هل باتت زيادة الصادرات المصرية ﻷمريكا رهينة لتقليص نسبة المكون اﻹسرائيلى فيها؟
ارتفاع أسعار المنتجات اﻹسرائيلية يقلص أثر الإعفاءات الجمركية للصادرات المصرية
«الكويز» تسيطر على 67% من الصادرات المصرية ﻷمريكا ومطالب بتوقيع اتفاقية تجارة حرة مع واشنطن لتقليل أثرها
قبل 14 عاما وقعت مصر وإسرائيل والولايات المتحدة اﻷمريكية اتفاقا هدفه تحقيق مزيد من الدمج للاقتصاد اﻹسرائيلى فى المنطقة مقابل حوافز لزيادة الصادرات المصرية للولايات المتحدة اﻷمريكية.
يقضى الاتفاق بأحقية المصانع المصرية فى مناطق محددة فى صناعات محددة بالتصدير ﻷمريكا بشرط أن استخدام مدخلات إنتاج إسرائيلية بنسبة 11.5% من المنتج جرى تخفيضها فيما بعد لتصبح 10.5%، مقابل تمتعها بحوافز جمركية فى السواق الأمريكية.
أصبح هذا الاتفاق يعرف فيما بعد بـ«الكويز» أى المناطق الصناعية المؤهلة، وبمرور الوقت بات المكون اﻹسرائيلى عبئا على تلك المصانع التى تسعى حاليا لتخفيضه، وأصبحت صادراتها ﻷمريكا رهينة بممارسات الشركات اﻹسرائيلية التى حصلت على وضع احتكارى يسمح لها بالتأثير فى تسويق المنتجات المصرية فى الولايات المتحدة، والتحكم فى أسعارها وأصبح خفض هذا المكون أحد البنود الدائمة فى الاجتماعات ربع السنوية بين الجانب المصرى ونظيره اﻹسرائيلى بدون أى بادرة فى اﻷفق على خفضه، فى ظل تمسك اﻹسرائيليين بنسبتهم.
وفى كثير من اﻷحيان أدت الممارسات اﻹسرائيلية إلى تقليص أو حتى اﻹطاحة بمكاسب الشركات المصرية المصدرة ﻷمريكا من اﻹعفاءات الجمركية، بسبب تحكم اﻹسرائيليين فى تسعير مكوناتهم ضمن الاتفاقية، إضافة إلى عدم ضمان جودتها مايكبد الشركات خسائر إضافية.
شركة فيوتشر فاشون للملابس الجاهزة هى من بين الشركات المستفيدة من الاتفاقية، ويقول رئسيها أحمد حسن إن الإسرائيليين يستغلون الاتفاقية لبيع مكوناتهم للشركات المصرية بأسعار أعلى من نظيرتها فى الأسواق العاليمة بنحو 20%، وهو ما يلغى أثر الحوافز الجمركية اﻷمريكية للمنتجات المصرية.
وأضاف: «الشركات المصرية لا تستطيع زيادة الأسعار لتعويض الزيادة فى رفع أسعار المكون الإسرائيلى نظرًا لقوة المنافسة فى السوق الأمريكى مع فيتنام وبنجلاديش والصين وغيرها من الدول المنافسة».
وقال إن نسبة المكون الإسرائيلى »ظالمة« للشركات المصرية ويجب خفضها إلى نحو 7% لتحقيق أقصى استفادة ممكنه من الاتفاقية.
وتكاد تقتصر الاستفادة من الاتفاقية على صناعة المنسوجات والملابس الجاهزة، وتستحوذ صادرات هذا القطاع على 97% من صادرات «الكويز» إلى الولايات المتحدة، وتسعى الحكومة لتوسيع نطاق المناطق المؤهلة للاستفادة من الاتفاقية لتشمل كل منطقة الصعيد، وضمت مؤخرا بنى سويف والمنيا.
وتواجه بقية الصناعات صعوبات فى الوصول إلى اﻷسواق الأمريكية بنفس طريقة المنسوجات والملابس الجاهزة، ويقول المهتمون إن السبب يرجع أيضا إلى المكون اﻹسرائيلى.
وقال محمد سالم نائب رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية للصناعة والتجارة للملابس الجاهزة إن الشركات المصرية تواجه صعوبة فى إدراج صناعات جديدة ضمن الاتفاقية نظرًا لقلة مستلزمات الإنتاج التى يمكن أن تستورد ضمن نسبة الـ10.5% من إسرائيل.
أوضح أن الجانب الإسرائيلى هو المستفيد الأكبر من اتفاقية الكويز، لأن شركاتهم تحقق مكاسب تبلغ نحو 30% فى المواد الخام التى تبيعها إلى الشركات المصرية، فى حين تبلغ أقصى مكاسب يمكن أن تحققها الشركات المصرية 8% فقط.
وتابع أن خفض نسبة المكون الإسرائيلى هو الحل الوحيد أمام المنتجات المصرية للنفاذ إلى أسواق الولايات المتحدة الأمريكية، والمنافسة أمام المنتجات الصينية والتى تعتبر أكبر منافس للمنتج المصرى فى أسواق الولايات المتحدة الأمريكية.
وذكر أن شركته تحجم عن شراء الخيوط وإكسسوارات الملابس من إسرائيل لانخفاض جودتها وارتفاع سعرها، بينما تشترى الكيماويات المساعدة فى الصباغة التى تتمتع بجودة أعلى، ومع ذلك فسعرها مرتفع عن المنتجات المنافسة فى السوق العالمية.
وأشار إلى أن المستثمرين فى بداية توقيع الاتفاقية كانوا يطمحون فى خفض نسبة المكون الإسرئيلى سنويا، لكن الحل الآن يكمن فى توقيع اتفاقية تجارة حرة مع أمريكا لتفادى إلزام الشركات بإدراج نسبة المكون الإسرائيلى فى المنتج النهائي.
وتراجعت الصادرات المصرية ضمن «الكويز» بنحو 26% خلال العام الماضى لتصل إلى 674 مليون دولار مقابل 851 مليون دولار فى 2015، وكانت فى 931 مليون دولار فى 2011.
ولجأت الشركات للتحايل على شرط المكون اﻹسرائيلى لضمان الإلزام الشكلى باشتراطات التأهل للاستفادة من الحوافز الأمريكية. وقال شفيق عبدالفتاح، مدير شركة ميامى لملابس السباحة، إن بعض المصانع تحصل على فواتير استيراد من إسرائيل مقابل رسوم ضعيفة بدون الحصول على المنتج نفسه، نظرًا لارتفاع أسعار المواد الخام الإسرائيلية وانخفاض جودتها.
أوضح أن ارتفاع قيمة المكون الإسرائيلى يعد مساويًا لنسبة الجمارك الأساسية التى تفرضها الولايات المتحدة حال التصدير بدون «الكويز»، ما يجعل الاتفاقية والعدم سواء فى بعض الأحيان.
أضاف أن إنهاء تلك الممارسات وحماية الصناعة المحلية يتطلب مفاوضات جادة بين الحكومة المصرية وتل أبيب وأمريكا لخفض نسبة المكون قدر الإمكان.
وقال إن الوضع الحالى يتطلب بذل مزيد من الجه لرفع جودة المنتجات المحلية فى المقام الأول لإعطاء الثقة للأسواق الخارجية فى المنتجات المصرية، ما يُسهل عملية التسويق.
وشكا «عبد الفتاح» ضعف أعداد العمالة الماهرة فى السوق المصري، والتى يجب أن تتوافر بصورة سريعة خلال الفترة المقبلة من خلال الاستثمار فى مجال التعليم المهنى والفني.
وترجع حساسية المكون اﻹسرائيلى إلى أن صادرات الكويز استحوذت منذ العام التالى لتطبيقها على معظم الصادرات المصرية إلى اﻷسواق الأمريكية، وبلغت العام الماضى 67% من إجمالى الصادرات المصرية، وتحريك هذا الملف قد يسهم فى زيادة الصادرات المصرية للأسواق الأمريكية مباشرة.
وقال حسام بدر المدير التجارى لشركة الإسكندرية للملابس، إن الشركة توقفت عن التصدير للولايات المتحدة الأمريكية من خلال اتفاقية الكويز بسبب زيادة نسبة المكون الإسرائيلي.
وتابع: تواجه الصادرات المصرية منافسة كبيرة فى السوق الأمريكى أمام صادرات الهند وباكستان والصين والتى اتجهت بشكل كبير إلى هناك.
ويلتقى المسئولون المصريون واﻹسرائيليون كل 3 أشهر، خلال الاجتماعات الدورية لاتفاقية الكويز، وتسعى الحكومة لخفض نسبة المكون الإسرائيلى إلى 8.5% أسوة بالأردن الذى يطبق اتفاقية مماثلة ونجح فى خفض نسبة المكون اﻹسرائيلى فيها.
قال أحمد إبراهيم، مهندس المنسوجات بشركة جيد تيكستايل، إنه يجب خفض النسبة إلى 7% لكنه استبعد حدوث ذلك نعلم أن ذلك يوضع فى قائمة الأمانى والأحلام، ولكن نتمنى أن يتحقق.
وقالت نجلاء دالول، مدير الإدارة التجارية بشركة دولفين للملابس، إن ارتفاع نسبة المكون الإسرائيلى يحول دون إدخال صناعات جديدة ضمن الاتفاقية، رغم وجود العديد من المنتجات التى يمكن أن تكون مناسبة للولايات المتحدة من مصر.
وأضافت: «قبل توقيع الاتفاقية كنا نتعامل بنظام الكوتة، عبر تخصيص حصة من المنتجات المصرية للسوق بجمارك أقل من المعتاد، وترتفع الرسوم للحد الطبيعى فوق هذه الحصة».
ولفتت إلى أن هذه الطريقة كانت جيدة، والمصانع كان لديها أمل بخفض نسبة المكون الإسرائيلى تدريجًا، لكنه طوال الثلاثة عشر عامًا لم تنخفض أكثر من 1.2% فقط.
وطالبت بالتفاوض مع المستوردين الأمريكيين على زيادة حجم التعاقدات مع مصر للاستفادة من قرار تحرير سعر الصرف.
وقالت مصادر حكومية على صلة بملف الكويز لـ«البورصة» إن الجانب الإسرائيلى يتمسك برفض خفض نسبة المكون بالاتفاقية ومساواتها بالأردن.
وأضافت المصادر أن إسرائيل تستند فى رفضها إلى أن حجم الاقتصاد المصرى كبير وأن خفض نسبة المكون الإسرائيلى لا يتناسب مع المصالح الاقتصادية لإسرائيل.
وتابع: «لن تتوقف مصر فى مفاوضاتها لخفض نسبة المكون الإسرائيلى، وفى الاجتماع الأخير لوفد الكويز فى ديسمبر الجارى طالبنا بضرورة أخذ الجانب الإسرائيلى مفاوضات خفض نسبة المكون على محمل الجد».
كانت مصر استضافت اجتماع وفد الكويز اﻷسبوع الماضى بمقر وزارة التجارة والصناعة، وهى اجتماعات دورية كل 3 شهور لمتابعة الاتفاقية وتقييمها.
وقالت محاسن إبراهيم مديرة التصدير فى شركة العامرية للمنسوجات، إن الاتفاقية تفرض على مصر استيراد منتجات من إسرائيل قد لا تستخدمها، كما أن جودتها رديئة وترفضها الولايات المتحدة حال استخدامها فى التصنيع.
وطالبت بتعديل الاتفاقية واعتبرتها مهمة للمنتجات المحلية التى تعانى ارتفاع تكلفة اﻹنتاج.
لكن بالرغم من ذلك هناك من يرى أن المشكلة ليست فى المكون اﻹسرائيلى، مثل علاء عرفة، رئيس الشركة المصرية السويسرية للملابس، الذى قال إن المكون الإسرائيلى لا يعد عائقا أمام زيادة الصادرات، وبمعاودة الجلوس على مائدة المفاوضات بين الأطراف المعنية يمكن خفضه إلى 8%.
أضاف أن سياسة الدولة هى المتحكم الأول والأخير فى تنمية الصادرات، وهناك حوافز كبيرة لمسثمرى الملابس الجاهزة يجب أن يستغلوها لتنمية القطاع.