
تستعد محكمة القاهرة الاقتصادية لاستقبال عامها العاشر بعد أقل من شهرين.
وبعد مرور أكثر من 9 سنوات على إنشاء المحكمة، ترصد «البورصة» مدى نجاحها فى تحقيق الأهداف التى أعلنتها الدولة عند تأسيسها.
وشهدت المحكمة، فى السنوات الأولى من إنشائها، عدم إقبال من المستثمرين الذين تعاملوا سنوات طويلة مع القضاء المدنى، وكانت الدعاوى التى تنظر فيها المحكمة تقتصر على القضايا المحولة من محاكم مجلس الدولة، والتحكيم الدولى بعد أخذ حكم بعدم الاختصاص.
ولكن خلال الفترة الأخيرة، ارتفع عدد الدعاوى التى تتلقاها المحكمة ليبلغ ذروته فى عام 2016؛ حيث تراوح عدد القضايا التى تتلقاها المحكمة يومياً بين 30 و35 دعوى من المستثمرين وشركات القطاعين العام والخاص والبنوك.
وتوقع قضاة «القاهرة الاقتصادية» ارتفاع عدد القضايا المتداولة لدى المحكمة، خلال السنوات المقبلة، بعد إدخال تعديلات على القانون المنظم لعملها، وزيادة الوعى بدورها لدى القطاعات الاستثمارية فى السوق المصرى.
رئيس المحكمة:
دعاوى المستثمرين تضاعفت خلال 2016 مقارنة بالأعوام السابقة
نسعى لتطبيق «الدعاوى الإلكترونية» للتيسير على المستثمرين
%7.5 الرسوم القضائية للدعاوى من قيمة النزاع وفقاً للقانون الحالى
تضاعف عدد الدعاوى التى تلقتها محكمة القاهرة الاقتصادية، خلال العام الماضى، مقارنة بالأعوام السابقة لتتراوح من 7 إلى 8 آلاف دعوى خلال 2016.
وتسعى المحكمة لتطبيق نظام الدعاوى الإلكترونية؛ لتسهيل الإجراءات على المستثمرين خلال السنوات المقبلة.
قال المستشار شريف مؤمن، رئيس محكمة القاهرة الاقتصادية، إن المحكمة تسعى لفض النزاع فى الدعاوى التى تتلقاها من المستثمرين بطرق تحقق جدوى اقتصادية للدولة، دون أن تقتصر على حكم يزيد من الخصومة بين أطراف القضية.
أضاف لـ«البورصة»: «يوجد ما يسمى هيئة التحضير التى تعقد جلسات صلح بين طرفى الدعوى قبل تحديد جلسات بالدوائر المختصة لسماع كل منهما وتوعيتهما بالإجراءات التى سيتم اتخاذها حال عدم الموافقة على الصلح وقيمة الرسوم القضائية».
أشار إلى أنه فى حالة نجاح هيئة التحضير فى الصلح بين الطرفين لا يتم إقرار أى رسوم قضائية عليهما.
وتابع: «فى حالة السير فى الدعوى، والحصول على حكم قضائى، يتحمل خاسر الدعوى رسوماً قضائية تقدر بنحو %7.5 من قيمة النزاع».
وقال إن عدد الدعاوى التى تلقتها المحكمة فى عامها الأول قليل؛ لعدم وجود وعى فى ذلك الوقت بين الشركات والبنوك والمستثمرين بدور المحكمة.
أضاف أن تلك الجهات اعتادت التقدم إلى القضاء العادى أو اللجوء للتحكيم الدولى، وأغلب القضايا يتم تحويلها من هذه المحاكم؛ لأنها أصبحت غير مختصة بالنظر فيها إلا بحالات معينة.
أوضح أن عدد الدعاوى التى تلقتها محكمة القاهرة الاقتصادية خلال 2016 تضاعف عن الأعوام السابقة.
وتوقع «مؤمن» زيادة نشاط المحكمة؛ نتيجة زيادة وعى المستثمرين بدورها، والتطور الذى شهدته المحكمة خلال الفترة الأخيرة.
وقال، «المحكمة لديها رؤية تتطلع لتنفيذها خلال السنوات المقبلة، منها تدشين نظام الدعاوى الإلكترونية التى تمكن أى مستثمر من تقديم دعواه عبر الإنترنت، ومعرفة أى معلومات عنها لتيسير الإجراءات».
أضاف أن تطبيق الدعاوى الإلكترونية يحتاج إلى أنظمة تقنية مؤمنة، وتسعى المحكمة خلال الوقت الحالى للبدء فى إجراءات التطوير.
خطوات رفع دعوى قضائية بـ«القاهرة الاقتصادية»
مصاريف القيد تبدأ من 42 جنيهاً وحتى 689 جنيهاً
يحتاج أى مستثمر للقيام بعدة خطوات لرفع دعوى قضائية فى محكمة القاهرة الاقتصادية، تبدأ بالتسجيل وحتى معرفة موعد الجلسات.
قال خالد زكى، رئيس المكتب الأمامى بمحكمة القاهرة الاقتصادية، «فى البداية يسلم المحامى توكيلاً رسمياً يوضح توليه الدفاع عن المستثمر، وحافظة مستندات تضم الأوراق المتعلقة بتفاصيل القضية».
أضاف أنه بعد التأكيد من تطابق توكيل المحامى، يتم تسجيل الدعوى فى المكتب الأمامى لمحكمة القاهرة الاقتصادية، وتقدير رسوم القيد المطلوبة والتى تنقسم لشرائح، وفقاً لقانون الرسوم المحدث عام 2009.
أشار إلى أن رسوم القيد تصل 42.75 جنيه للدعوى التى لا تتجاوز 40 ألف جنيه، و87.75 جنيه للدعاوى التى تتراوح قيمتها من 41 ألفاً و100 ألف جنيه.
تابع: «تبلغ قيمة الرسوم 282.75 جنيه للدعاوى التى تتراوح قيمة النزاع فيها من 104 آلاف وحتى مليون جنيه، وتصل 689 جنيهاً لجميع الدعاوى التى تتجاوز المليون».
وقال «زكى»، «بعد دفع رسوم القيد يتم إدراج الدعوى فى برنامج المحكمة، وتوزيعها على الدوائر المختصة واستخراج وصل يتضمن رقم الدعوى والدائرة وموعد أول جلسة ومكانها وقيمة الرسوم».
أضاف أنه يتم تحويل الدعوى إلى هيئة التحضير لتعقد جلسات صلح بين الطرفين قبل البدء فى الجلسات، وعند الصلح لا يتم استكمال باقى إجراءات الدعوى.
أشار إلى قيام المحكمة بمسح ضوئى لجميع الدعاوى وتخزينها فى وحدة الميكروفيلم وأرشفتها؛ حفاظاً عليها والرجوع إليها فى أى وقت حال حدوث أى مشاكل تحدث فى الملفات الورقية كحريق أو غيره.
تعديلات على قانون المحكمة لتسهيل فض المنازعات
مصادر: «العدل» لم تنتدب قضاة «الاقتصادية» للمشاركة فى التعديلات حتى الآن
تعتزم وزارة العدل إجراء تعديلات تشريعية على قانون المحاكم الاقتصادية؛ لتيسير الإجراءات على المستثمرين خلال تقديم الدعاوى، وإضافة بنود خاصة بآلية سير الدعوى فى المحكمة.
وقالت مصادر قضائية لـ«البورصة»، إن اللجنة التشريعية بوزارة العدل ستراجع قانون المحاكم الاقتصادية لإدخال تعديلات عليه، وإضافة بنود جديدة تتناسب مع الظروف الاقتصادية الحالية.
أضافت أن «العدل» لم تطلب مستشارين أو قضاة محكمة القاهرة الاقتصادية للمشاركة فى مراجعة القانون وإجراء تعديلات عليه حتى الآن، متوقعاً أن يتم ذلك خلال الأشهر القليلة المقبلة.
أوضحت المصادر، أن الوزارة ستستعين بقيادات المحكمة بحكم خبرتهم ومعرفتهم بالمعوقات التى يعانى منها المستثمرون والقضاة أثناء نظر الدعاوى، وذلك للوصول إلى حلول إيجابية تخدم الدولة والمستثمرين.
أشارت إلى أن قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية الحالى ينص على أن الدوائر الابتدائية والاستئنافية بالمحاكم الاقتصادية تختص دون غيرها بنظر الدعاوى الجنائية الناشئة عن الجرائم المنصوص عليها فى كل من قانون العقوبات فى شأن جرائم التفالس، والإشراف والرقابة على التأمين فى مصر، وشركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة.
وتختص هذه الدوائر، أيضاً، بالنظر فى كل ما يندرج تحت قوانين «سوق المال، وضمانات وحوافز الاستثمار، والتأجير التمويلى، والإيداع والقيد المركزى للأوراق المالية، والتمويل العقارى، وحماية حقوق الملكية الفكرية والبنك المركزى والجهاز المصرفى».
عضو المكتب الفنى:
نسهم فى إعداد المؤشرات الدولية عن الاقتصاد المصرى
المحكمة قدمت تقارير بإحصائيات قضايا الإفلاس.. وشاركت بتعديلات القانون
مصر بحاجة لتشريع خاص بالوساطة بين المتنازعين ولدينا عدد كاف من المستشارين
تقدم محكمة القاهرة الاقتصادية الإحصائيات والمعلومات المتعلقة بالمشكلات والقضايا التى يواجها المستثمرون، وفقاً للدعاوى التى تتلقاها المحكمة للجهات الدولية لإعداد مؤشر التنافسية.
قال المستشار حسام فاروق، عضو المكتب الفنى بالمحكمة، إن «الاقتصادية» ساهمت فى إعداد مؤشر التنافسية منذ بداية نشأة المحكمة عام 2008 وحتى العام الجارى من خلال التقارير والإحصائيات اللازمة والمشكلات التى تعوق الاستثمار فى مصر وفقًا للقضايا التى تتلقاها بشكل يومى.
وجاءت مصر فى المركز 137 على مستوى العالم فى 2016 فى مؤشر تسوية حالات الإعسار بتقرير ممارسة الأعمال الذى يعده البنك الدولى قبل أن تتقدم للمركز 109 فى 2017.
أوضح «فاروق»، أن أبرز القضايا التى ارتكز عليها البنك الدولى فى إعداد المؤشر لمعرفة طبيعة المناخ الاستثمارى هى قضايا الإفلاس لقياس مدى الحركة الاستثمارية فى السوق المحلى.
أشار إلى أن قرار الحكومة إجراء تعديلات على قانون الإفلاس كان حصيلة هذه الإحصائيات، وشارك قضاة بمحكمة القاهرة الاقتصادية باللجنة المختصة لمراجعة وتعديل القانون الذى تتم مناقشته فى البرلمان حالياً.
وتقدمت مصر فى مؤشر استقلالية القضاء ضمن مؤشر التنافسية العالمية الذى يعده المنتدى الاقتصادى العالمى؛ حيث كانت تحتل المركز 47 عام 2016 – 2017 من بين 138 دولة قبل أن تصل للمركز 31 فى 2017 – 2018.
وقال «فاروق»، «كان يوجد تباطؤ فى حسم الدعاوى الاقتصادية والتفاوض مع المستثمرين لحل منازعاتهم قبل إنشاء المحكمة عام 2008».
أضاف، أن طول فترة حسم الدعاوى فى ذلك الوقت كان يمثل عائقاً أمام الاستثمار؛ لأن قيمة العملة تختلف بمرور الزمن ما يحقق خسائر للمستثمرين.
أوضح «فاروق»، أن قانون إنشاء المحكمة الاقتصادية رقم 120 لسنة 2008 يهدف فى المقام الأول إلى إزالة العقبات والمعوقات أمام المستثمرين فى التقاضى، وسرعة الفصل فى النزاع، وجاءت الفكرة على غرار «التحكيم الدولى».
أشار إلى أن قانون المحكمة الاقتصادية يتضمن 13 قسماً للقوانين المدنية، و16 للجنائى.
أضاف أنه لا يوجد حد أدنى لقيمة النزاع بالدعاوى التى تقبل محكمة القاهرة الاقتصادية النظر فيها، ولكن الشرط الوحيد هو وقوع الدعوى تحت قوانين ونشاط المحكمة.
وتابع «فاروق»، «مع بداية نشاط المحكمة كان لا يوجد وعى لدى المستثمرين بمهام المحكمة، وأغلب القضايا كان يتم تحويلها من مجلس الدولة أو التحكيم الدولى».
أوضح أن المحكمة أسست خلال السنوات الأخيرة هيئة التحضير أو ما يسمى «الوساطة» التى تختص بتسوية النزاع بشكل ودى بين الطرفين قبل تحديد جلسة للدعوى.
أضاف أنه لا يوجد حتى الآن تشريع قانونى لفكرة الوساطة فى مصر، ولكن توجد حاجة لمشروع يحدد الوساطة فى مصر خلال السنوات المقبلة لإنهاء المنازعات بشكل إيجابى يدعم الاستثمار المحلى.
أوضح «فاروق»، أن المستثمرين المحليين والدولة أكبر المستفيدين من وجود المحكمة الاقتصادية، وليس المستثمر الأجنبى لأنه فى العادة يلجأ إلى التحكيم الدولى.
أشار إلى الحاجة لتدريب القضاة والمستشارين بصفة دورية وتبادل الخبرات مع قضاة المحاكم الدولية، الأمر الذى سينعكس على طرق حل المنازعات الاقتصادية، ويؤثر إيجابياً على الاستثمار المحلى.
وقال، «المحكمة حسمت العديد من القضايا الخاصة بالبنوك ورجال الأعمال المتعثرين من ضمنها دعوى أحمد بهجت وبنكا الأهلى ومصر ورجل الأعمال رامى لكح ضد بنك مصر ومجموعة طلعت مصطفى وهيئة المجتمعات العمرانية».
واعتبر أن استمرار المحكمة لـ9 سنوات يعد نجاجاً، مقارنة بالعديد من الدول الأخرى التى فشلت لديها فكرة تنفيذ جهة مختصة للنظر فى القضايا الاقتصادية.
أوضح أن فترة الفصل فى الدعوى بالقضايا التى تقدر مديونياتها تحت 5 ملايين جنيه تتراوح بين 6 أشهر وعام.
تابع، «يتراوح متوسط عمر الدعوى التى تتجاوز مديونيتها 5 ملايين جنيه من عام إلى عامين، وذلك حسب تفاصيل الدعاوى ومدى تشابكها مع قضايا أخرى».
وقال «فاروق»، إن المحكمة يوجد بها 89 مستشاراً وقاضياً، وهو عدد مناسب ولا توجد حاجة لزيادتهم حالياً وفقاً لعدد القضايا المتداولة يومياً فى الدوائر المختلفة.
محامون يطلبون تعديلات على آلية العمل
«السيد»: الحكومة مطالبة بحل نزاعات المستثمرين لتجنب المحاكم
طالب عدد من المحامين المتعاملين مع محكمة القاهرة الاقتصادية بإدخال تعديلات على آلية نظر الدعوى والفصل فى القضايا المقدمة للمحكمة.
وقال المحامى شوقى السيد، الفقيه الدستورى، إن العمل فى المحكمة الاقتصادية أصبح أكثر بطئاً بعد أن كان أسرع فى بداية عملها حيث كانت لديها سرعة الفصل والتسوية فى المنازعات.
أضاف أن الحكومة مطالبة بتحسين أدائها فى التعامل مع المستثمرين؛ حتى لا يلجأوا إلى المحاكم لإنهاء المنازعات الاستثمارية.
وقال محمد طلعت، الشريك الإدارى والتنفيذى بمكتب «بيكر آند ماكنزى مصر للاستشارات القانونية والمحاماة – حلمى وحمزة وشركاه»، إن المحامين لديهم مشكلة فى تنفيذ اﻷحكام الصادرة عن طريق المحكمة اﻻقتصادية أو المحاكم العادية، ما يتطلب تعديل قانون المرافعات والتنفيذ والقوانين الأخرى بشكل يضمن تنفيذها سريعاً.
وطالب «طلعت» بزيادة عدد الدوائر الابتدائية بالمحكمة اﻻقتصادية؛ لاستيعاب القضايا المنظورة، وتعديل القوانين بشكل يضمن قبول صور الأوراق كالفاكسات والإيميلات.
أضاف أن المحكمة لا تزال تطلع على أصول الأوراق، فى حين توجد مراسلات بين الشركات واتفاقيات تتم إلكترونياً.
وقال عمر أبوالعينين، الشريك القانونى بمكتب زكى هاشم للاستشارات القانونية والمحاماة، إن المحكمة الاقتصادية، خلال الفترة السابقة، أنجزت عدداً كبيراً من القضايا، وخاصة قضايا البنوك وسوق المال التى استمرت مناقشتها داخل المحاكم العادية عدة سنوات.
أضاف أن المحكمة تمتلك السرعة عبر وجود عدد من الدوائر الابتدائية واﻻستئنافية بجانب الاستعانة بخبراء من خارج أروقة وزارة العدل.
وتابع: «هيئة التحضير للقضايا كانت فكرة جيدة فى البداية أخذت فكرتها من قانون فض المنازعات، لكنها أصبحت حالياً غير مجدية بالنسبة لما أنشئت من أجله، ومنها حل القضايا قبل وصول النزاع وعرضه على المحكمة».
أضاف أن المحكمة تنظر نوعين من القضايا الجنح والتجارية والمدنية، ويستغرق نظر نزاعات الجنح مدة أطول فى المحاكم اﻻقتصادية، مقارنة بالمحاكم العادية، وهو ما يعد ميزة، لأنها تفحص جيداً فضلاً عن إحالتها فى بعض الأحيان لنظرها عبر الخبراء كالقضايا المتعلقة بسوق المال.
أشار «أبوالعينين» إلى أن الحكم فى قضايا الجنح بالمحاكم اﻻقتصادية قد يستغرق فترة فى المتوسط تصل 6 أشهر.
تابع، «ما يعاب على المحكمة الاقتصادية اﻻستعانة بخبراء من الهيئات الحكومية لتقديم الرأى أثناء نظر النزاع ولا يصح أن تكون تلك الجهات هى الخصم والحكم».