روسيا تهيمن على سوق القمح العالمى


سنوات الحصاد الوفير تخفض الأسعار وتجذب المشترين حول العالم

 

تسيطر روسيا التى تعد مصدراً رئيسياً للبترول الخام منذ عقود، على سلعة عالمية حاسمة أخرى وهى القمح، إذ زاد إنتاجها فى السنوات الأخيرة بسبب ظروف النمو الجيدة التى أدت إلى تعزيز أرباح المزارعين، وهو ما سمح لهم بإعادة الاستثمار فى بذور ومعدات أفضل.

وذكرت وكالة أنباء «بلومبرج»، إن انخفاض أسعار البترول أدى إلى تراجع العملة المحلية الروبل، وهو ما دفع المشترين فى الخارج نحو زيادة وارداتهم من القمح الروسى.

وتفوقت روسيا على أكبر منافساتها فى تصدير القمح ومنهم الولايات المتحدة، وهذا يعد موضع ترحيب خاص لروسيا، لأنها تحاول خفض اعتمادها على الواردات الزراعية بعد حظر استيراد بعض الأطعمة الغربية ردا على العقوبات المفروضة على ضم شبه جزيرة القرم، وتساءلت «بلومبرج» عن الدول التى تشترى القمح الروسى، إذ كشفت البيانات أن ما يقرب من نصف دول العالم، تستورد القمح من موسكو.

وأشارت إلى أن عدداً من أكبر المشترين، يقع على بعد مسافة قصيرة فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لكن الطلب البعيد يأتى من دول منها المكسيك وإندونيسيا، وتعد مصر أكبر زبائن روسيا فى استيراد القمح، فى حين تأتى تركيا فى المرتبة الثانية وتستخدمه فى استخراج الدقيق، وبعد ذلك تصدره إلى مختلف دول العالم، وانتقلت الوكالة، للاستفسار عن سر انجذاب الأسواق نحو الحبوب الروسية، وكانت الإجابة، أن رخص أسعار القمح الروسى كانت السبب الرئيس فى اندفاع المستوردين نحوه.

ويعود الفضل فى انخفاض الأسعار، إلى سنوات من الحصاد الوفير، وطرق الشحن القصيرة لسواحل البحر الأسود، الذى يعد المحور الرئيسى لمعظم إمدادات روسيا إلى المشترين من الشرق الأوسط وأفريقيا.

وفى الآونة الأخيرة، كان فقر المحاصيل والحبوب من أمريكا الشمالية وأستراليا، السبب الرئيسى فى جعل القمح من هذه المناطق أقل جاذبية لبعض أسواقه التقليدية فى آسيا، مما فتح الباب أمام اندفاع صادرات القمح الروسى.

ورداً على سؤال الوكالة، عن الأسباب التى جعلت روسيا تتربع على عرش تصدير القمح، فإن صادرات القمح الروسى بدأت تزداد مطلع القرن الحالى بعد انتهاء عهد الاتحاد السوفيتى، والذى أفسح المجال للملكية الخاصة فى الحصول على المزارع، مما شجع المزارعين على الحصول على أحدث التقنيات الدولية.

وأصبح المزارعون فى روسيا، الآن، يستخدمون الجرارات التى صنعتها الشركات الأمريكية والألمانية لرش المبيدات فى مزارعهم. ومن خلال تقديم الدولة المساعدة يمكن أن تكون تكاليف المزارعين أقل من نصف تكاليف المنافسين الرئيسيين. وبالتالى يمكن لروسيا أن تبقى على الزراعة حتى فى أوقات انهيار الأسعار، وتساءلت «بلومبرج»: «ماذا تعنى الهيمنة الروسية بالنسبة للأسواق العالمية».

وقالت الوكالة، إن روسيا باعتبارها أكبر شاحن للقمح، توقعت أن ترتفع حصتها فى سوق التصدير، من أقل من 1% عام 2000 الى نحو 18% فى الموسم الحالى، وخلال هذه الفترة، انخفضت حصة الولايات المتحدة إلى النصف تقريباً.

وأوضحت الوكالة، أن اندفاع المحاصيل الروسية، أدى لحدوث فوضى عالمية، ودفع الأسعار فى شيكاغو إلى الانخفاض لأقل مستوى منذ ما يقرب من عقد من الزمان، وهو ما دفع المزارعين الأمريكيين إلى زراعة القمح الشتوى الأقل تكلفة العام الماضى.

وأشارت الوكالة إلى أن هيمنة روسيا على سوق القمح العالمى، يعطيها أيضاً القدرة على هز الأسواق العالمية، إذ ارتفعت الأسعار المرجعية بنسبة 50% تقريباً بعد أن حظرت روسيا الصادرات فى أعقاب موسم الجفاف عام 2010.

وبالنسبة للمستقبل، تساءلت الوكالة: «هل يمكن أن تواصل روسيا تشديد قبضتها على الصادرات»؟

وكانت الإجابة، أن الطقس قد يجعل روسيا تحتفظ بالمعدلات القياسية للحصاد ولكن هناك علامات على أن الموانئ والسكك الحديدية فى البلاد بدأت تضعف، بسبب الضغط الكبير من الصادرات، وبالإضافة إلى ذلك فإن روسيا تكافح من أجل هزيمة بعض المنافسين.

لكن «بلومبرج» أوضحت، أن الحبوب الروسية عادة لا تفى بمتطلبات الجودة الصارمة التى حددها المشترون الرئيسيون ومنها الجزائر، والمملكة العربية السعودية، فى وقت تسعى فيه البرازيل للشراء من الموردين داخل كتلة التجارة الحرة لبلدان المخروط الجنوبى (أى المناطق الواقعة فى أقصى جنوب أمريكا اللاتينية)،

ورغم ذلك، حققت روسيا تقدماً فى آسيا، لكن تكاليف الشحن المرتفعة من المرجح أن تحد من الكمية التى يتم إرسالها إلى هذه المنطقة.
لكن، هل يمكن أن تتكرر نجاحات روسيا مع المواد الغذائية الأخرى؟

إن روسيا، ستظل بعيدة عن المنافسة فى الأسواق العالمية للذرة والسكر واللحوم، إذا تعاملت معها بطريقة معالجة القمح نفسها، نظرا للتطور التكنولوجى فى التعامل مع هذه المحاصيل، وكشفت البيانات.

أن روسيا مكتفية ذاتيا فى إنتاج السكر فى الوقت الراهن، لكن تكاليف الإنتاج مرتفعة جداً بالنسبة للتصدير على نطاق واسع، وبالإضافة إلى ذلك، فإن روسيا ليست مجهزة للتعامل بشكل مناسب لشحنه فى حاويات بالطريقة المفضلة فى العالم لجلب السكر الأبيض، وتكافح موسكو للتنافس فى محصول الذرة، لأن الحكومة تحظر البذور المعدلة وراثيا والتى تجعل زراعة المحاصيل أكثر ربحية فى بلدان أخرى.

لمتابعة الاخبار اولا بأول اضغط للاشتراك فى النسخة الورقية او الالكترونية من جريدة البورصة

منطقة إعلانية

نرشح لك


https://alborsanews.com/2017/11/19/1065947