لاتزال الصين تلتهم السلع الأساسية فى العالم، وتسجل رقماً قياسياً جديداً فى استهلاك كل شىء بدءاً من البترول الخام إلى فول الصويا.
وخلال عام من التذبذب نتيجة تخفيض الإنتاجية الصناعية والقيود البيئية وتقليص الديون، استمر الطلب على المواد الخام فى النمو من جانب أكبر مستهلك فى العالم، مما ساعد على تحقيق مكاسب سنوية للعام الثانى فى إيرادات السلع العالمية.
وكشفت البيانات ارتفاع مؤشر «بلومبرج» للسلع بنسبة 0.2% لليوم الرابع على التوالى، فى وقت توسع فيه العائد على المواد الخام بنسبة 0.8% العام الماضى بعد ارتفاعه بنسبة إجمالية بلغت 11.4% فى 2016.
وفى الوقت الذى يسعى فيه الرئيس الصينى شى جين بينغ، لتوطيد سلطاته وراء اقتصاد قد يكون سجل أول تسارع منذ عام، توجد علامات قليلة على تباطؤ طفرة السلع الصينية فى 2018.
وقال المحلل فى شركة «تشاينا كابيتال» الصينية ومقرها بكين، قوه تشاو هوى، إن التوسع الاقتصادى فى الصين ظل يفوق التوقعات منذ النصف الثانى من العام الماضى، مما زاد الطلب على جميع أنواع السلع، مضيفاً: «نتوقع استمرار قوة النمو الاقتصادى فى عام 2018 التى ستحافظ على شهية الواردات فى البلاد».
وذكرت وكالة أنباء «بلومبرج»، أن الصين فازت بلقب أكبر مستورد للبترول فى العالم بعد أن تجاوزت شحنات البلاد، نظيرتها إلى الولايات المتحدة على أساس سنوى للمرة الأولى على الاطلاق، وتعد أيضاً واحدة من أكبر المشترين للخام الأمريكى.
وكشفت البيانات الصادرة عن الادارة العامة للجمارك الصينية، أن الشحنات الواردة من جميع انحاء العالم قفزت بنسبة 10% لتصل الى 8.43 مليون برميل يومياً فى عام 2017.
ويمكن تحسين عمليات الشراء غير المسبوقة العام الحالى، بعد توزيع حصص الاستيراد التى منحتها الحكومة لمصافى التكرير الصينية المستقلة، وكانت الدفعة الأولى من المخصصات أعلى بنسبة 75%، مقارنة بما كانت عليه فى عام 2017.
وأدى تركيز الصين المتزايد على تنظيف الهواء، إلى تحرى الجودة فى سوق خام الحديد العالمى، مما دفع المستخدمين إلى دفع ثمن مواد أفضل، الأمر الذى يدعم انتعاش الأسعار التى سجلت زيادة قياسية فى يونيو الماضى.
وأشارت الوكالة إلى أن الطلب على الصلب فى البلد الآسيوى الذى ينتج نصف إمدادات العالم ويشترى حوالى ثلثى شحنات الخام العالمية المنقولة عبر البحر، يبدو مستقراً، إذ أن المصانع تحافظ على مزيد من الإنتاج فى الداخل، وانخفضت الصادرات بنسبة 30.5% لتصل إلى 75.43 مليون طن العام الماضى، ومن غير المرجح أن يتعافى هذا الانخفاض بسهولة.
وكشفت الوكالة أن شراء الصين الخام الأقل تلويثاً، هو تكتيك واحد فقط فى حربها ضد التلوث، إذ توجد هناك طريقة أخرى للحد من استخدام الفحم تتمثل فى تشجيعها استخدام الغاز الطبيعى، وارتفعت واردات الوقود عن طريق البحر وخطوط الأنابيب بنسبة 27% تقريباً لتصل إلى 68.57 مليون طن فى 2017، وتسببت شهية البلاد للغاز الطبيعى، فى حدوث نقص فى المعروض هذا الشتاء، مما يشير إلى أنه لايزال هناك مجال لنمو المشتريات.
وأوضحت شركة «كابيتال» الدولية ومقرها بكين، أن استهلاكها توسع بنسبة 10% هذا العام، فى حين توقعت «سانفورد سى بيرنشتاين» أن يتزايد الطلب الصينى بنسبة 15%.
وفى الوقت الذى تحاول فيه الصين تنظيف هواءها، تسعى أيضاً للحصول على مزيد من الغذاء لخنازيرها فى مزارعها الواسعة الآخذة فى الاتساع.
وأوضحت الوكالة، أن انفجار النمو الاقتصادى على مدى العقدين الماضيين، أدى إلى جعل سكانها أكثر ثراءً مع تحسن مستويات المعيشة التى تحفز استهلاك اللحوم.
وزاد الطلب أيضاً الطلب على فول الصويا الذى يتم استخدامه لتغذية للخنازير، إذ قفزت شحنات الصين من البذور الزيتية بنحو 14% إلى رقم قياسى بلغ 95.54 مليون طن عام 2017، ومن المتوقع أن تنمو واردات فول الصويا فى البلاد إلى 97 مليون طن وهى قيمة غير مسبوقة فى سبتمبر 2018 وفقاً لوزارة الزراعة الأمريكية.
وبما أن الاقتصاد المتنامى يحفز بناء المنشآت والمصانع، فإن الصين ستحتاج إلى مزيد من النحاس للأسلاك الكهربائية والأنابيب التى تتدفق من خلال بنيتها التحتية، مما يزيد الطلب على المشتريات من الخارج.
وارتفعت الواردات الصينية لخام النحاس وخامات البناء الأخرى بنسبة 2.3% لتصل إلى 17.35 مليون طن العام الماضى، وسيستمر نمو الطلب على المواد الخام الأجنبية فى 2018.