تواجه بنوك القطاع المصرفى وخاصة الحكومية والصغيرة ضغوطاً جديدة على رؤوس أموالها عند تطبيق معايير بازل 3، المقرر تطبيقها العام الحالى، فى حين أن البنوك العربية والأجنبية أقل تأثراً؛ نظراً إلى تطبيق مؤسساتها الأم فى الخارج هذه المعايير، وعمل الاستعدادات اللازمة لاستيعاب تأثيرات تطبيق المعايير الجديدة لـ»بازل« على ميزانيات وحداتها فى مصر.
وبدأت بعض البنوك الاستعداد لتطبيق »بازل«، وتفادى التحديات الجديدة من خلال وضع خطط للتخارج من جزء كبير من الاستثمارات المباشرة التى لا تحقق الأهداف المرجوة منها، أو الاستعداد لعمل زيادة جديدة فى رأس المال للتوافق مع مقررات بازل 3، خاصة أن العام الماضى شهد تأثيرات كبيرة على رؤوس الأموال بعد قرارات تحرير سعر صرف الجنيه فى نوفمبر 2016.
ومن أبرز البنوك التى تسعى للتخلص من استثمارات مباشرة وأصول آلت إليها »الأهلى«، و»مصر«، و»البنك العقارى العربى«، خاصة أن لديها محافظ كبيرة منها.
ويستهدف بنك مصر، ثانى أكبر البنوك من حيث الأصول، التخارج من نحو 50% من استثماراته المباشرة فى الشركات، وفقاً لخطته خلال 3 سنوات؛ أبرزها إنكوليس للتأجير التمويلى، وبنك القاهرة عمان، وعدد من المساهمات فى الشركات الأخرى، كما يخطط البنك الأهلى لطرح مساحات كبيرة من الأراضى، خلال النصف الأول من العام الجارى، بالإضافة إلى التخارج من المساهمات البسيطة فى الشركات والتى تمثل غالبيتها أقل من 10%.
وترى نانسى فهمى، محلل قطاع البنوك ببنك الاستثمار بلتون، إن البنوك الخاصة والأجنبية العاملة فى مصر لن تواجه تحديات كبيرة فى تطبيق بازل 3، خلال العام المقبل؛ بسبب أن بعضها يتبع البنوك الأم التى تطبق بازل 3 فى الوقت الحالى، بينما البنوك الخاصة تتبع سياسات تحفظية خاصة للمخصصات.
وأضافت »فهمى«، أن البنوك العامة والبنوك الصغيرة قد تواجه بعض المشاكل فى تطبيق القواعد الجديدة، خاصة التى لديها استثمارات أجنبية مباشرة كبيرة، والتى تحتاج وضع مخصصات لها عند تطبيق مقررات بازل 3.
ويستهدف بنك مصر، ثانى أكبر البنوك من حيث الأصول، التخارج من نحو 50% من استثماراته المباشرة فى الشركات، وفقاً لخطته خلال 3 سنوات.
وقالت سوزان حمدى، رئيس قطاع الاستثمار ببنك مصر فى تصريحات سابقة لـ«بنوك وتمويل»، إن البنك لديه خطة للتخارج من استثمارات مباشرة بنحو 15 مليار جنيه خلال 3 سنوات، تمثل نحو 50% من استثمارات البنك المباشرة.
وأضافت »حمدى«، أن خطة البنك للتخارج من الاستثمارات بدأت بالتخارج من شركة الوطنية للذرة، وأن الهدف من التخارجات يرجع إلى اتجاه بنك مصر للتوافق مع متطلبات القاعدة الرأسمالية لبازل 3.
وقال مدير مالى بأحد البنوك الخاصة، إن بازل 3 فرضت مخصصات على استثمارات البنوك باستثناء أذون وسندات الخزانة بالعملة المحلية صفرية المخاطر، وإن أمام البنوك عدداً من الحلول تتمثل فى إعادة هيكلة الاستثمارات والتخارج من تلك ذات العائد المنخفض.
وتابع: «هذا الحل يتماشى مع البنوك ذات المحافظ الاستثمارية الكبيرة، والحل الآخر هو تعزيز الربحية من خلال إعادة تسعير الودائع والقروض سواء بخفض تكلفة الأموال أو رفع العائد على القروض، وسيكون الخفض الأقرب للواقع فى ظل ارتفاع أعباء الإقراض بصورة كبيرة».
وذكر المدير المالى، أن إعادة التسعير تتوقف على استراتيجية البنك ومدى مفاضلته بين تركيزه على الحصة السوقية، وجذب المدخرات أو تحقيق ربحية أعلى.
وأوضح أن مخصصات بازل 3 سيتم تطبيقها، أيضاً، على أرصدة البنوك لدى بعضها، وهو ما لم يكن يحدث مسبقاً، وسيضع تحديات على توفير السيولة من جهة البنوك المقترضة وتوظيفاتها للبنوك المودعة فى ظل القيود المفروضة على إقراض العملاء للتوافق مع معايير كفاية رأس المال.
وأشار عمرو كمال، رئيس مجلس إدارة البنك العقارى العربى، إلى أن البنك يستعد لتسييل أصول بقيمة 3 مليارات جنيه، خلال العام والنصف المقبلين؛ بهدف إعادة استثمار هذه السيولة فى قنوات توظيف أفضل ربحاً، مشيراً إلى أن هذه السيولة تسهّل على البنك التوافق مع معايير كفاية رأس المال التى يحددها البنك المركزى.
وترى رضوى السويفى، رئيس قطاع البحوث ببنك الاستثمار فاروس، أن البنك المركزى، منذ عامين، كان يصدر بعض التعليمات الخاصة بالبنوك لتجهيزها لتطبيق متطلبات بازل 3، خاصة معدلات معيار كفاية رؤوس أموال البنوك.
وأضافت أن البنوك المدرجة فى سوق الأوراق المالية (البورصة) لن تواجه أى مشاكل فى تطبيق متطلبات بازل 3، خاصة أنها تمتلك معدلات كفاية رأسمال مرتفعة، بالإضافة إلى أن أغلب البنوك قامت بزيادة رؤوس أموالها عقب تحرير سعر الصرف، وحصلت على قروض مساندة.
وقالت »السويفى”، إن جزءاً من استعدادات البنك المركزى لتطبيق بازل 3، أنه ألزم البنوك بزيادة معدلات كفاية رأس المال سنوياً بنسبة 0.6%، لتصل إلى 12.5% بحلول 2019.
وذكرت أن تعويم الجنيه أسهم بدوره فى زيادة استعدادات البنوك لمقررات بازل 3، عبر زيادة زيادة مخصصاتها بشكل كبير بالتزامن مع زيادة نسبة القروض المتعثرة.
وأشارت إلى أنه لا يوجد تحدٍ كبير بالنسبة للبنوك الخاصة، لكن بعض البنوك الحكومية والصغيرة فى القطاع المصرفى المصرى قد تواجه مشاكل فى عملية تطبيق المقررات.
ومن جانبه، قال ياسر إسماعيل حسن، رئيس مجلس إدارة بنك الكويت الوطنى، إن البنك مستعد لتطبيق بازل 3 بالفعل، ولا يوجد أى ضغوط ملحوظة على رأس المال أو المخصصات؛ نظراً إلى كون البنك يتبع سياسة البنك الأم فى فرض مخصصات كبيرة، ورفعنا رأس المال بمعدلات جيدة العام الماضى، مستبعداً الحاجة لأى زيادة جديدة الوقت الحالى، مشيراً إلى أن البنك يعتزم التخارج من بعض المساهمات البسيطة فى الاستثمارات المباشرة والتى تم الدخول فيها قبل الاستحواذ على البنك.
وأصدر البنك المركزى، يوليو 2016، تعليمات رقابية للبنوك بشأن إدارة مخاطر السيولة، وفقاً لمقررات بازل 3، ونسبتى تغطية السيولة وصافى التمويل المستقر.
وشملت التعليمات إلزام البنوك بتغطية نسبة السيولة بشكل تدريجى لكل من العملة المحلية والعملات الأجنبية كل على حدة، ليصل إلى 70% فى 2016، و80% فى 2017 و100% فى 2019.