كانت ملكية الدولة للبنوك فى أوروبا والولايات المتحدة، تجربةً مؤلمةً، فعندما تجبر على استخدام أذرعها المالية خلال الأزمات وحزم الإنقاذ، فإن العار واللوم لا يمكن تجنبهما فى كثير من الأحيان، وكذلك الصراعات حول ما إذا كانت البنوك التى تم إنقاذها فى 2008 ينبغى أن تكون محركات دفع لسياسة الحكومة وبرامج الضمان الاجتماعى أو السعى لتحقيق أقصى قدر من الأرباح.
وفى دول الخليج العربى، تمتلك البنوك المملوكة للدولة علاقة أكثر انسجاماً مع الحكومات، بحسب تقرير لصحيفة فانيانشيال تايمز.
وتشير صحيفة فاينانشيال تايمز إلى أن المحفزات المالية، وحزم الإنقاذ المالية من الدولة لا تسهمان فى نقل الثروة من الفقراء للأغنياء؛ لأن بالفعل الدولة هى المالك الرئيسى للأصول المصرفية فى الخليج.
وتقول إيلينا بونسيكا، المحللة فى أبوظبى؛ حيث تعمل فى شركة الرمز كابيتال، إن وجود أكبر البنوك فى مجلس التعاون الخليجى المملوكة فى الغالب من قبل الحكومات أو الأسر الحاكمة أو كلتيهما، يمنحها بالتأكيد ميزة تنافسية كبيرة.
وأضافت أنه ليس لديها الدعم الثابت من الحكومات فحسب، بل تقف، أيضاً، فى نقاط تُحسد عليها، عندما يتعلق الأمر بتأمين الأعمال الحكومية؛ بسبب قوة العلاقات. ومن الأمثلة على دعم الدولة الجهود الحكومية لدعم بنوك الإمارات العربية المتحدة خلال أزمة عام 2008.
وتقول مؤسسة الاستشارات المالية فى دبى «أكرديتوس»، إن أذرع دول مجلس التعاون الخليجى بما فى ذلك صناديق الثروة السيادية والمعاشات الحكومية والصناديق الاجتماعية تملك حصة فى أكثر من %80 من بين أكبر 50 مصرفاً من حيث قيمة الأصول فى تلك الدول.
ومن أبرز الأمثلة على ذلك؛ «أبوظبى الأول»، أكبر بنك فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الذى تمثل حكومة الإمارات العربية المتحدة فيه %37 من المساهمين. وتمتلك حكومة دبى ما يقرب من %56 من بنك دبى الوطنى. وبالإضافة إلى ذلك، تمتلك هيئة قطر للاستثمار %5 من بنك قطر الوطنى، وأكبر بنك فى المملكة العربية السعودية هو البنك الأهلى التجارى، وتمتلك فيه الحكومة %65 تقريباً مملوكة لثلاثة كيانات مرتبطة بالدولة.
لكن المخاطرة تظهر فى شكوى المصرفيين الأجانب لعدم تكافؤ الفرص، لا سيما فى أسواق رؤوس أموال الديون.
وتظهر بيانات شركة «ديلوجيك»، أن البنوك الخليجية هى الثامنة والتاسعة والعاشرة فى جداول الدورى لرسوم أسواق رأس المال فى دول مجلس التعاون الخليجى فى الأشهر التسعة الأولى من العام الماضى.
وتظهر الأبحاث التى أجرتها شركة برايس ووترهاوس كوبرز، أن الحكومات كانت فى عام 2015 مستثمرين رئيسيين فى 39 من أكبر 100 شركة مدرجة فى دول مجلس التعاون الخليجي، ومستثمرين محدودين فى 39 شركة أخرى.
وقال شبير مالك، المحلل لدى المجموعة المالية (هيرميس)، إن العلاقات مع الدولة يمكن أن تساعد التصنيف الائتمانى للبنك، ويمكن أن يساعد التصنيف الائتمانى القوى البنك على خفض تكاليفه المالية.
ولملكية الدولة عيوب أخرى؛ منها تعرض بنوك دول مجلس التعاون الخليجى لخطر الإقراض بمعدلات غير واقعية أو لمشاريع تخدم الحكومة على حساب الربحية، وتعتبر أزمة دبى مثالاً على ضعف هياكل البنوك فى إشارة إلى تحطم أسعار الأصول عام 2010، ما أثر على أرباح البنوك.
ويخشى الخبراء أنه فى حالة فشل الحكومات فى الاقتراض من الخارج، وهو الخيار الذى لجأت إليه منذ انهيار أسعار البترول، فإنها قد تلجأ لسحب الودائع البنكية، ما يؤثر عليها.