168 مليون طفل يبحثون عن لقمة العيش فى أرجاء المعمورة
62 شركة متورطة فى تشغيل تلاميذ المدارس تتصدرها «أبل»
9.2 مليون نصيب الشرق الأوسط من العمال الصغار
لا يقتصر استغلال الأطفال على العمالة لدى الشركات على العالم الثالث فحتى الشركات العالمية تورطت فى استغلالهم، ودعا ذلك المجتمع إلى دق ناقوس خطر يحذر من مخاطر هذه الظاهرة وفى مقدمتها خلق جيل معدوم المهارات، مما يهدد مستقبلهم المهنى ومستقبل بلادهم الاقتصادى فى عصر تسيطر التكنولوجيا على عملية الإنتاج.
وأثار تورط أكبر موردى شركة أبل العالمية فى تشغيل عمالة من صغار السن التساؤلات عن جدوى الجهود الدولية لتعقب مرتكبى هذه الجريمة، والحقيقة أن العالم يدافع عن حق الطفل فى طفولته ويواجه سارقى أحلامهم بخجل شديد، ولذلك من غير المتوقع أن تكون شركة فوكسكون المورد الرئيسى لصانع أى فون الأولى ولا الأخيرة.
وفى سبيل التخلص من هذا التراخى فى مواجهة هذه الجرائم فإنه يجب اتخاذا إجراءات تثير المخاوف لدى العديد من الشركات بأنها يمكن أن تتعرض لأضرار بالسمعة وتواجه تحديات قانونية موجعة مقابل استخدامها لعمل الأطفال بشكل مباشر أو غير مباشر.
وتتعرض الشركات فى جميع أنحاء العالم لضغوط للعمل بعد التزام قادة العالم فى قمة مجموعة العشرين فى هامبورج فى يوليو الماضى بحسب تقرير لصحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية باتخاذ تدابير فورية وفعالة للقضاء على ظاهرة عمالة الأطفال بحلول عام 2025.
ويتعرض مديرو الأصول لضغوط أيضاً لمعالجة مسألة عمل الأطفال بوصفهم مشرفين على إدارة الشركات ومستثمرين طويلى الأجل فى الشركات المدرجة بالبورصات العالمية.
وتتصدر أبل قائمة 62 شركة، وضعتها مؤسسة إم إس سى أى لتزويد البيانات، تواجه مزاعم إما توظيف مباشرة للعمال القاصرين أو التعامل مع الموردين الذين يستخدمون عمالة الأطفال.
وقالت ليزلى سوينجيداو، وهى من كبار المشاركين فى مؤسسة إم إس سى آى التى قامت بوضع القائمة إن سوء إدارة المخاطر المرتبطة بعمل الأطفال قد يكون مرتبطاً بنقص عام فى مراقبة المخاطر، وأضافت أن الاستخدام المنهجى لعمل الأطفال من قبل شركة يمكن أن يلقى ظلالاً من الشك على الاستدامة طويلة الأجل لنموذج أعمالها.
وقالت اليابان للتبغ، وهى إحدى الشركات المدرجة فى القائمة، إنها ملتزمة بالقضاء على قضية عمل الأطفال فى المجتمعات التى قامت فيها بأعمال تجارية، وأنشأت برنامجاً يعرف باسم «الشراكة» مع منظمة العمل الدولية فى عام 2011، يهدف إلى ضمان عدم مشاركة الأطفال فى زراعة التبغ من خلال توفير المواد التعليمية، والدروس الخصوصية بعد المدرسة، والتدريب المهنى للأطفال الأكبر سناً، وتقدم أيضاً منح دراسية مدعومة لاستبدال الدخل الضائع من الأطفال العاملين لمساعدة الآباء على إرسال أبنائهم إلى المدرسة.
من جهتها كشفت شركة إمبريال براندس، وهى شركة أخرى لصناعة التبغ أيضاً وردت فى القائمة، إنها تنفذ برنامج مراقبة لعمالة الأطفال كجزء من شروط التعاون مع مورديها.
وقال متحدث باسم الشركة لصحيفة فاينانشيال تايمز، إن مشاريعها تسعى إلى الحد من مخاطر عمالة الأطفال من خلال دعم دخول المزارعين وتحسين التقنيات الزراعية والأمن الغذائى وتوفير التمويل والتعليم.
وقالت شركة بريتيش أمريكان توباكو وهى الشركة التى تواجه مزاعم من أطراف عديدة إنها تدرك أن حوالى 130 ألف طفل فى سن الدراسة كانوا يعيشون فى المزارع.
وأشارت إلى أنها تدرك أن هؤلاء الأطفال معرضون بشكل خاص لاستغلال عمالة الأطفال، وأنها بحاجة إلى العمل باستمرار لضمان تطبيق سياسة حظر عمل الأطفال لديها بشكل فعال ومتسق عبر سلسلة التوريد لديها، ونفت وجود دليل على الادعاءات التى تقول بأنها استخدمت عمالة الأطفال فى بنجلاديش، كما أنها تعمل مع الحكومة فى إندونيسيا لمعالجة هذه المسألة.
وكشفت صحيفة فاينانشيال تايمز استخدام فوكسكون للأطفال فى مصنع تشنجتشو فى وسط الصين الشهر الفائت حيث تحولت الشركة إلى العمالة الطلابية الرخيصة فى سبتمبر من أجل اللحاق بالطلبات من المنتج بعد أن تسبب النقص فى العمال فى تأخيرات فى إنتاج اى فون إكس.
قالت كريستين تشاو، وهى مدير مشارك فى يولر هيرميس، ومدير شركة الأصول ومقرها لندن باصول تصل إلى 30 مليار جنيه استرلينى أنه زار واحدة من المصانع الصينية فى تشنجدو العام الماضى وعقد عدة محادثات مع فوكسكون وابل حول عمالة التلاميذ الصغار.
وقد اعترفت شركة فوكسكون بأن الرقابة على عمالة التلاميذ كان ينبغى أن تكون أكثر صرامة غير أنه من المهم معرفة ما تعتزم شركة أبل القيام به لتحسين عملية الرصد خارج عمليات المراجعة المنتظمة للتصدى لعمالة الأطفال.
وأوضحت تشاو، أن كلا الشركتين بحاجة إلى إثبات أنها تفهم الأهمية التى يوليها المستثمرون العالميون لمعايير العمل وهو ما يؤكد اهمية أن تشعر بأن هناك حاجة إلى المزيد من العمل لتحسين ممارسات الإفصاح والاتصال حول هذه القضايا.
وذكر تقرير الصحيفة البريطانية، أن بورصة لندن للمعادن أطلقت مطلع الشهر الجارى تحقيقا حول ما اذا كان الكوبالت قد جاء من مناجم فى جمهورية الكونغو الديمقراطية متهمة بتوظيف الأطفال.
وزار سيساجا بيسليك، رئيس التمويل المستدام فى صندوق نوردا لإدارة الثروة التابع لبنك نوردك جمهورية الكونغو الديمقراطية عدة مرات لتقييم عمليات التعدين وقال إنه لم يتم اتخاذ أى إجراء فى الكونغو لضمان إمدادات مستدامة من الكوبالت الذى يشتد الطلب عليه من صناع الهواتف المحمولة والسيارات الكهربائية، بين أن صندوق «نوردا» قرر عدم بيع حصصه فى الشركات التى تستخدم هذا الكوبالت المستخرج بيد الأطفال.
وقال بيسليك، إن طريقة التعامل مع هذه القضايا ليست البيع أو سحب التمويل ولكن على المستثمرين التعامل مع الشركات ومحاولة إصلاحها فهذا هو المكان الذى يبدأ العمل الحقيقى فيه.
ولفت إلى أنه فى الدول الفقيرة أحياناً يكون من الأفضل لبعض الأطفال أن يقوموا ببعض الأعمال أو ينتهى بهم المطاف إلى العيش فى الشوارع، ولكن من الضرورى أيضاً ضمان وصول هؤلاء الأطفال إلى المدرسة والحصول على تعليم جيد.
وبسبب الحروب تتفاقم المشكلة فى الشرق الاوسط بحسب تقرير جريدة جالف نيوز ففى حين أن عمالة الأطفال فى جميع أنحاء العالم آخذة فى التناقص بشكل مطرد على مر السنين بفضل الجهود المتواصلة التى تبذلها جماعات حقوق الإنسان والحكومات للحد من هذه الظاهرة أسهمت الصراعات فى الشرق الأوسط فى ارتفاع عمالة الأطفال بالمنطقة.
ووفقاً لآخر تقرير لمنظمة العمل الدولية هناك 85 مليون طفل يعملون فى مهن خطرة حول العالم والذى أكد أن هناك 9.2 مليون طفل عامل فى الشرق الأوسط (%8.4 من المجموع العالمى).
ونتيجة للحرب أصبح الآلاف من الأطفال السوريين عمال زراعيين حيث يدفعهم نزوحهم إلى دخول سوق عمل يتعرضون فيه للإساءة والاستغلال، فالعديد منهم ترك المدارس لينفقوا على أسرهم، وكثيرا ما توغلوا فى مرحلة البلوغ قبل أوانهم.
ويمثل أطفال الشوارع لاعباً أساسياً فى العمل فى العاصمة اللبنانية بيروت، حيث يعملون باعة على الأرصفة وفى التسول، وتلميع الأحذية وبيع الزهور ليلاً، مما يعرضهم للخطر فى بعض الأحيان والضرب والإساءة اللفظية المتكررة، ومعظمهم ينال قسطاً ضئيلاً من النوم وفى بعض الأحيان تتحول الفتيات إلى البغاء لأنه العمل الأعلى أجراً للأطفال محلياً.
وهناك حوالى 2.7 مليون طفل سورى خارج المدرسة حالياً، وفقاً لتقرير مشترك صدر مؤخراً عن عمل الأطفال من منظمة إنقاذ الطفولة واليونيسيف.
ما يقرب من نصف الأسر السورية اللاجئة فى الأردن تقول إنها تعتمد جزئياً أو كلياً على دخل الأطفال، ويقول التقرير إن ثلاثة أرباع الأطفال العاملين فى مخيم الزعترى للاجئين فى الأردن أفادوا بأنهم يعانون من سوء الصحة وأن %36 من الأطفال العاملين فى وادى البقاع اللبنانى أميون.
وفى اليمن، التى غرقت فى الحرب لأكثر من عامين، تم تجنيد العديد من الأطفال من قبل مسلحى الحوثيين المدعومين من إيران كجنود أطفال، وفى غزة، أظهر عمل الأطفال اتجاهاً تصاعدياً مع 9700 طفل يضطرون للبحث عن لقمة العيش وفقاً لمكتب الإحصاء الفلسطينى.
ومع أعلى معدل بطالة فى العالم بنسبة %43 وزيادة %80 فى السكان الذين يعتمدون على المعونة الخارجية، أصبح هناك 9002 طفل دون سن العمل القانونى البالغ 15 سنة من المعيلين لأسرهم فى القطاع.
وفى مصر البلد الأكثر سكاناً فى العالم العربى البالغ عدد سكانه نحو 100 مليون نسمة ازداد الوضع سوءاً بعد أن قامت الحكومة بتحرير عملتها المحلية وخفض دعم الوقود كجزء من الإصلاحات الاقتصادية الصعبة.
وأدى ذلك إلى زيادة فى عدد الأطفال العاملين فى مصر، حيث قدر عددهم بنحو 1.6 مليون نسمة، وأكثر من %80 منهم فى المناطق الريفية، وفقاً للأرقام الرسمية، غير أن المجموعات غير الحكومية تقول إن العدد أقرب إلى 3 ملايين طفل.
