
ما فعلته وزارة الصناعة، الأسبوع الماضى، بإطلاق الحملة الترويجية لقانون التراخيص الصناعية، أمر يستحق الإشادة، فالقانون وإجراءاته يسرت الحصول على ترخيص إقامة وتشغيل المصانع، واختصرت مدة الترخيص من مدة تقارب العام إلى نحو 7 إيام، وأحياناً أقل، وهو أمر كان حلماً وإنجازاً طال انتظاره، واستجابة لكثير من المطالب طوال عقود من الزمان بضرورة تبسيط إجراءات تراخيص المصانع، إذا كنا بحق نريد استثمارات جديدة، وبإصدار قانون التراخيص الصناعية استطاعت وزارة الصناعة أن تطلق خريطة الاستثمار الصناعى لتعلن عن وجود نحو 4 آلاف فرصة استثمار صناعى فى محافظات مصر، هذه الفرص قائمة على الموارد الطبيعية المتاحة فى كل محافظة، والأراضى المتوفرة، وموانئ التصدير ومصادر الطاقة وشبكات النقل، وهو أمر يؤكد أن هذه الوزارة ووزيرها النشط طارق قابيل، والذى أثبت أنه رجل صناعة يدرك حجم المصاعب التى تواجه أى صانع فى إنشاء مصنع والبيروقراطية القاتلة لأى استثمار جديد، ولكن انتهج الوزير الأسلوب العلمى، وفى هدوء حدد المشكلة، ووضع الحلول لها بمساندة كل الجهات المعاونة، واختيار فريق عمل لديه خبرة ورؤية ورغبة فى نسف البيروقراطية، ودراسة أفضل وأبسط الطرق لتيسير إجراءات التراخيص وفقاً لما هو متبع فى العديد من دول العالم، ولأن العمل كان إنجازاً بالفعل فقد حصل على دعم ومساندة من البرلمان من خلال لجنة الصناعة ومن اتحاد الصناعات بيت الصناع.. أقول إنه إنجاز لأنى عبر سنوات عملى فى هذه المهنة ومن خلال متابعتى لأنشطة اتحاد الصناعات ومجتمع الأعمال فى التسعينيات وأنا أسمع مطالب الصناع بضرورة تبسيط إجراءات الحصول على تراخيص إقامة المصانع، فقد كانت رحلة عذاب يخوضها كل صانع وإجراءات كثيرة كعب داير على الجهات الحكومية، ناهيك عن الرشاوى، الآن سمعت بنفسى ومن خلال بعض أصحاب المصانع الجديدة أن حصولهم على التراخيص كان أيسر وخلال مدة قصيرة، وأنهم بدأوا الإنتاج بالفعل، ولذلك فإن التحدى القادم أن تزيد نسبة مساهمة الصناعة فى الناتج القومى من 18 إلى %21 بحلول عام 2020 لن يكون صعباً إذا ما انتهجنا هذا النهج فى تشجيع الاستثمار الصناعى، وتوفير الأراضى وخفض أسعار أراضى وخدمات المطور الصناعى، ورفع يد المحليات عن أراضى الاستثمار الصناعى بالصعيد تحديداً، ثم الخطوة الأهم توفير التمويل الميسر لمشروعات الصناعة.. إن ما حدث فى وزارة الصناعة بهذا الفكر الاستراتيجى لهو أشبه بطريق أصبح ممهداً للسير أو خط سكة حديد أصبح جاهزاً لانطلاق القطارات.
إننا نحتاج لآلاف المصانع، ونحتاج للاستثمار الصناعى إذا كنا نريد تنمية، فالصناعة قيمة مضافة، والصناعة فرص عمل وتشغيل، والصناعة صادرات، والصناعة ناتج قومى، والصناعة أمن قومى، والصناعة مستوى معيشة مزدهر.. ولو تابعت الدول التى نهضت فإن إساس نهضتها الصناعة، فهناك دول تصنع من الإبرة للصاروخ أما نحن فإننا اكتشفنا أننا لا نصنع إبرة الخياطة ولا الدبوس، ونفتخر بأننا مؤخراً استطعنا إنشاء مصنع لأستيكة التلامذة، ولا نصنع القلم الرصاص ونستورده من الصين.. إننا لم نشعر بالآثار الإيجابية لقرار التعويم؛ لأننا اكتشفنا أنه ليس لدينا ما نصدره من منتج صناعى سوى منتجات معينة، لذلك لا بد من تشجيع الصناعة والاهتمام بها.
الصناعة ثم الصناعة فالصناعة هى قاطرة التنمية وغير ذلك كلام فى الهوا.