رفعت عدد من مؤسسات الأبحاث الدولية، توقعاتها لمعدل نمو الناتج المحلى للسنة المالية الحالية خلال الشهور الثلاثة الماضية، بنسب تتراوح بين 0.1 و1.5% بعد ما وصفوه بنجاح مصر فى تطبيق خريطة الإصلاحات الهيكلة المتفق عليها مع صندوق النقد الدولى.
وعدلت المؤسسات توقعاتها بعدما رفع صندوق النقد الدولى مستهدفاته لنمو الناتج المحلى الإجمالى فى مصر إلى 4.8% بدلاً من 4.5% وهو الإجراء نفسه الذى اتخذه البنك الدولى فى تقرير الآفاق الأخير.
وتراوحت توقعات النمو بين 4% و5.2%، وكان بنك ستاندرد شارتر هو أقل المتفائلين فى حين أن بنك بى أن بى باريبا كان الأكثر تفاؤلاً.
وتتأرجح توقعات المؤسسات لمعدلات العجز الكلى للموازنة العامة بين مستويات 7.2% و10% من الناتج المحلى الإجمالى، وكانت مؤسسة “نومورا” الأكثر تفاؤلاً فى حين أن بى ان بى باريبا رأى ان الحكومة لن تنجح فى خفض العجز إلى مستهدفاتها عند 9.5% وانه سيرتفع إلى 10% من الناتج المحلى الإجمالى.
وتراوح متوسط معدلات التضخم خلال العام 2018 بين 13% و23% وكانت توقعات هيرمس المالية هى الأقل فى حين أن تقديرات يولر هيرميس الألمانية هى الأعلى.
وكانت «بى إم آى ريسيرش»، إحدى شركات مجموعة فيتش للتصنيف الائتمانى الأكثر تغييراً فى رؤيتها للاقتصاد المصرى وقالت فى تقرير حديث لها حصلت «البورصة» على نسخة منه، إن الاقتصاد المصرى سينمو بوتيرة أسرع بعدما بدأت تدابير الإصلاح الهيكلى تؤتى ثمارها.
وأعربت عن تخوفها أن تحمل الانتخابات الرئاسية الحكومة على خفض وتيرة الإصلاحات، ما قد يؤثر على العجز المالى للدولة، لكنها رأت أن خفضه سيكون كافياً لصندوق النقد الدولى لمواصلة دعم البلاد، خاصة وأن العجز الأولى سيتحول لفائض هذا العام للمرة الأولى منذ عام 2003.
وذكرت المؤسسة، أن مصر مستمرة فى الاعتماد على التمويل السعودى والإماراتى، واستبعدت تخارج رؤوس الأموال الأجنبية رغم رفع القيود عنها نتيجة تعزيز النمو الاقتصادى وتحسين معنويات المستثمرين.
وقال بنك الإمارات دبى الوطنى فى تقرير حديث له، الخميس الماضى، إنه فى حين أن عام 2017 كان عاماً صعباً بالنسبة للاقتصاد المصرى، فإن التوقعات أكثر إشراقاً مع بداية العام الحالى.
وأضاف أن هناك شعوراً متزايداً، بأن الدواء المر الذى أخذه كجزء من برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى يرعاه صندوق النقد الدولى سرى مفعوله، ما انعكس على مجموعة من المؤشرات التى تشير إلى تحسن الظروف الاقتصادية.
وقال إن سيناريوهات الآثار المترتبة على خفض العملة تسير، كما قال الكتاب حتى الآن، ورغم وجود تحديات هيكلية كبيرة أمام النمو، لكن هناك حالة من التفاؤل بين الشركات فى البلاد، مشيراً إلى ارتفاع مؤشر الثقة التجارية فى استقصاءات مديرى المشتريات.
وأظهرت تقارير مديرى المشتريات الشهور الماضية، أن الأغلبية الساحقة من الشركات تتوقع تحسناً فى الأوضاع لمدة 12 شهراً، وفى استطلاع ديسمبر الماضى توقع، 70% من المستطلعين زيادة الإنتاج فى غضون عام، و8% فقط يتوقعون أن تتدهور الأوضاع.
وسجل كان الربع الرابع أضعف انكماش المؤشر الرئيسى فى أكثر من عامين، كما بدأت معدلات زيادة اسعار المنتجات ومدخلات الإنتاج فى الانخفاض.
وتوقع البنك تراجع التضخم إلى ما دون 20% خلال الربع الأول من العام الحالى فى ظل مرور سنة الأساس وتطبيق معظم الإصلاحات الهيكلية، وارتفاع طفيف فى سعر الجنيه.
وقال التقرير، إن سعر صرف الدولار سيتراجع تدريجياً امام الجنيه خلال 2018 لينخفض إلى 17.25 جنيه بنهاية الربع الأول على أن يتراجع إلى 16.80 بنهاية الربع الرابع.
وذكر التقرير، أن انخفاض التضخم يمكن البنك المركزى المصرى من خفض أسعار الفائدة، فى الربع الأول بنحو 2% لتصل إلى 16.75%، على أن تنخفض إلى 14.75% بنهاية العام الحالى ما سيرفع من وتيرة الطلب المحلى.
وقلل من مخاوف الهبوط المفاجئ فى حجم الاستثمارات الأجنبية فى أدوات الدين الحكومة التى ارتفعت بصورة كبيرة بعد تحرير سعر الصرف لأن جزءاً كبيراً منها دخلت البلاد على مدار العام قد فعلت ذلك عن طريق آلية إعادة تحويل الأموال، كما أن معدلات العائد على الدين المصرى لاتزال جاذبة.
ورهن التقرير تعزيز مسار النمو الطويل الأمد والدائم بزيادة تدفقات الاستثمارات الثابتة، مشيراً إلى أنه رغم تحسن تدفقات الاستثمار الأجنبية المباشرة لكنها مازالت متواضعة حتى الآن، لكن البنك توقع تحسناً فى هذا الصدد خلال 2018.
وذكر ان ارتفاع احتياطى النقد الأجنبى بدى مخاوف المستثمرين من تراجع حاد جديد فى قيمة الجنيه، وقال إنه مع تزايد الثقة بأن الجنيه قد وجد قاعاً، فإن الشركات الدولية سوف تكون حريصة على الاستفادة من العملة الأكثر تنافسية.
واشار إلى دخول عدد من الشركات بالفعل فى السوق فى عام 2017 تشمل مرسيدس بنز، الذى يعيد دخول مصر مع تطوير منشأة توزيع إقليمية جديدة، وشركة تاكسى أوبر.
لكن التقرير ذكر، أنه بمراجعة مؤشرات الشهور التسعة الأولى من 2017 يجد أن مصر لم تتمكن من الاستفادة من قيمة العملة بقدر ما كان يمكن أن تفعله إن لم يكن لحظر الرحلات الجوية المستمرة لمنتجعات رئيسية فى البحر الأحمر من شركاء السياحة الرئيسيين روسيا والمملكة المتحدة.
لكنه قال إنه مع إعادة الرحلات المباشرة من روسيا إلى القاهرة فى أواخر عام 2017، ترتفع احتماليات إزالة القيود المتبقية وتعزيز هذه الصناعة أكثر من ذلك فى عام 2018.
وتوقع بنك التنمية الأفريقى، فى تقرير “الرية” الاقتصادية لأفريقيا عن 2018، نمو الإقتصاد المحلى 4.8% خلال العام المالى الحالى، و5.5% خلال العام المالى المقبل مدعوماً بثقة المستثمرين المستعادة.
كما رأى أن متوسط معدلات التضخم ستنخفض من 23.3% خلال العام المالى الماضى إلى 21.2% خلال العام المالى الحالى و13.7% خلال العام المالى المقبل.
وذكر أنه بخلاف التضخم كان هناك أثر آخر لانخفاض قيمة العملة هو الزيادة الحادة فى رصيد الدين المقوم بالعملات الأجنبية، من 17.3% من الناتج المحلى الإجمالى خلال الربع الأول من 2016 – 2017 إلى 41.2% بنهاية يونيو الماضى، وهو ما أشارت مؤسسة فيتش للتصنيفات الائتمانية إليه حيث ذكرت فى تقريرها أن الدين الخارجى تجاوز 100 مليار دولار.
وعدلت مؤسسات فيتش وستاندرد أند بورز مؤخراً النظرة الائتمانية الخاصة بمصر إلى إيجابية فى الوقت الذى ثبتت فيه مؤديز كلاً من التصنيف والنظرة المستقبلية الحالية.
ورفعت مؤسسة «آى اتش اس» ماركت للأبحاث تصنيف مصر الائتمانى على المدى القصير والمتوسط خلال الربع الثالث من عام 2017 بفضل عودة الاحتياطيات الأجنبية فى البلاد لمستوياتها السابقة وتغطيته لأكثر من 6 أشهر.
وذكرت أن التحسن فى مستويات سيولة النقد الأجنبى حد من مواطن الضعف للقطاعات الخارجية وساعد انتعاش عائدات النقد الأجنبى البنك المركزى المصرى على إحراز تقدم فى تصفية قوائم الانتظار للحصول على النقد الأجنبى من أجل تمويل التجارة والواردات، إلى جانب دفع مبالغ لشركات النفط العالمية لتسوية المتأخرات.
وانخفض التصنيف قصير الأجل من 25 إلى 20 على مقياس رقمى من صفر إلى 100، كما تراجع تصنيف المخاطر السيادية المدى المتوسط من 60 نقطة إلى 50 أى ما يعادل B+ بدلاً من B- وهو أقل ثلاث درجات من الدرجة الاستثمارية
ومع هذه الترقية، تحتفظ المؤسسة بمخاطر أقل بالنسبة للائتمان السيادى لمصر من تصنيفات ستاندرد آند بورز العالمية، وموديز، أو فيتش راتينجس.
ورفعت المؤسسة أيضاً النظرة الائتمانية لمصر قصيرة ومتوسطة الأجل إلى «إيجابى»، مما يعكس المزيد من التحسينات الممكنة.
وذكرت أن مصر نفذت فى برنامجها الإصلاحى لمعالجة الاختلالات المالية والخارجية والتخفيف من النقص فى العملة الصعبة، بوتيرة أسرع، مما توقعه أكثر المتفائلين.
وتوقع بنك الكويت الوطنى فى تقرير حديث له، تغير التصنيف الائتمانى لمصر خلال العام الحالى فى حين أنه ذكر أن مصر تستطيع تأمين الحصول على ديون سيادية بتكلفة أقل من نظرائها ذات التصنيف نفسه، لأن نظرة المستثمرين الائتمانية لمصر تحسنت بشكل كبير.
