البحث عن سرير خال بوحدة رعاية مركزة فى مصر قد يمثل فى بعض الأوقات قبلة الحياة لعدد كبير من المرضى خاصة فى المناطق التى تفتقر لخدمات الرعاية الصحية الأساسية.
وفى ظل معاناة القطاع الصحى فى مصر من ضعف الإمكانيات ومحاولات الحكومات المتعاقبة لتطويره إلا أن أزمة أسرة الرعاية المركزة تبقى الأخطر على حياة المواطنين.
وزارة الصحة تقدر احتياجات المستشفيات المصرية من أسرة الرعاية المركزة بـ14 ألف سرير ترتفع إلى 50 ألفا وفقًا لتقديرات القطاع الخاص ولكن المتوافر منها حاليًا حوالى 9700 سرير فقط فى المستشفيات الحكومية والخاصة.
الوزارة تقول إنها تمتلك خطة لتوفر احتياجات الرعاية الحرجة خلال 3 سنوات بتقديرات تصل لـ400 ألف جنيه للسرير الواحد وفى نفس الوقت تسعى لتوفير فرص للمستثمرين للتوسع بالقطاع.
فيما يطلب المستثمرون المزيد من التسهيلات خاصة مع ارتفاع أسعار الأجهزة الطبية المستوردة وزيادة تكاليف التشغيل والعمالة ويقدرون قيمة سرير الرعاية المركزة بأسعار تبدأ من 700 ألف جنيه وحتى 3 ملايين جنيه.
«الصحة» لم تحدد قيمة مالية لخطة توفير أسرة الرعاية المركزة لأنها تمتلك وحدات جاهزة بالفعل ولكنها تحتاج إلى مستلزمات لتشغيلها فيما يرى القطاع الخاص أن الاستثمارات المطلوبة ستصل 150 مليار جنيه بسبب اختلاف طبيعة الأجهزة وتحملها تكلفة الإنشاء من البداية.
«البورصة» ترصد الخطط الحكومية والخاصة لتوفير متطلبات الرعاية الحرجة للمواطنين وفقًا للبيانات المتاحة لدى وزارة الصحة والاحتياجات التى حددها المستثمرون.
مستشار وزير الصحة: 30% عجزًا فى أسرة الرعاية المركزة
مصر تحتاج إلى 14 ألف سرير نمتلك منها 9700 فقط
حل أزمة الرعاية المركزة خلال 3 سنوات
يبلغ العجز فى أسرة الرعاية المركزة حوالى 30% وتمتلك المستشفيات 9700 سرير مقابل احتياجات تصل 14 ألف سرير.
قال الدكتور شريف وديع مستشار وزير الصحة لشؤون للرعاية الحرجة والعاجلة إن النسبة العالمية لأسرة الرعاية المركزة فى المستشفيات تصل إلى سرير لكل 7 آلاف نسمة.
أضاف فى تصريحات لـ«البورصة» أن النسبة المعتمدة فى القطاع الصحى تتضمن تخصيص من 10% إلى 15% من أسرة المستشفى للرعاية المركزة.
أشار إلى الإقبال على الاستثمار بقطاع الرعاية المركزة مرتفع على الرغم من وجود أسرة شاغرة لدى مستشفيات القطاع الخاص.
أوضح ان المستشفيات الحكومية تمتلك 5200 سرير بجانب 4500 سرير بالمستشفيات الخاصة.
وقال وديع إن «الصحة» وضعت خطة لتطوير قطاع الرعاية المركزة منذ عامين وتم حصر الأسرة وكان عددها 3500 سرير والمفعل منها 1825 سريراً والباقى مغلق بسبب نقص المعدات والمستلزمات والأطباء.
أضاف: «تم حصر أعداد الأسرة فى المستشفيات الجامعية وبلغت 3 آلاف سرير بخلاف أسرة مستشفيات القوات المسلحة والشرطة».
أوضح أن التعداد الجديد للسكان فى العام الحالى بلغ 104 ملايين نسمة لذا نحتاج لحوالى 14 ألف سرير.
وقال إن خطة الوزارة ترتكز على افتتاح الأسرة المغلقة ورفع كفاءة الطبيب والكوادر المعاونة بالتعاون مع الجامعات الإقليمية كل حسب منطقته.
أضاف أن إعادة فتح الأسرة المغلقة بدأ بالمناطق الأكثر فقراً والتى تتركز فى الصعيد والبحيرة ومرسى مطروح وشمال وجنوب سيناء وحلايب وشلاتين والنوبة.
واعتبر وديع أن الأزمة الحقيقية لا تكمن فى مجرد توافر الأسرة لكنها تتمثل فى نوعية الأسرة.
وتابع: «فى البداية كانت الأسرة مجهزة لرعاية مرضى القلب فقط، بينما تحتاج مصر ﻷسرة أطفال وسموم وحروق وأمراض صدرية ومخ وأعصاب وطوارئ وحوادث وحميات».
أشار إلى أن مصر كانت تمتلك 3 وحدات سموم فقط وأصبحت 23 وحدة بخلاف التابعة للجامعات والمستهدف الوصول إلى 43 وحدة خلال 6 شهور بعد وصول المعدات الجديدة.
وقال إنه بالنسبة للحروق أصبحت مصر تمتلك أكثر من 57 وحدة حروق بدلا من 23 وحدة.
أضاف أن الوزارة تستهدف القضاء على أزمة الرعاية المركزة خلال 3 سنوات وتسعى لتوفير الموارد المالية على الرغم من انخفاض الميزانية المخصصة للقطاع.
وكشف عن أن تكلفة السرير الواحد تتراوح بين 250 ألفا و400 ألف جنيه وفقاً للتجهيزات المطلوبة والتقنيات المتوفرة، بينما تتراوح تكلفة التشغيل اليومية بين 3 و5 آلاف جنيه.
أشار إلى أن أزمة قطاع الرعاية الحرجة تتمثل فى أجور الأطباء ونوعية الأسرة فى كل مستشفى.
وتابع: «يجب ربط الأسرة بمدى احتياج المنطقة لها فالمستشفيات الموجودة على الطرق السريعة تكون الأسرة فيها متخصصة لرعاية الحوادث، بينما تكون الأسرة المجهزة للفشل الكلوى فى المناطق التى تكثر فيها هذه الأنواع من الأمراض».
قال إن وجود الأسرة الفارغة فى المستشفيات الخاصة يؤكد نجاح وزارة الصحة.
أضاف أن القطاع الخاص يمتلك ما يتراوح بين 4 آلاف و4500 سرير للرعاية المركزة وتقوم وزارة الصحة بالرقابة عليها.
وأوضح وديع أن منظومة التأمين الصحى الجديدة ستوفر العلاج بالكامل للمواطنين فى الرعاية المركزة.
«التابلت» يوفر أسرة العناية المركزى فى «القاهرة»
بدأت وزارة الصحة ميكنة أسرة الرعاية الحرجة عن طريق تزويدها بحواسب لوحية «تابلت» وربطها بخدمات هيئة الإسعاف للتوجه بالمريض مباشرة إلى موقع السرير الخالى، وفعلت الوزارة الخدمة فى القاهرة وتسعى لتعميمها على باقى المحافظات خلال الفترة المقبلة.
وطبقت «الصحة» تجربة استخدام «التابلت» فى مستشفى الشيخ زايد التخصصى، ومستشفى المنيرة، وامتدت إلى 10 مستشفيات أخرى من بينها شبرا العام والقبطى وأحمد ماهر وبولاق العام والقاهرة الفاطمية ودار السلام، حتى انتهت من ميكنة جميع مستشفيات القاهرة الكبرى.
وتستهدف الوزارة من المنظومة الجديدة توفير معلومات عن حركة الإشغال لأسرة الرعاية والحضانات لسرعة إنقاذ المرضى الذين يحتاجون إليها، باستخدام الأجهزة اللوحية الرقمية ووضعها بوحدات الرعاية ومراكز الحضانات على مستوى مستشفيات الوزارة، ويتم إمدادها بشكل منتظم بحركة إشغال الأسرة وربطها بشبكة معلومات.
وعلى صعيد باقى محافظات الجمهورية فانتهت «الصحة» من تفعيل كود 137، وربطه بأقسام الطوارئ فى المستشفيات وغرفة التحكم المركزى لتوفير المعلومات لاستخدامها فى اختصار مدة البحث عن أسرة شاغرة بالمستشفيات ما يترتب عليه سرعة تقديم الخدمة الطبية لمرضى الطوارئ.
القطاع الخاص يطلب حوافز لزيادة استثمارات الرعاية الحرجة
عبد المجيد: 900 ألف جنيه تكلفة السرير والدولار رفع النفقات
سمير: 150 مليار جنيه استثمارات مطلوبة لتغطية احتياجات «العناية المركزة»
الجنزورى: الحكومة مطالبة بزيادة التسهيلات لتشجيع الاستثمار الطبى
طالب متعاملون فى القطاع الطبى بزيادة الحوافز المقدمة للقطاع الخاص لتغطية احتياجات المستشفيات المصرية من وحدات الرعاية الحرجة.
واختلفت تقديرات المستثمرون حول الاستثمارات المطلوبة فى القطاع والتى بلغت 150 مليار جنيه لتنفيذ الأسرة المطلوبة فى وحدات العناية المركزة حيث تتراوح قيمة السرير الواحد من 700 ألف إلى 3 ملايين جنيه وفقًا لنوع التجهيزات.
وقال الدكتور علاء عبدالمجيد رئيس غرفة مقدمى الخدمات الصحية باتحاد الصناعات إن عدد أسرة العناية المركزة فى المستشفى لا يجب أن يقل عن 10% من إجمالى عدد الأسرة نظراً لأهمية التخصص والاحتياج العام له.
أضاف أن تكلفة السرير الواحد تتراوح بين 700 ألف و900 ألف جنيه حسب نوعية الأجهزة المحيطة بالمريض.
وتابع: «تكلفة رعاية المريض فى اليوم الواحد تتراوح بين 2000 و4000 جنيه حسب ما يقدم من خدمات والمستلزمات والأدوية المستخدمة».
أوضخ عبدالمجيد أن السرير الواحد فى العناية المركزة يتكون من مجموعة من الأجهزة تشمل جهاز تنفس صناعى، وجهاز مراقبة المريض «المونيتور» الذى يسجل النبض والحرارة والضغط ورسم القلب، وجهاز إعطاء المحاليل بالدفع، ووصلات الأوكسجين والشفط والهواء الطبى.
وتتضمن الحالات التى تحتاج للعناية المركزة، فشل الدورة التنفسية، وجلطات ونزيف المخ، والارتفاع الشديد بالسكر وغيبوبة السكر، والارتفاع الشديد فى ضغط الدم، وهبوط القلب، والغيبوبة الكبدية، والنزيف الداخلى ونزيف القناة الهضمية، والإصابات الشديدة خاصة بالعمود الفقرى.
وأشار إلى نقص عدد أسرة العناية المركزة لكنه اعتبر أن الوضع يتحسن تدريجياً من خلال خطة وزارة الصحة لتجهيز العديد من الأسرة بمختلف المستشفيات.
وقال إن مستشفيات القطاع الخاص تسعى لتوفير أسرة العناية المركزة وفقًا للخطط الاستثمارية المتاحة ولكن لا يزال هناك عجز فى الأسرة خارج نطاق عواصم المحافظات.
أضاف: «يوجد ارتفاع فى إقبال المستثمرين على القطاع الصحى ولكن توجد تحديات أهمها ارتفاع سعر صرف الدولار وتكلفة التشغيل».
أوضح أن غالبية الأجهزة الطبية تستورد من الخارج وارتفعت أسعارها بنسب تتراوح بين 250 و400%، ما أثر كثيراً على ارتفاع تكلفة أداء الخدمة الصحية مع عدم إمكانية زيادة الأسعار بنفس النسبة.
وقال الدكتور خالد سمير، عضو غرفة مقدمى الخدمات الصحية، إن توفير احتياجات أسرة العناية المركزة يتطلب إضافة 50 ألف سرير، بتكلفة تصل 3 ملايين جنيه للسرير الواحد باستثمارات إجمالية 150 مليار جنيه.
أضاف: «تكلفة السرير المباشرة تشمل ثلاثة أقسام، أولها تكاليف العمالة من أطباء وتمريض وفنيين وعمال نظافة وفنى أشعة على مدار 24 ساعة وهى تكاليف ضخمة تتحملها المستشفى».
بجانب تكلفة الأدوات المستخدمة والأدوية والمحاليل وتكاليف التدفئة والتبريد وإبقاء المكان معقم ونظيف.
أوضح سمير أن تكلفة غرفة العناية المركزة تختلف حسب الحالة حيث تشمل عناية الكبار والأطفال والمبتسرين وكل وحدة لها نسبها الخاصة فيما يتعلق بعدد الأطباء بالنسبة لعدد الأسرة وكذلك التمريض والفنيين.
وقالت غادة الجنزورى، وكيل غرفة مقدمى الرعاية الصحية، إنه يوجد نقص شديد فى غرف الرعاية المركزة داخل السوق المصرى، والحكومة مطالبة بتقديم تسهيلات للمستثمرين لتشجيعهم على الاستثمار فى القطاع الطبى خاصة فى ظل التزايد السكانى.
أضافت: «يجب توفير عناصر جذب للمستثمرين خاصة فى المحافظات فقيرة الخدمة الطبية من خلال تقديم تسهيلات على الأراضى ومعاملة الاستثمار الطبى بآلية خاصة تختلف عن القطاعات الاستثمارية الأخرى».
أوضحت الجنزورى أن تكاليف تصميم غرف الرعاية الحرجة داخل المستشفيات مرتفعة خاصة بعد تعويم الجنيه، لأنها تضم أجهزة طبية مستوردة من الخارج تامة الصنع، وارتفاع أجور الكوادر الطبية المؤهلة للتعامل مع الحالات الحرجة.
أشارت إلى أن المريض يتكبد مبالغ كبيرة خاصة فى أول ليالى احتجازه داخل غرفة العناية الحرجة تتراوح ما بين 2000 وحتى 4000 جنيه فى الليلة الواحدة.
وقالت إن ارتفاع التكاليف يرجع لحاجة المريض لإجراء العديد من الفحوصات والإشاعات لإنقاذ حياته والوقوف على السبب الفعلى لمرضه.
وتابعت: «التعامل مع أى حالة طبية تحت بند إنقاذ الحياة يكون ذو تكاليف عالية جداً سواء فى العناية المركزة أو حضانات الأطفال، أو وحدات الحروق».
أشارت إلى وجود تكدس فى بعض الخدمات الطبية منها مراكز الأشعة وعيادات الرمد وفى المقابل يحتاج السوق لتخصصات أكثر أهمية.
وقال أسامة عبدالمنعم، خبير بالقطاع الطبى، إن السوق المصرى بحاجة إلى 50 ألف سرير عناية مركزة لتغطية احتياج السوق.
أضاف: «فى الوقت الحالى يتوفر سرير عناية مركزة لكل 11 ألف مواطن وهى نسبة منخفضة مقارنة بالمعدلات العالمية».
أوضح أنه لابد من مراعاة التوزيع الديمجرافى عند تنفيذ أسرة العناية المركزة وتوفير الموارد البشرية خاصة مع وجود نقص شديد فى الفنيين والأطباء.
أشار إلى أن المستشفيات تستطيع تجهيز غرف رعاية صحية واسترداد التكاليف خلال 10 أشهر فقط، ولكن بعض المستشفيات بها غرف عناية غير فعالة لعدم توافر الموارد البشرية المتخصصة لذلك تتردد فى تخصيص عدد كبير من الأسرة للعناية المركزة.
وقال أحمد إدريس، مؤسس منتدى الإصلاح الصحى، إن مصر بحاجة لعودة طبيب الأسرة لمتابعة الحالة الصحية لجميع أفراد الأسرة وتوفير عناء تشخيص الحالات المتدهورة صحيًا والاضطرار إلى الحجز فى غرف العناية المركزة.
أشار إلى وجود سوء فى توزيع الكوادر الطبية المتخصصة بحالات الرعاية الحرجة ما يؤدى لحدوث عجز لدى بعض المستشفيات.
أضاف إدريس أن وزارة الصحة مطالبة بإعادة توزيع التمريض والأطباء حسب الاحتياج الديمجرافى لتغطية الطلب فى جميع المناطق.