن 12 مدبغة نقلت خلال المرحلة الأولى، فى حين تعمل باقى المدابغ على الانتهاء من تركيب الماكينات والمعدات لبدء العمل قبل نهاية العام الحالي.
كما انتهت شركة القاهرة للاستثمار والتطوير العمرانى والصناعي، بالتعاون مع هيئة المشروعات الصناعية والتعدينية، التابعة لوزارة التجارة والصناعة، من تخصيص 70 وحدة لمدابغ مصر القديمة حتى الآن، على أن يتم النقل تباعًا من مصر القديمة إلى الروبيكى خلال المرحلة المقبلة.
ورصدت «البورصة» فى جولة بالمدينة، أهم العوائق التى واجهها أصحاب المدابغ، وتمثلت فى عدم توافر وسائل مواصلات من وإلى المدينة، وهو ما دفع أصحاب المدابغ إلى تأجير أتوبيسات لنقل العمال يوميًا.
كما أبدت مدابغ تضررها من ارتفاع تكلفة توصيل عدادات الغاز، بالإضافة إلى تخوفها من عدم تحمل الصرف الصحى الذى أنشئ منذ 13 عامًا، كميات المياه الناتجة عن عمليات الدباغة.
قال حمدى حرب، عضو مجلس إدارة غرفة دباغة الجلود باتحاد الصناعات، رئيس مجلس إدارة شركة مدبغة المنتزه، إن خطوة نقل المدابغ من منطقة مصر القديمة إلى مدينة الروبيكى للجلود، بمثابة تاريخ ميلاد جديد للدباغة فى مصر.
وأضاف: «يجب أن تجتمع وزارة التجارة والصناعة، مع المدابغ التى بدأت التشغيل والإنتاج الفعلى بالروبيكي، وتحل المشاكل التى واجهتهم على أرض الواقع».
وأوضح أن غرفة دباغة الجلود لا تطالب بجميع حقوق المدابغ من الوزارة، ولا توجد دفعة قوية من ناحيتهم تجاه مصلحة القطاع.
وأشار إلى أن عدم وجود وسائل نقل ومطاعم بالمدينة أو بالقرب منها، يعد أحد أهم العوائق التى تواجه مستثمرى الروبيكي، موضحًا أن أصحاب المدابغ يشترون وجبات للعمال من مدينة بدر أو العاشر من رمضان على بعد 10 كيلو مترات من المدينة.
أضاف: «يتكفل صاحب كل مدبغة بتوفير أتوبيسات لنقل العمال، على نفقته الخاصة، بسبب عدم وجود وسائل للمواصلات تربط مدينة بدر بالقاهرة، وهو ما يكلف كل مدبغة نحو 90 ألف جنيه شهريا».
كما طالب وزارة التجارة والصناعة، بتوفير شقق سكنية للعمال قبل نقل جميع المدابغ لتوفير وسائل الراحة لهم، مشيرًا إلى أن أجور العمالة ارتفعت بنسب متفاوتة بعد النقل إلى الروبيكى لتعويض العمال عن المعاناة التى يتحملونها فى ظل هذه الظروف.
وكان مجلس الوزراء برئاسة المهندس شريف إسماعيل، تعهد قبل عامين بالبدء فى إنشاء عدد من الوحدات السكنية لعمال المدابغ قبل البدء الفعلى فى النقل للروبيكى، ورغم بدء عملية النقل إلا أنه لم يتم بناء الوحدات السكنية.
وقال مسعد عبدالفتاح، مدير مشروع مدينة الروبيكى للجلود، إن جهاز مدينة بدر يشرف حاليًا على إنشاء 1008 وحدات سكنية فى مرحلة التشطيبات النهائية حاليًا، على أن يتم الانتهاء منها خلال الربع الأول من العام المقبل، تمهيدًا لتسليمها لعمال المدابغ.
أضاف: «سيتم دفع 25 ألف جنيه مقدم لكل وحدة سكنية سيتحملها صاحب المدبغة، على أن يتم تحديد الأقساط والإيجار الشهرى لاحقًا»، مشيرًا إلى أن العامل المتزوج سيحصل على وحدة سكنية، وكل 4 عمال غير متزوجين، سيشتركون فى وحدة.
وقال أيمن أحمد، مدير مدبغة شركة الإيمان بالروبيكي، إنه إذا قامت وزارة التجارة والصناعة بحل مشكلة عدم توافر مواصلات ومطاعم، ستكون مدينة الروبيكى مثالية، فبعض العمال يرغبون فى عدم الإقامة بالوحدات السكنية التى سيتم تخصيصها لهم بمدينة بدر، ويفضلون استخدام المواصلات من وإلى العمل يوميًا.
وأكد حسن الجباس، مدير مدبغة الرواد بالروبيكي، أن الجهات المعنية قد تبدأ فى توفير خطوط أتوبيسات من القاهرة إلى مدينة الروبيكى بداية العام المقبل على أقصى تقدير، وتقوم الشركة حاليًا بالتعاقد مع أتوبيسات لنقل العمال مقابل مبلغ يتراوح ما بين 50 و60 ألف جنيه شهريًا.
وقال حسن أحمد، عامل بمدبغة الإيمان فى مصر القديمة، إنه كان يرفض عملية النقل من مصر القديمة إلى الروبيكي، نظراً لقرب المدابغ القديمة من مقر سكنه، إذ يصل زمن الوصول إليها لـ 10 دقائق، مقابل أكثر من 3 ساعات حاليًا.
وأضاف: «استسلمت للأمر للواقع.. بيتى اللى فيه أكل عيشي.. لو المدابغ راحت الصعيد مش هتأخر وهروح اشتغل، أعمل فى الدباغة منذ 20 عامًا منذ أن كنت فى السادسة عشر».
وأضاف: «ما ينقصنا هو توفير سكن لأسرتنا لنصبح أكثر راحة نفسية، بدلًا من الخروج من المنزل فى السابعة صباحًا، لنستقل الأتوبيس الذى توفره الشركة، ونستمر فى العمل حتى الخامسة، ومن ثم استقلال أتوبيس العودة لندخل منزلنا فى السابعة مساء».
وعاد حمدى حرب، عضو مجلس إدارة غرفة دباغة الجلود باتحاد الصناعات، رئيس مجلس إدارة شركة مدبغة المنتزه، ليقول إن المدابغ ترفض توصيل عدادات الغاز نظراً لارتفاع تكلفتها، واستخدام أنابيب الغاز عوضًا منذ بداية التشغيل بالروبيكي، إذ تطالب وزارة البترول بمبلغ يتراوح بين 200 و500 ألف جنيه.
وأوضح أن المدابغ غير قادرة على تحمل تلك التكلفة، لاسيما بعد أن تم تحصيل نحو 400 ألف جنيه من المدابغ لتوصيل عداد كهرباء، وهو ما دفعهم لرفع شكوى إلى وزارة التجارة والصناعة، التى أبلغتهم بأن وزارتى الكهرباء والبترول هما المعنيتان بتلك الملفات.
وأضاف: «على الجهات الحكومية التعاون مع أصحاب المدابغ لأن الروبيكى هى نواة للمدن الصناعية المتخصصة فى مصر.. فكيف تتحمّل المدابغ كل تلك التكاليف عند إنشاء مصنع جديد.. تلك القرارات تدفعنا للإغلاق قبل أن نبدأ العمل الفعلى».
ورد عليه مسعد عبدالفتاح، مدير مشروع مدينة الروبيكى للجلود، قائلاً إن ارتفاع أسعار قيمة إدخال عدادات الكهرباء والبترول ليس مسئولية المدينة، وإنما وزارتى الكهرباء والبترول، إذ يقتصر دور المدينة على توصيل الشبكة الداخلية الغاز والكهرباء حتى باب الوحدة.
أضاف حرب، أن الصرف الصحى بالمدينة لن يتحمل كميات المياه الناتجة عن المدابغ، إذ يعد قطاع دباغة الجلود أحد أكثر القطاعات استخدامًا للمياه، لاسيما وأن عملية إنشاء الصرف الصحى بالمدينة تمت منذ نحو 13 عامًا.
ولفت إلى أنه على القائمين على المدينة تعديل الصرف الصحى ليستوعب حجم المياه الناتج عن عملية الدباغة من عشرات المدابغ، وإلا ستتحول الروبيكى إلى «منطقة مجرى العيون» جديدة.
أما مسعد عبدالفتاح، مدير مشروع مدينة الروبيكى للجلود، فعاد ليرد، موضحاً إن التعديلات على خطوط الصرف الصحى تتطلب هدم وإنشاء المدينة من جديد، كما أن الشركة التى أشرفت على المشروع أعدت دراسة الجدوى وفقًا لمعدلات استهلاك المدابغ من المياه.
وقال حرب، الذى يشغل عضوية غرفة دباغة الجلود باتحاد الصناعات، إن المدبغة التى يملكها تعمل بنحو 15% من طاقتها الإنتاجية على أن تبدأ العمل بشكل كامل بنهاية الربع الأول من العام المقبل عقب تركيب جميع الماكينات والمعدات.
وأشار إلى أن الشركة تصدر نحو 70% من طاقتها الإنتاجية، ويتم توريد باقى الإنتاج إلى السوق المحلي.
وحول الاتهامات التى يوجهها العاملون بقطاع صناعة الجلود للمدابغ، وتصدير معظم الإنتاج، تحدث قائلا: «مصانع المنتجات الجلدية تشترى الجلود بالأجل على 3 سنوات، فضلًا عن اعتمادها على شراء الجلود الصناعية والمنتجات تامة الصنع المسستوردة ذات المكسب السريع، إذ اشترت 116 مليون زوج أحذية العام الماضي، وهو ما يدل على عزوفها عن شراء الجلد الطبيعي».
وكانت غرفة صناعة الجلود باتحاد الصناعات، قد طالبت وزارة التجارة والصناعة بوقف تصدير الجلود إلا فى مراحلها النهائية للتقليل من تصدير الجلود فى مراحلها الأولية، مما يؤدى إلى معاناة الصناع فى الحصول على الجلود لمصانع القطاع.
وقال أيمن أحمد، مدير مدبغة شركة الإيمان بالروبيكي، إن الطاقة الإنتاجية للمدبغة ارتفعت بنسبة 50% عقب الانتقال من منطقة مجرى العيون إلى الروبيكى قبل شهرين.
وأضاف أن تلك الزيادة، موجهة لشراء ماكينات ومعدات جديدة والتوسعة والتنظيم، فضلًا عن أن البيئة مؤهلة للعمل والإنتاج بشكل أفضل جودة وأسرع، إذ تبلغ مساحة المدبغة 6 آلاف متر.
ووافقه الرأي، حسن أحمد، عامل بالمدبغة قائلا: «النقل للروبيكى ساعد المدابغ على إنتاج جلود مرتفعة الجودة، واستخدام ماكينات ذات تكنولوجيا أفضل وقليلة الأعطال، فضلًا عن اتساع المكان، مما يجعل العامل أكثر راحة أثناء العمل».
وقال أيمن أحمد، مدير مدبغة شركة الإيمان بالروبيكى، إن الشركة رفعت أجور العمال بنسبة 50% لتعويضهم عن بُعد موقع العمل وزيادة عدد ساعات التشغيل التى تُستهلك فى المواصلات من وإلى المدينة.
ولفت إلى أن الشركة تصدر 50% من طاقتها الإنتاجية إلى إيطاليا وإسبانيا والصين وتايوان، فى حين تورّد نصف إنتاجها المتبقى إلى القوات المسلحة.
وتسعى الشركة، لمضاعفة صادراتها بنهاية العام المقبل بالتزامن مع مضاعفة الإنتاج.
وقال حسن الجباس، مدير مدبغة الرواد، إنه يحلم بالانتقال إلى الروبيكى منذ أن كان طفلًا، موضحا ان الانتقال للمدينة ساعدهم على دخول المنافسة عالميًا، واستخدام تكنولوجيا أحدث فى الماكينات.
وطالب القائمين على مدينة الروبيكى بتكثيف التواجد الأمنى فى المدينة، والتعاقد مع شركات نظافة، مشيرا إلى أن المدبغة قد تتعاقد على المواد الخام من الجلود من إثيوبيا أو الصين خلال المرحلة المقبلة، لنقص الجلود فى السوق المحلى وارتفاع أسعارها.
وقال: «ينبغى أن تكون مدينة الروبيكى فى مراحلها المقبلة متخصصة فى الصناعات الجلدية من المادة الخام وحتى المنتج النهائي، مؤكدًا ضرورة فتح الباب أمام المستثمرين الأجانب لتأسيس مصانع بالمدينة».
وخالفه الرأي، أيمن أحمد، مدير مدبغة شركة الإيمان، الذى يطالب وزارة التجارة والصناعة بعدم فتح الباب أمام المستثمرين للحصول على أراض بمدينة الروبيكى إلا بعد نقل جميع مدابغ مصر القديمة، وحصول المدابغ على المساحات الزائدة التى طالبوا بها.
كانت هيئة المشروعات الصناعية والتعدينية، التابعة لوزارة التجارة والصناعة، قد ألغت الأسبوع الماضي، المزاد العلنى الذى كان مقرراً عقده على 6 قطع أراض بالمرحلة الثانية من مدينة الروبيكى بسبب عدم اكتمال النصاب القانونى
