بيكر ماكينزى تتوقع نمو حصيلة استحواذات اﻷجانب على شركات مصرية 280% العام المقبل
ارتفعت قيمة صفقات الاستحواذ التى نفذتها شركات أجنبية على شركات مصرية خلال 2017 بنحو ثلاثة أمثال قيمتها فى 2016 وفقا لتقرير صادر عن مكتب الاستشارات القانونية بيكر ماكينزى يرصد الاستحواذات فى 40 سوقا حول العالم.
وأزالت مصر فى 2016 أحد أبرز العوائق أمام التى كانت تحول دون دخول المستثمرين إلى السوق المحلى، وهى القيمة المبالغ فيها للجنيه مقابل الدولار، وقامت بتحرير العملة ما خفض قيمتها بأكثر من 50% وجعل قيمة اﻷصول المصرية أرخص وأقل جاذبية أمام المستحوذين اﻷجانب.
وتوقع التقرير تصاعد قيمة الاستحواذات الخارجية على شركات مصرية فى عام 2018 لتصل إلى 4.2 مليارات دولار مقابل 1.5 مليار دولار فى 2017 و560 مليون دولار فى 2016.
وتتفق توقعات بيكر ماكينزى مع رؤية المستشارين الماليين والقانونيين للسوق، حيث يستقبليون استفسارات ورغبات عملائهم الأجانب المتعلقة بالسوق المصرى.
وقال مايكل بطرس الشريك القانونى بمكتب عبد الشهيد للاستشارات القانونية والمحاماة إن قرار تحرير سعر الصرف صدر فى أواخر عام 2016، لكن القرار الأهم الذى كان مؤثرا فى عمليات الاستحواذ إلغاء الحظر على عمليات الإيداع والسحب الصادر بأواخر 2017.
وأضاف أن هذا الإجراء سيجعلنا نشهد زيادة فى عمليات الاستحواذ خلال العام المقبل «قرار تحرير سعر الصرف أربك عددا من الصفقات، وجعل أطرافها يعيدون النظر فيها فى قطاعات مثل المقاولات وشركات الاستيراد نظرا للخسائر التى تعرضت لها تلك القطاعات بعد تحرير الجنيه».
وذكر أن التقييمات المالية لعمليات الاستحواذ بعد إجراء عملية تحرير سعر الصرف تأثرت بشكل كبير، وكانت هناك عدد من الشركات لديها أرباح ومبيعات ولكن بحساب فروق العملة أصبحت خاسرة ما أثر على ميزانيتها وقرارتها الاستثمارية.
أاشار إلى أن زيادة الصفقات الأجنبية على حساب الصفقات المحلية خلال عام 2017 «إيجابية» نتيجة دخول مستثمرين جدد.
ارتفاع الطلب على اﻷصول المصرية
وتابع بطرس: «لدينا استفسارات كثيرة من شركات أجنبية وأوروبية عن السوق المصرى بعد تراجع حجم الصفقات المحلية وتحرير سعر الصرف من خلال تأسيس شركات والشروط المتعلقة برأس المال والأنشطة المحظور الاستثمار بها وطرق خروج الأرباح الرأسمالية والتوزيعات».
وفى مقابل ارتفاع قيمة صفقات الاستحواذ بالخارجية قال تقرير بيكر ماكينزى إن قيمة الاستحواذات المحلية تراجعت بشكل كبير فى 2017، لتصبح 534 مليون دولار، مقابل 1.5 مليار دولار فى 2016.
وقال مصطفى جاد الرئيس المشارك لقطاع الترويج وتغطية الاكتتابات بالمجموعة المالية هيرمس إن هناك تحسنا فى الطلب على عمليات الاستحواذات لكن أرباح الشركات بعد التعويم تضاءلت بالدولار، الأمر الذى جعل المستثمرين يعيدون النظر فى عمليات التخارج انتظارا لتحسن الأوضاع المالية.
وأضاف أن عددا من الشركات لا تزال نتائج أعمالها تحت تأثير التعويم ومن ثم سيكون لديهم مدة أطول لاستيعاب هذا الإجراء خلال عامى 2018 و2019 المقبلين.
وأشار جاد إلى أن المستثمرين الأجانب لديهم رغبة قوية للدخول بالسوق المصرى نتيجة تدنى القيم المحلية مقابل العملة الأجنبية لكن أصحاب الشركات المباعة مترددون فى اختيار التوقيت الأمثل للتخارج.
وتابع: «قرارات الإصلاح الاقتصادى فى مجملها كافية وممتازة لكن يتبقى السيطرة على معدلات التضخم وتراجعها الأمر الذى بدأ يحصل مؤخرا».
أضاف: «خلال النصف الثانى من عام 2018 سيكون لدينا استحواذات جيدة بالسوق فضلا عن دخول مستثمرين جدد بالسوق سواء شركات أجنبية ذات سمعه عالمية أو صناديق استثمارية».
وأضاف أن السوق المصرى أصبح محطة للتصدير للسوق الإفريقى من قبل المصنعين الدولييين فى ظل الاتفاقيات التجارية المتعددة.
قوانين جديدة
ومن جانبها قالت نرمين طاحون الشريك المدير بمكتب طاحون للاستشارات القانونية والمحاماة إن القوانين الاستثمارية التى صدرت الفترة الماضية لم تظهر تأثيراتها الحقيقية بشكل كامل حتى اﻵن، وبالأخص قانون تنظيم سوق الغاز الذى لايزال مجتمع المستثمرين فى انتظار صدور لائحته التنفيذية.
وقالت إن الطروحات الحكومية تشهد إقبالا من قبل الاستثمار الأجنبى المباشر خاصة الشركات التى لديها أصول أو قطاعات احتكارية.
تصحيح قيم الشركات
وبدأت مصر تطبيق برنامج اقتصادى واسع النطاق مع صندوق النقد الدولى بداية من العام الماضى، وتضمن البرنامج تحرير سعر الصرف اﻷمر الذى هبط بقيمة الجنيه بأكثر من النصف ليصبح سعر الدولار 17.80 جنيه حاليا مقابل 8.78 جنيه أول نوفمبر 2016.
قال محمد جبر الشريك القانونى بمكتب التميمى للاستشارات القانونية: إن قرارات الإصلاح ومنها تحرير سعر الصرف أحدثت ارتباكا للتقيمات المالية للشركات وأدت إلى زيادة عبء الدين بالقوائم المالية الأمر الذى يحتاج إلى فترة زمنية لإعادة الهيكلة لتصل إلى التقييم العادل.
وأشار إلى أن أسهم الشركات المصرية كان مبالغا فيها عند احتسابها بالدولار قبل التعويم بسبب المبالغة فى سعر الجنيه، ما تسبب فى تعطيل الصفقات واختلاف بين الطرفين البائع والمشترى لكنها «اختفت» على حد تعبيره بعد تحرير سعر العملة.
وأضاف جبر أن عددا من القطاعات أصبحت جاذبة للمستثمرين للشركات التصديرية أو الأخرى التى لديها إنتاج محلى منافس للأجنبى.
وتوقع أن تشهد عمليات الاستحواذ على أصول مصرية دفعة خلال الفترة المقبلة بعد خفض أسعار الفائدة والذى سيخفض عبء الدين على الشركات المقترضة، مما يساهم فى تشجيع عمليات الاستثمار.
وأطلق تخفيض قيمة الجنيه موجة تضخمية هى اﻷعلى فى كل اﻹحصاءات المعروفة حتى اﻵن ليصل إلى 35% فى يوليو الماضى، وهو ما دفع البنك المركزى لرفع سعر الفائدة ﻷعلى معدلاتها فى أكثر من ربع قرن، لتصل إلى 18.75% و19.75% على اﻹيداع واﻹقراض فى آلية الكوريدور، وهو ما رفع تكاليف ديون الشركات بشكل كبير.
قال شريف عبدالعال العضو المنتدب لمجموعة فاروس القابضة ورئيس إدارة الترويج والاكتتاب فى الأوراق المالية إن عددا من الاستحواذات كان مؤجلا قبل الإصلاحات الاقتصادية وتوقفت مع بدء اﻹصلاحات لحين التأكد من تأثيرات القرارات اﻹصلاحية واتجاهها، لكن بعد ذلك انتعشت وتيرة إنهاء تلك العمليات بعد عودة الثقة.
وأضاف عبدالعال أن آخر شهرين من 2017 شهدا إقبالا على السوق المصرى وحسم عدد من الصفقات.
وأشار إلى أن تراجع مصر فى ترتيب مؤشر الاستحواذ من المركز 36 إلى 39 حاليا خلال 2017 ليس مقلقا فى ظل وجود فترة انتظار تتراوح بين 6 إلى 7 شهور انتظارا لاستيعاب القرارات الاقتصادية.
وأضاف أن نسبة بسيطة جدا من الصفقات توقفت ولم تكتمل نتيجة رؤية أصحاب المصانع والشركات أن القيم الدولارية أقل بكثير من المتوقع، لكن النسبه الأكبر تعطلت لفترة ثم عاودت مرة أخرى.
وتوقع أن يشهد عام 2018 رواجا فى عمليات الاستحواذات عبر قطاعات رائدة مثل الغذائى والصحة والتعليم، وعودة للصفقات الكبرى بأحجام تتراوح بين 20 إلى 200 مليون دولار، لكنه رهن ذلك باستعادة القطاعات الاستثمارية لعافيتها وتحقيق معدلات نمو مرتفعه بعد تأثيرات الإصلاحات الاقتصادية وارتفاع التكاليف الثابتة وعوائد الاقتراض وزيادة قيمة الدولار.
لكن برغم كل هذا التفاؤل لا يزال هناك حذر من المسار الذى قد تسلكه عملية اﻹصلاح الاقتصادى فى 2018، ويقول خالد موسى الشريك المؤسس بمكتب «TMS» للاستشارات القانونية والمحاماة إن عام 2018 سيشهد سداد مبالغ والتزامات كبيرة على الحكومة ومن ثم هناك أمران: إما حدوث تغيرات جوهرية فى اسعار العملة أو أن تكون هناك خطة متكاملة لاستيعاب تلك االتزامات بدون تأثير على سوق الصرف.
وتسعى الحكومة جاهدة لهيكلة ديونها الخارجية وإحلال الديون قصيرة اﻷجل بأخرى أطول آجالا، وفى هذا الصدد تعتزم إصدار سندات بقيمة قد تصل إلى 7 مليارات دولار فى 2018، كما أنها مستمرة فى برنامج قرض صندوق النقد الدولى، الذى حصلت بموجبه على مليارى دولار قبل أيام ويتوقع أن تحصل على 4 مليارات دولار أخرى خلال العام المقبل.
وذكر موسى أن حجم التدخل التشريعى فى النشاط الاقتصادى بصفه عامة فى مصر كثير وقد يكون عاملا سلبيا خاصة فى الاستحواذات الخارجية الذى يلزم أصحابها بدخول قيمها داخل السوق المصرى.
وتابع: إن تكلفة الاقتراض المرتفعه عامل طارد لعدد من صفقات الاستحواذ، نظرا لأنها تتم عبر مزيج من حقوق الملكية والقروض البنكية.
وتراجعت معدلات التضخم فى شهر نوفمبر الماضى، إلى أدنى معدلاتها فى 2017 لتصل إلى 26% بفعل انتهاء فترة اﻷساس، ويتوقع أن يستمر التضخم فى التراجع خلال الشهور المقبلة، وهو ما سينعكس على أسعار الفائدة.