لجنة الصناعة بالبرلمان تترقب تسلم مشروع القانون نهاية الشهر
بمعرفة مكتب استشارى ألمانى، يجرى، حالياً، وضع اللمسات الأخيرة، على مشروع قانون استراتيجية صناعة السيارات، الذى طال انتظاره.
ولا تقتصر حالة الترقب، على العاملين والمتعاملين فى قطاع السيارات، وإنما تمتد إلى البرلمان الذى سيناقش مشروع القانون عقب تسلمه نهاية نوفمبر الحالى.
قال أحمد سمير، رئيس لجنة الصناعة بمجلس النواب، إن اللجنة تترقب إرسال الحكومة استراتيجية صناعة السيارات، الشهر الحالى.
وأضاف أن الحكومة كلفت أحد المكاتب العالمية الكبيرة، بإدخال بعض التعديلات على مشروع الاستراتيجية؛ لتعميق صناعة السيارات فى مصر، مع الاستفادة من تجارب الدول الأخرى فى هذا الصدد.
وكانت مصادر برلمانية، ذكرت لـ«البورصة»، أن القيادة السياسية اجتمعت بأحد مسئولى وزارة الصناعة السابقين؛ لشرح تفاصيل مشروع الاستراتيجية، وطالبته بوضع مذكرة تفصيلية بشأن مستقبل صناعة السيارات فى مصر مع ربطها بالاتفاقيات الدولية الموقعة.
وأعلن المهندس طارق قابيل، وزير التجارة والصناعة لـ«البورصة»، عقب افتتاحه مشروع تطوير مركز تدريب سيارات إمبابة بالشراكة مع مؤسسة غبور للتنمية، مطلع الأسبوع الحالى، أن استراتيجية صناعة السيارات ستخرج للنور أوائل 2018، مشيراً إلى أن المكتب الاستشارى الألمانى هو الذى يتولى صياغة المواد الاستراتيجية فى ضوء الملاحظات التى أبداها البرلمان و«الصناعة».
واعتمدت صياغة مشروع قانون استراتيجية صناعة السيارات، الذى أُعد من جانب العاملين بقطاع السيارات والجهات الحكومية المعنية بتلك الصناعة، على فرض رسوم تنمية «ضريبة تنمية الصناعة» على السيارات بنسبة 30% للسعات اللترية حتى 1600cc، و100% على السيارات من 1600cc حتى 2000cc، و135% على السيارات أكبر من 2000cc.
وتحفز الاستراتيجية المقترحة، صناعة السيارات ومكوناتها وتصديرها، من خلال إعفاء المنتج المحلى أو المستورد بما لا تزيد قيمته على الرسوم المقررة لتنمية الصناعة، وتشترط الاستراتيجية المرتقبة، تحقيق واحد على الأقل من 3 محاور.
المحور الأول هو «استراتيجية تعميق التصنيع المحلى»، والتى تعتمد على زيادة نسبة المكون المحلى فى تصنيع سيارات الركوب والنقل الجماعى للأفراد حتى 16 راكباً، خلال 8 سنوات، من 45% إلى 60% حسب خطة معتمدة، وزيادة نسبة المكون المحلى فى سيارات النقل الخفيف خلال 8 سنوات من 45% إلى 70%، كما سيتم إعفاء المنتج من ضريبة التنمية الصناعية إذا تحققت «استراتيجية زيادة الإنتاج»، وهذا المحور يشترط إنتاج 60 ألف سيارة سنوياً كالتزام استراتيجى حسب خطة معتمدة للسعات أقل من 1600cc، أما إنتاج سيارات ركوب أكبر من 1600cc، فحدها الأدنى 8 آلاف وحدة سنوياً كالتزام استراتيجى، وسيارات نصف النقل عند 50 ألف وحدة سنوياً.
وينص المحور الثالث، على إعفاء المنتج من ضريبة التنمية الصناعية، إذا تحققت «استراتيجية تحفيز التصدير»، وهى تشترط تصدير مكونات بقيمة تبدأ من 25% لتصل إلى 40% من إجمالى قيم الإنتاج المحلى للمصنع، أو من قيمة الاستيراد للشركات التى ليست لها مصانع محلية.
وبحسب رأفت مسروجة، رئيس الشركة الهندسية سابقاً، الرئيس الشرفى لمجلس معلومات سوق السيارات «أميك»، فإنه وفقاً لمعدل النمو المتوقع حتى 2024 من الممكن أن يستوعب سوق السيارات حوالى 340 ألف سيارة، منها 170 ألف وحدة منتج محلى، وتقسم هذه المنتجات المحلية بواقع 115 ألف سيارة ركوب ونقل جماعى و55 ألف سيارة «بيك أب».
وأوضح أن عدد المصانع العاملة، حالياً، فى إنتاج سيارات الركوب يبلغ 6 مصانع، فى حين أن عدد المصانع العاملة فى إنتاج سيارات الـ«بيك أب» يبلغ 4 مصانع فقط، ويبلغ متوسط نصيب إنتاج مصنع سيارات الركوب نحو 19170 سيارة، فى حين أن متوسط إنتاج مصنع سيارات الـ«بيك أب» نحو 13750 سيارة.
وحول تحفيز مصانع السيارات المحلية لزيادة حجم الإنتاج، قال إن الإنتاج المطلوب تحقيقه لا يستند إلى دراسات تسويقية رشيدة، ويمكن القول إن الاستراتيجية لم تأخذ فى اعتبارها سوى المصانع القائمة فعلاً، وليس من طموحاتها جذب مصانع جديدة.
وأرجع ذلك، إلى أن سوق السيارات فى مصر لن يستوعب أكثر من 200 ألف سيارة خلال العام الحالى، مع افتراض أن نصيب سيارات الإنتاج المحلى منها هو 100 ألف سيارة فى أفضل الأحوال.
قال «مسروجة»، إن مصنع سيارات الركوب الأكثر قدرة تسويقية لن يتعدى نصيبه فى المبيعات 40 ألف سيارة عام 2024، وبذلك فإن تحقيق إنتاج 60 ألف سيارة سنوياً غير منطقى.
كما أن مصنع سيارات النقل الخفيف الأكثر حظاً لن يتعدى نصيبه فى المبيعات 35 ألف سيارة فى العام نفسه، لذلك فإن إنتاج 50 سيارة سنوياً، أيضاً، غير منطقى.
وهذه الأرقام، تظهر عدم قدرة أى مصنع على تحقيق الإنتاج المستهدف فى الاستراتيجية، كما أن مشروع القانون لم ينص على دخول أى مصانع جديدة إلا إذا كانت مخصصة للتصدير فقط.
قال «مسروجة»، إن مبدأ التحفيز الذى تتبناه الاستراتيجية لا يصب فى صالح المستهلك، ويتم توجيهه إلى مصانع السيارات بعد تحقيق المستهدف، وعليه فإن فرضية استفادة المستهلك، وهو الطرف الأصيل فى معادلة الطلب، «ضرب من المستحيل»، بحسب وصفه.
وكشف أن التصدير من المصانع المحلية القائمة أو توكيلات السيارات ليس منتظراً، لأن الشركات الأم، باستثناء علامة تجارية واحدة، لم تمنح موافقات بهذا الخصوص، كما أن مصانع السيارات أو المصانع المغذية، لن تكون لها قدرة على المنافسة السعرية أو التكنولوجية إذا استمرت السياسة الحالية لتصنيع السيارات بوكالة من المصنع الأم، وليس بشراكة فعلية يكون للشركة الأم فيها الأغلبية.
وشدد «مسروجة»، على أن زيادة نسبة المكون المحلى على 45% تزيد من تكلفة الإنتاج وبالتالى ارتفاع الأسعار، كما ستكون له تأثيره السلبى على القدرة التصديرية للأسواق الخارجية؛ لأن زيادة المكون المحلى تتطلب أفضلية سعرية متميزة للمنافسة الجادة.
واستنكر «مسروجة»، الوصول بأسعار السيارات المنتجة محلياً إلى سعر تصديرها من الشركات الأم، حتى حال استخدام نسبة مكون محلى 45%.
وقال إن الحل الأمثل للتصدير، أن تقوم الشركات الأم بالتصنيع بنفسها فى مصانع داخل مناطق تجارة حرة على الأرض المصرية.
وحول جدوى آلية التحفيز وإنشاء صندوق دعم الصناعة، قال «مسروجة»: «لن يتم تحميل الضرائب الخاصة بتنمية وتطوير صناعة السيارات على تكلفة الإنتاج، ولن يتحملها المستهلك».
وأضاف: «يفترض فى مشروع القانون، أن تقوم المصانع أو المنشآت المشتركة فى البرنامج بدفع ضريبة تنمية الصناعة مقدماً بالقيم المحددة بالقانون، وهى أعلى مما ستسترده بتمام استيفائها متطلبات الخطة، ويؤول الباقى إلى خزانة الدولة، وأن تقوم المصانع والمنشآت المشتركة فى البرنامج بدفع ما قيمته 0.5% من قيمة المبيعات الإجمالية لصالح صندوق تنمية وتطوير صناعة المركبات والصناعات المغذية لها».
قال «مسروجة»، إن عملية التحفيز هى نوع من الأعباء التى يتحملها رجال صناعة المركبات ومستوردوها وتم تفريغها من محتواها، مضيفاً أن إنشاء صندوق تنمية وتطوير صناعة السيارات والصناعات المغذية هو إضافة سلبية لعملية محاولة التطوير، كونها عبئاً بيروقراطياً ومالياً معوقاً، وتكليف المصانع المحلية أو المستوردين بدفع ما قيمته نصف فى المائة من قيمة المبيعات إلى صندوق تنمية الصناعة لن يكون مقبولاً، إذ إن العائد على الصناعة لن يوفر إمكانية التطوير السريع المطلوب.
وطالب «مسروجة»، بإلغاء القواعد الخاصة بحماية المنتج المحلى كخطوة متقدمة فى الفكر الاستراتيجى للدولة، بما سيكون له تداعيات إيجابية فى المستقبل القريب، مع تخفيض الرسوم الجمركية لتصبح 10%، وهى خطوة إيجابية فى صالح الدولة وفى الوقت نفسه فى صالح المستهلك، أما تفريغها من محتواها بفرض ضريبة تنمية الصناعة بنفس القيم الجمركية السائدة، فيعد تلاعباً ويفقد الدولة مصداقيتها خصوصاً أمام الاتحاد الأوروبى ودول اتفاقية «أغادير».
وتمنى أن تبدأ الاستراتيجية بتحديد حجم سوق السيارات المستهدف اعتباراً من العام الحالى وانتهاءً بعام 2024، كما طالب بأن تتطرق الاستراتيجية إلى الخطوات المطلوب اتخاذها لتمكين السوق من استيعاب حجم السيارات المراد تسويقه، وتوجيه التحفيز للمستهلك النهائى عند نقطة الشراء؛ حتى يتأكد المستهلك والرأى العام من انتفاء شبهة التربح عن شركات بعينها.
ويرى «مسروجة»، أنه يتعين أن تعلن هيئة التنمية الصناعية بكل الوضوح والشفافية طريقة احتساب نسبة المكون المحلى، وإلا قد تكون هذه الجزئية مدخلاً لفساد يؤثر على أى استراتيجية حالية أو مستقبلية، حسب قوله، كما يرى ضرورة أن ترفق بالاستراتيجية دراسة جدوى مقارنة عن نتائج تطبيق التحفيز المقرر عند تحقيق نسب المكون المحلى المقررة، ومقارنته بتكلفة الفرص البديلة المتاحة.
أيضاً أن تبين الاستراتيجية بوضوح، القيمة المضافة المحلية الحقيقية فى المكونات التى يتم الاتفاق على تصنيعها، وكلما زادت نسبة المكون المحلى يتوجب تخفيض السعر سواء للسوق المحلى أو للتصدير وإلا فقد الفرص الحقيقية للمنافسة.