
تحذيرات من ارتفاع الأسعار العالمية بعد صعود «البترول»
البنك الدولى يتوقع زيادات كبيرة فى أسعار المنتجات
مصر تحتل المركز الـ16 فى قائمة الدول المستوردة من أوروبا
محمد: الأمن الغذائى المصرى على كف عفريت
موسى: لايمكن زراعة كل ما نأكل ونواجه صعوبة فى زراعة محاصيل رئيسية
بلغت واردات مصر الغذائية 10.7 مليار دولار خلال أول 8 أشهر من عام 2017، تمثل 18.4% من إجمالى الواردات، وفقًا لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.
واقتطع الاعتماد على الاستيراد جزءا كبيرا من احتياطات مصر الدولارية خلال السنوات الأخيرة، ما أدى لتراجع احتياطى النقد الأجنبى لدى البنك المركزى إلى 17 مليار دولار، والذى تعافى مع تحرير أسعار الصرف فى نوفمبر 2016 ليصل 36.7 مليار دولار نهاية الشهر الماضى.
لكن تحرير سعر الصرف صاحبه موجة تضخمية قفزت بمعدلات الزيادة فى تكلفة المعيشة بأكثر من 30%، جاء معظمها مدفوعًا بنمو أسعار السلع فى سلة الغذاء بنحو 40% خلال العام الماضى كونها من أكثر القطاعات اعتماداً على الاستيراد والأكثر حساسية لتقلبات سعر الصرف.
وتراجعت قيمة واردات السلع الغذائية بنحو 1.5% فقط خلال العام الماضى لتسجل 13.35 مليار دولار تمثل 19.9% من جملة الواردات، مقابل 13.55 مليار دولار تعادل 18.61% من إجمالى واردات 2015، وذلك رغم قرارات الحكومة لتحجيم الاستيراد.
وطبقت وزارة الصناعة نهاية عام 2015 قيودًا على الاستيراد لتخفيف العبء على موارد الدولار، واشترطت تسجيل المصانع المصدرة لمصر لدى هيئة الرقابة على الصادرات والواردات ما قلص أعدادها لأقل من النصف فى أغلب القطاعات.
وارتفعت معدلات الاستهلاك المحلى من السلع بوتيرة أسرع من الزيادة فى الإنتاج، بسبب معدلات النمو السكانى فى الفترة بين 2006 و2015، التى زادت من 70 مليونا إلى 88 مليون نسمة.
وعلى سبيل المثال، ارتفع إنتاج القمح بنحو 17% خلال الفترة بين أعوام 2006 و2015، ليصعد من 8.2 مليون طن إلى 9.6 مليون طن، فيما زاد معدل الاستهلاك بنسبة 37.3% ليصل إلى 19.5 مليون طن بنهاية 2015 مقابل 14.2 مليون طن خلال 2006.
وتراجعت نسبة الاكتفاء الذاتى من المحصول الاستراتيجى من 57% بنهاية يونيو 2006 إلى 49% بنهاية الشهر نفسه من عام 2015.
ويبرز الخطر بإحصائيات (المركزى للإحصاء) فى نمو فاتورة الواردات خلال السنوات العشرة بنحو مرتين ونصف، كما يُفسر القفزة الكبيرة تراجع قيمة الجنيه المصرى أمام الدولار من 5.7 جنيه فى 2006 إلى 7.8 جنيه فى 2015 وارتفاع الأسعار العالمية للسلع إلى جانب نمو أحجام الواردات نفسها لتغطية تزايد السكان.
وحذرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة «الفاو» من ارتفاع تكلفة استيراد الأغذية عالميًا خلال العام الحالى بنسبة 6% مقارنة بالعام الماضى، لتصل إلى 1.4 تريليون دولار، وهو ثانى أعلى رقم قياسى يتم تسجيله.
وقالت المنظمة، إن تكاليف الشحن والنقل بعد ارتفاع أسعار البترول إلى 60 دولاراً للبرميل ستدفع الأسعار العالمية للصعود رغم وفرة الإنتاج.
وتُشير توقعات البنك الدولى لأسعار السلع الغذائية عالمياً إلى ارتفاع أسعار زيوت النخيل من 720 دولاراً للطن فى 2017 إلى 900 دولارًا بحلول 2030، وزيوت الصويا من 850 دولارًا للطن إلى 1000 دولار خلال الفترة نفسها.
وتنبأ البنك الدولى بارتفاع أسعار الذرة إلى معدلات قياسية لتسجل 210 دولار للطن مقابل 175 دولارًا حاليًا فى المتوسط، والقمح إلى 240 دولاراً للطن مقارنة بـ175 دولارا حاليًا.
وتوقع البنك أيضًا، ارتفاع أسعار السكر بنحو 20 دولارا للطن، ليصعد إلى 380 دولاراً فى حين تحتاج مصر لزيادة المتوفر للاستهلاك بنحو 60 ألف طن سنويًا لتغطية الاحتياجات.
وبالنسبة لتوقعات المنظمة، سيزيد هذا الارتفاع من الأعباء على موازنة مصر العامة خلال الفترة المقبلة فى حالة عدم الإسراع فى توفير بدائل محلية للغذاء.
ويتطلب تحقيق الأمن الغذائى للمواطنين فى كل دولة 3 عوامل رئيسية، هى توافر الغذاء، والقدرة على شرائه، واستخدام منتجات بعينها لتحقيق المستوى المطلوب من السعرات الحرارية للحفاظ على البنية الصحية للإنسان.
وقال فتحى محمد، مدير مالى بإحدى شركات الصناعات الغذائية الكبرى، إن مصر تعتمد على مناشئ بعينها لاستيراد احتياجاتها السنوية، أغلبها من دول الاتحاد الأوروبى.
أضاف أن ذلك يعرض الاقتصاد لمخاطر ارتفاع الأسعار فى ظل تقلب العملات كما حدث العام الماضى مع العملة الموحدة للاتحاد الأوروبى قائلا: «الأمن الغذائى لمصر على كف عفريت».
ووفقاً لبيانات الاتحاد الأوروبى جاءت مصر فى المركز 16 ضمن الشركاء الأكثر استيراداً للأغذية من الدول الأعضاء بقيمة 1.8 مليار يورو خلال 2016 بحصة تصل إلى 1.4% من إجمالى صادرات الاتحاد السنوية.
أوضح محمد أن الميزان التجارى مع أوروبا يصب فى صالحها دائمًا نتيجة انخفاض الصادرات المصرية إليها بالمقارنة مع الواردات، ما يحرم الجهاز المصرفى من العملة الأجنبية، ويتم ترجمة ذلك الارتفاع المستمر فى فاتورة الواردات، ما يضغط على دخول المستهلكين الشهرية.
وغطت صادرات السلع الغذائية والتى بلغت 4.5 مليار دولار نحو 30% من قيمة الوارادت الغذائية وقدرها 13.35 مليار دولار خلال العام الماضى.
وظهرت مطالبات فى الفترة الأخيرة بضرورة الاهتمام بالمحاصيل ذات الميزة النسبية المرتعفة، ومنها النباتات الطبية والعطرية، والتى يمكنها مع غيرها ضبط ميزان المدفوعات.
وقال مجدى موسى، رئيس محطة شمال سيناء بمركز بحوث الصحراء، إن بعض السلع الأساسية لا يمكن تحقيق الاكتفاء الذاتى منها بسبب الظروف المناخية، فزيوت النخيل والصويا مثلا تحتاجان لمناخ استوائى لا تملكه مصر.
أضاف أنه يمكن زراعة منتجات بديلة لإنتاج الزيوت، مثل التوسع فى محاصيل «الذرة الصفراء، والقطن، والكتان»، لكنها تمر بظروف صعبة خلال السنوات الأخيرة بسبب التسويق، ما جعلها تتضائل.
ووفقًا لبيانات «المركزى للإحصاء»، انخفضت أحجام الإنتاج من هذه المحاصيل خلال عام 2016 إلى 164 ألف طن لبذور القطن و183 ألفًا للفول السودانى، و40 ألف طن للصويا، و22 ألف طن لعباد الشمس.
وتابع موسى: «فى ظل المناداة بالاستثمار الأجنبى، يجب وضع المناطق الصحراوية القابلة للزراعة ومنها سيناء على خريطة الاستثمار التى تستهدفها الدولة، والتى لديها قابلية أعلى من غيرها فى محاصيل النباتات الطبية».
أوضح أن الأراض الصحراوية فى شمال سيناء مثالية للزراعة العضوية بعيداً عن ترسبات متبقيات المبيدات التى تعيق توسيع قاعدة الصادرت الزراعية فى أوروبا.
وقال موسى: «العالم أصبح مفتوحًا وينادى بالتخصص، ولا يمكن أن نزرع كل ما نأكل، فهذه تخضع لعوامل بيئية متعددة يحكمها المناخ، لكنه يجب أن نرتفع بالحصص التجارية مع الأسواق الخارجية على مستوى الصادرات».
وبلغت إنتاجية النباتات الطبية خلال 2015 نحو 196 ألف طن فى حين بلغت صادراتها أكثر من 80 مليون دولار.