الوكالة: يمكن تخفيض النظرة المستقبلية حال تعطل خطة الحكومة لتخفيض الدين الحكومى
التضخم يسجل 20% فى المتوسط.. والنمو 4.3% خلال العام المالى الحالى
قوانين الاستثمار والتراخيص الصناعية تدعم تحسين بيئة العمل وزيادة الاستثمارات
قانون الغاز الجديد يعزز النمو الاقتصادى.. ويدعم القدرة التنافسية لقطاع الطاقة
السخط الاجتماعى من الفئات الفقيرة نتيجة ارتفاع تكاليف المعيشة يشكل خطراً على برنامج الإصلاح
تكاليف الفائدة على الحكومة زادت 30%.. ودعم الوقود ارتفع 38% لضعف العملة وارتفاع أسعار النفط
رفعت مؤسسة التصنيف الائتمانى «ستاندرد آند بورز» نظرتها المستقبلية للاقتصاد المصرى من مستقر إلى إيجابي، مع إبقائها على التصنيف الائتمانى عند B-/B.
وأرجعت المؤسسة تعديل نظرتها لمصر، إلى ارتفاع النمو الاقتصادى بالتوازى مع الإصلاحات الطموحة التى يدعمها برنامج مصر مع صندوق النقد الدولي، والذى بموجبه تحصل مصر على 12 مليار دولار على مدار ثلاث سنوات.
وقالت فى تقرير حصلت «البورصة» على نسخة منه، إن النظرة الإيجابية لمصر تعكس احتمالات اتجاه المؤسسة لرفع تصنيف مصر الائتمانى خلال السنة المقبلة.
ورهنت المؤسسة رفع تصنيف مصر الائتمانى إلى إستمرار تنفيذ الإصلاحات الهيكلية لدعم الاستثمار ونمو الناتج المحلي، وتراجع نقاط الضعف الخارجية، وإحراز تقدم فى تحسين فعالية الإطار النقدي، معتمداً فى ذلك على انخفاض التضخم من المستويات الحالية؛ ما يمكن البنك المركزى مع مرور الوقت من تحديد أسعار الفائدة بحرية أكبر، للتأثير على الطلب والأسعار.
وذكرت أنها يمكن أن تخفض النظرة إلى مستقرة مرة أخرى، حال تعطل خطة مصر لتخفيض الدين الحكومى تدريجياً بسبب الانكماش المالى أو ارتفاع تكاليف الاقتراض أو انخفاض قيمة العملة أكثر مما كان متوقعاً أو إذا انخفضت مستويات احتياطى النقد الأجنبى بشكل كبير، وتفاقم البيئة الأمنية، ما يعيق الانتعاش فى الاستثمار والسياحة.
وأضافت أنه بالرغم من رفع النظرة المستقبلية، إلا أن تصنيفها على المدى الطويل لمصر يبقى عند «B-/B»؛ ما يعكس عجزاً كبيراً فى المالية العامة والوضع الخارجى، وارتفاع الدين العام، وانخفاض مستويات الدخل.
وقالت ستاندرد آند بورز، إن تحرير سعر صرف الجنيه أدى إلى الحد من نقص العملة الأجنبية، وعزز القدرة التنافسية للصناعات التحويلية والسياحة، وزيادة احتياطيات مصر من العملات الأجنبية.
وأضاف أن تحرير سعر الصرف ساهم أيضاً فى ارتفاع التضخم، ويعد السبب الرئيسى فى ارتفاع الأسعار، والذى يسبق تخفيض دعم الطاقة والتدابير الضريبية الجديدة.
وترى المؤسسة أن التأثيرات على الأسعار ستكون مؤقتة، وأن التضخم سينخفض تدريجيا على مدى السنوات القليلة القادمة، على الرغم من أن ذلك يتوقف على تطورات أسعار الصرف.
وتوقعت أن يصل متوسط تضخم أسعار المستهلكين خلال العام المالى الحالى نحو 20%، على أن ينخفض إلى 13% العام المالى المقبل.
وتتوقع «ستاندرد آند بورز»، أن يؤدى المزيد من الإصلاحات الاقتصادية والمالية الجارية إلى تعزيز الثقة فى الأعمال التجارية والحفاظ على تدفقات رؤوس المال إلى السوق.
وقالت إن العجز المالى المرتفع الذى بلغ متوسطه نحو 12% من الناتج المحلى الإجمالى خلال السنوات الخمس الماضية، يعكس النفقات الجارية الكبيرة، بما فى ذلك دعم الطاقة والأجور وارتفاع تكاليف الفائدة.
ويتوقع التقرير أن ينخفض العجز فى الموازنة إلى 10% خلال العام المالى الحالى مقارنة بمحقق 10.9% العام المالى المالي، على أن يواصل تراجعه ليسجل 9% العام المالى المقبل.
وأضافت مؤسسة التصنيف الائتمانى أن تكاليف الاقتراض ودعم الوقود ارتفعت خلال العام الماضي؛ بسبب انخفاض قيمة العملة عما كان متوقعاً، بما يقارب 50% منذ نوفمبر 2016، وارتفاع سعر الفائدة 700 نقطة أساس.
وأشار إلى أنه نتيجة تحرير أسعار الصرف ورفع الفائدة على الكوريدور، ارتفع الدين الحكومى بشكل مطرد، حيث بلغ ذروته عند 103% من الناتج المحلى الإجمالى بنهاية السنة المالية الماضية،
وتابعت: «على الرغم من المسار التنازلى المتوقع فى العجز المالى ومستويات الديون، مازلنا نتوقع أن تظل نسب الدين إلى الناتج المحلى الإجمالى ونسبة الفائدة إلى الإيرادات مرتفعة جدا، وستظل هذه العوامل حساسة ﻷى تحركات فى أسعار الصرف سواء هبوطاً أو ارتفاعاً».
وترى ستاندرد آند بورز أن النمو الاقتصادى سيتعافى خلال السنوات المالية 2017-2022، متوقعة أن يصل النمو 4.3% العام المالى الحالي، و4.5% العام المالى المقبل.
وقالت إن نمو الناتج المحلى بنسبة 4.2% العام المالى الماضي، جاء مدعوماً بالنشاط الاقتصادى وزيادة الاستثمار العام والخاص «الأجنبى إلى حد كبير» وتحسين الصادرات الصافية، متوقعة أن يسرع معدل النمو على مدى السنوات المالية 2018-2020 إلى 4.4%.
وأضافت أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة القوية، وتحويلات المصريين العاملين بالخارج، وتراجع عجز الطاقة مع التطورات الجديدة لإنتاج الغاز الطبيعى من حقل ظهر ستدعم آفاق النمو وتحسن الوضع الخارجي.
وأشارت إلى أن الإنفاق الحالى على البنية التحتية، فى المنطقة الاقتصادية الجديدة فى قناة السويس، والعاصمة الإدارية الجديدة، وتوسيع شبكة الطرق الوطنية، يساعد على استمرار النمو فى قطاع الإنشاءات.
وقال التقرير إن التدابير التشريعية الأخيرة لتحسين بيئة العمل فى مصر تدعم زيادة الاستثمارات، المتمثلة فى قانون التراخيص الصناعية الجديد وقانون الاستثمار الجديد وحوافز ضريبية وغير ضريبية للمناطق الاقتصادية المستهدفة والصناعات مثل الطاقة المتجددة.
وأضاف أن تطبيق قانون الغاز الطبيعى الجديد، يعزز النمو الاقتصادى، ويدعم القدرة التنافسية لقطاع الطاقة من خلال السماح للقطاع الخاص بتوريد الغاز مباشرة إلى المستخدمين النهائيين، ويساهم فى دعم المنافسة مع الشركة المملوكة للدولة.
وذكر أن تحرير سوق الغاز، إلى جانب سداد المتأخرات المستحقة لشركات النفط؛ يتيح مزيداً من الاستثمار فى قطاع الغاز ويساهم فى تخفيف النقص فى الوقود.
وترى المؤسسة أن هناك عوامل ستظل تؤثر على الطلب المحلى على المدى القريب، خاصة السياسة النقدية المتشددة وارتفاع التضخم، وتدابير ضبط أوضاع المالية العامة.
وتتوقع ستاندرد آند بورز، أن يستمر الاستقرار السياسى فى ظل حكم الرئيس عبدالفتاح السيسي، قائلة «لا نتوقع حدوث اضطرابات كبيرة أو تغييرات فى السياسات فى الفترة التى ستسبق الانتخابات الرئاسية فى مطلع عام 2018، ومع ذلك، فإن البيئة الاجتماعية والسياسية فى مصر لا تزال هشة».
وقالت إن السخط الاجتماعي، لا سيما من الفئات الفقيرة نتيجة ارتفاع تكاليف المعيشة، يشكل خطراً على برنامج الإصلاح الاقتصادي، مع تسجيل البطالة حوالى 12% ومعدل التضخم 30% فى الأشهر الأخيرة.
وتابعت: «نحن نعتقد أن الحوادث الإرهابية المحتملة التى تؤثر على المدنيين أو السياح يمكن أن تؤثر بشكل كبير على الانتعاش فى السياحة وإضعاف معنويات المستثمرين».
وقالت مؤسسة التصنيف الائتماني، إن تحرير سعر الصرف وتراجع قيمة الجنيه إلى حوالى 18 جنيها للدولار الواحد، عزز ثقة المستثمرين؛ ما أدى إلى زيادة كبيرة فى تدفقات رؤوس الأموال، وارتفاع الاستثمارات فى أدوات الدين الحكومى والسندات الدولارية التى طرحتها مصر.
وأضافت أن تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر تعافت لتصل إلى ما يقرب من 8 مليارات أمريكى تمثل 3.4% من الناتج المحلى الإجمالى، مع توجيه معظم الاستثمارات نحو قطاع الطاقة.
وأوضح التقرير أن الوضع المالى استفاد من الإصلاحات فى إطار برنامج صندوق النقد الدولي، والتى تمثلت فى إدخال ضريبة القيمة المضافة، وإصلاحات الدعم، وإصلاحات الأجور الحكومية، إلا أن الانخفاض الكبير فى قيمة العملة والسياسة النقدية المتشددة فرضا أثرا سلبياً على الوضع المالي.
وأشارت إلى أن تكاليف الفائدة زادت على الحكومة بنسبة 30% تقريبا على أساس سنوى على خلفية ارتفاع أسعار الفائدة فى البنك المركزي، فى حين ارتفع دعم الوقود بنسبة 38% تقريبا نتيجة ضعف العملة وارتفاع أسعار النفط.
وتتوقع المؤسسة أن ينخفض العجز الكلى إلى 8.2% من الناتج المحلى الإجمالى بحلول العام المالى 2020 وأن يصل فى المتوسط 9.1% على مدى السنوات المالية 2018-2020.
وقالت إن انخفاض العجز يأتى مدعوماً من تدابير خفض الدعم المستمر للوقود وتعديل تعريفة الكهرباء واحتواء فاتورة أجور الخدمة المدنية، متوقعة أن ترتفع الإيرادات الضريبية خلال العام المالى الحالى بفضل رفع ضريبة القيمة المضافة إلى 14% بدلاً من 13%.
وقالت إن ارتفاع الدين الحكومى إلى مستوى 103% من الناتج المحلى الإجمالي، يرجع جزئيا إلى إعادة تقييم دين العملة الأجنبية الناجمة عن تحركات العملات، متوقعة أن تنخفض مستويات الدين الحكومى تدريجيا بسبب تراجع العجز المالى لتصل إلى 93% من الناتج المحلى الإجمالى بحلول نهاية السنة المالية 2020، على أن ينخفض إلى حوالى 85% بحلول نهاية العام المالى 2020.
وتابعت: «توقعاتنا المتحفظة مقابل توقعات الحكومة وصندوق النقد الدولى تستند إلى توقعات أقل للنمو وبالتالى انخفاض الإيرادات، فضلا عن توقعاتنا ببعض الانكماش المالي، ونتوقع أن تظل النفقات العامة كبيرة، وتعكس توقعاتنا الخاصة بالديون افتراضنا أن سعر الصرف الاسمى لن ينخفض بشكل حاد مقابل الدولار فى السنوات المالية 2019 و2020».
وذكرت أن الدين الخارجى الحكومى الدين بالعملة الأجنبية لايزال منخفضا، ليبلغ حاليا نحو 15% من الناتج المحلى الإجمالى وقرابة 18% من مجموع الدين الحكومي، مشيرة إلى أنه على الرغم من العجز المالى الكبير، إلا أن الدين المحلى سيرتفع، لكن البنوك والبنك المركزى لا يزالون يحتفظون بحصة كبيرة من الدين المحلى الحكومي، والقطاع المصرفى لديه سيولة كبيرة.
وقالت ستاندرد آند بورز، إن الحكومة تعكف على تعديل قانون القطاع المصرفى لزيادة شفافية واستقلالية البنك المركزي، ووضع حدوداً على التمويل النقدي.
وترى إن التضخم سينخفض بداية من نوفمبر الحالى، وذلك على أساس سنوي، متوقعة أن ينخفض التضخم تدريجيا ليصل إلى 11% بحلول نهاية السنة المالية 2020، بالنظر إلى التدابير المالية الجارية.
وتوقع التقرير أن يخفض البنك المركزى المصرى اسعار الفائدة بشكل طفيف بداية العام المقبل، بسبب تباطؤ نمو الاستهلاك الخاص وارتفاع عبء الدين الحكومي.
وقالت إن سياسة سعر الصرف المرن لا تزال تواجه تحديا بسبب انخفاض انتشار الخدمات المالية فى الاقتصاد، وضعف رصيد الائتمان المصرفى للقطاع الخاص المحلى، الذى يقدر بأقل من 30% من الناتج المحلى الإجمالى فى السنة المالية 2017، مشيرة إلى أن التغييرات الخارجية على التضخم من قبل عوامل خارجية – مثل التضخم الناتج عن انخفاض الجنيه- لها تأثير أكبر من التغيرات فى أسعار الفائدة الرئيسية بالبنك المركزى.