ملف.. تقليص الضمانات السيادية.. البنوك متشائمة والهيئات متفائلة


طالب صندوق النقد الدولى بوضع إطار تنظيمى للحد من الضمانات التى تقدمها وزارة المالية للهيئات العامة للاقتراض من البنوك والمؤسسات الدولية.
وتضمنت وثائق المراجعة الثانية لبرنامج الإصلاح الاقتصادى والتى أصدرها الصندوق، نقداً للإجراءات التى اتخذتها «المالية» لوضع إطار تنظيمى للسيطرة على الضمانات الحكومية.
وقال التقرير «الحكومة فشلت فى تحقيق خطوة تحجيم الضمانات التى كان مقرراً الانتهاء منها فى سبتمبر الماضى، ويجب وقف الضمانات الجديدة بحد أقصى يونيو 2018».
وأضاف الصندوق أن الحكومة تحتاج إلى مزيد من الوقت لوضع إطار شامل بشأن ضمانات الدولة، ولكنها اكتفت بإصدار مذكرة توجيهية بشأن المبادئ العامة لمنح الضمانات فى أكتوبر 2017.
ويرى محللون بقطاع البنوك أن وقف الضمانات الحكومية سيؤدى لتراجع محافظ القروض التى تمنحها البنوك للمؤسسات العامة بسبب زياة مخاطر الائتمان، كما توقع مختصون بقطاع الطاقة الذى يعد أكبر الحاصلين على ضمانات من «المالية» تراجع حجم قروض القطاع بعد الاكتشافات البترولية الجديدة وزيادة فائض إنتاج الكهرباء ما يرفع من التدفقات النقدية للقطاع.

 

 

 
توقف «المالية» عن ضمانة الهيئات العامة مرهون بزيادة تدفقاتها
توقعات بتباطؤ نمو محافظ القروض بالبنوك العامة والصغيرة بعد وقف الضمانة الحكومية
«فهمى»: البنوك ستعيد تسعير الفائدة وتقييم المخاطر وزيادة تمويلات القطاع الخاص
«بشاى»: المؤسسات الحكومية تحتاج لإصلاحات هيكلية والاتجاه للأسواق الدولية لخفض تكلفة الدين

 

استبعد مديرو ائتمان ومحللون استجابة وزارة المالية لمطالب وثائق المراجعة الثانية لصندوق النقد الدولى بوقف ضمانات وزارة المالية للهيئات والشركات العامة.
وقالوا إن توقف «المالية» عن ضمانة بعض الشركات والهيئات العامة مرهون بقدرة تلك الجهات على تحقيق تدفقات فى الإيرادات تسدد منها التزاماتها وتوسعاتها، وهو ما يستلزم فترات طويلة.
وتعد الشركة القابضة للكهرباء والشركات التابعة لها والهيئة العامة للبترول أكبر الجهات الحاصلة على ضمانة من «المالية» للحصول على قروض أغلبها من البنوك العامة لسداد التزاماتها تجاه البنوك نفسها أو لتنفيذ استثمارات جديدة.
ويبلغ إجمالى قروض الجهات الحكومية 365.4 مليار جنيه من إجمالى قروض القطاع المصرفى البالغة 1.4 تريليون جنيه بنهاية سبتمبر الماضى، وفقاً لأحدث بيانات البنك المركزى.
وقالت نانسى فهمى، محللة قطاع البنوك ببنك الاستثمار بلتون، «فى حالة توقف وزارة المالية عن ضمان قروض الهيئات الحكومية سيحدث تباطؤ فى نمو محافظ القروض بالبنوك العامة والصغيرة والتى توجه حصة كبيرة للهيئات العامة».
أضافت أن ضمانات وزارة المالية تجعل القروض «منعدمة المخاطر»، وهو ما يحفز البنوك على التوسع فى تمويلها.
وتابعت «فهمى»، «وقف الضمانات سيدفع البنوك لإعادة النظر فى آلية منح القروض من حيث تسعير الفائدة وتقييم المخاطر التى سترتفع بالتأكيد».
أوضحت أن ارتفاع مخاطر القروض بشكل عام يدفع البنوك لزيادة المخصصات ورؤوس الأموال التى باتت أحد أعباء البنوك حالياً، وهو ما قد يقلص القروض الحكومية الممنوحة خلال الفترة المقبلة.
وقالت إن بنوك القطاع الخاص الكبرى، توقفت منذ فترة عن إقراض هيئات الكهرباء والبترول ذات الضمانة من وزارة المالية؛ بسبب أنها تحصل على قروض تمثل نسبة كبيرة من رأسمال البنك، وبالتالى تضغط على معيار كفاية رأس المال.
أضافت أنه فى حالة عودة القطاع الخاص للنمو بمستويات جيدة خلال الفترة المقبلة، ستتجه البنوك لتمويل مشروعاته بشكل أكبر مقارنة بقروض الشركات الحكومية التى قد تصبح غير مضمونة.
واستبعد مدير ائتمان فى بنك مصر توقف المالية عن تقديم الضمانات دفعة واحدة؛ لأن البنوك المحلية والخارجية تطلب ضمانات وزارة المالية خاصة مع وجود فجوات مالية لدى المؤسسات العامة تضعف جدارتها الائتمانية، وترفع قيم مخصصات البنوك كما تقفز بتكلفة التمويل.
وقال إن الحل الوحيد لاقتراض المؤسسات الحكومية بضمانات أقل أو دون ضمانات هو حدوث تحسن هيكلى فى ميزانياتها لتكون تدفقاتها النقدية قادرة على تسديد المديونية إلى جانب توسيع قاعدة المقرضين لتشمل جهات محلية ودولية مصرفية وغير مصرفية.
أضاف، «توجد صعوبة فى إحجام المؤسسات العامة عن طلب التمويل خاصة مع حاجتها لتمديد اتفاقات تمويلية قائمة بالفعل، ومنها ما أوشك على الاستحقاق فى ظل تحقيق بعض الشركات أرباحاً طفيفة وأحياناً خسائر لا تمكنها من السداد إلا فى حال اتجاهها لتمويل مشروعاتها بالمشاركة مع القطاع الخاص».
وقال عصام مرسى، رئيس قطاع ائتمان الشركات الكبرى فى بنك التنمية الصناعية والعمال المصرى، إن خفض ضمانات وزارة المالية يرفع الوزن الترجيحى لمديونية الشركات الحكومية بدلاً من كونها صفرية المخاطر، ما يضغط على مؤشرات السلامة المالية للبنوك.
أضاف أن وقف الضمانة يخفض الحد الأقصى المسموح به لإقراض تلك المؤسسات؛ تماشياً مع النسب الإلزامية لكبار العملاء من القاعدة الرأسمالية.
وقال يوسف بشاى، مصرفى أول فى بنك بى إن بى باريبا، إن مصر توسعت فى إصدار الضمانات المالية نتيجة التأخر فى إصلاحات هيكلية خاصة بتحرير أسعار السلع لأكثر من 3 عقود، ما حمَّل المؤسسات العامة عبء الدعم وتحمل فروق التكلفة، الأمر الذى أثر على مراكزها المالية وجودتها الائتمانية لدى البنوك وبالتبعية قدرتها على الاستدانة.
أضاف أن حجم الضمانات الحكومية غير ثابت، وينخفض بالتزامن مع جداول استحقاق سداد الديون.
أوضح «بشاى»، أن المؤسسات الحكومية يجب أن تجرى إصلاحات هيكلية، وترفع أسعار منتجاتها لتستطيع سد الفجوة المالية لديها، وتحسين جدارتها الائتمانية، وتتوجه للأسواق الدولية لخفض تكلفة خدمة الدين والاستفادة من معدلات العائد المنخفضة عالمياً، مقارنة بأسعار العائد التى بلغت ذروتها محلياً.
وتابع «الجهات الحكومية بعد توفيق أوضاعها يجب عليها السعى للحصول على تصنيف ائتمانى خاص بها يمكنها من اقتحام أسواق السندات التى تشترط وجود تصنيف».
ورهن «بشاى» الاستغناء الكامل عن ضمانات وزارة المالية بتحقيق الهيئات العامة لأرباح تشغيلية، وانخفاض نسبة الدين إلى الإيرادات المتكررة، وزيادة الإيرادات التشغيلية، وتعظيم قيمة الأصول المالية.
أوضح أن إعادة تقييم الأصول المالية للشركات العامة بعد الاستثمارات الأخيرة يعزز جدارتها الائتمانية؛ لأن قيمة الأصول أحد المؤشرات المهمة التى تنظر إليها البنوك عند إقراض العملاء.
وقال إن تنظيم الضمانات الحكومية يفتح المجال أمام مشاركة القطاع الخاص فى الشركات الحكومية؛ لتوفير التمويل اللازم للمشروعات من خلال الشراكة بنظام الـppp أو طرح أسهم فى البورصة.

 

 

 
الطاقة: خفض الدعم يغنى القطاع عن الضمانات الحكومية
الاكتشافات الجديدة وفائض إنتاج الكهرباء يرفعان إيرادات الشركات
كمال: تراكم مديونيات القطاعات الأخرى دفعت «البترول» للاقتراض
يوسف: بنوك أجنبية عرضت تمويل مشروعات دون ضمانات
سلماوى: المرحلة المقبلة لا تتطلب مساندة باستثناء «المتجددة» و«الحمراوين»

تدعم حزمة الإجراءات الإصلاحية التى اتخذتها الحكومة خطة قطاع الطاقة للاستغناء عن ضمانة وزارة المالية لقروض المشروعات التى ينفذها.
وساهمت المشروعات والاكتشافات الجديدة بقطاعى الكهرباء والبترول فى تأمين الإمدادات والاتجاه لتحويل مصر إلى مركز إقليمى للطاقة، بعد اكتشافات البترول وفائض إنتاج الكهرباء ما يرفع من الإيرادات المالية للقطاع.
وتسعى الحكومة لتطبيق خطة رفع الدعم تدريجياً عن قطاع الطاقة حتى تتمكن من الوفاء بالتزاماتها وتقليل مديونياتها.
وقال مصدر بالهيئة العامة للبترول، إن الأصول التى تملكها الهيئة قيمتها النقدية مرتفعة جداً، والهيئة لديها مستحقات لدى أطراف متعددة داخل مصر.
أضاف أن الفترة الماضية شهدت تحقيق عائدات إضافية من خلال شركات بتروجت وإنبى وسوميد وصان مصر بالإضافة إلى شركات الإنتاج وشركات الخدمات البترولية التى تعمل داخل وخارج مصر وتوفر نقداً أجنبياً.
أوضح المصدر أن الهيئة العامة للبترول تحملت أعباء والتزامات مالية ضخمة خلال فترة ارتفاع أسعار البترول، وتزايد الطلب المحلى على المنتجات البترولية المستوردة من الخارج بالأسعار العالمية مقابل طرحها بأسعار مدعومة بالسوق المحلية، وهو ما دفع الهيئة للاقتراض من البنوك.
أشار إلى أن هيئة البترول لديها جدول زمنى محدد وآليات جديدة لتسديد تلك القروض، واستراتيجيتها فى الفترة المقبلة تتضمن استمرار تنفيذ خطة رفع الدعم لتوفير مبالغ مالية للهيئة بما يحد من حاجتها للاقتراض أو الاقتراض بضمان أصولها وإيراداتها.
وقال مدحت يوسف نائب رئيس هيئة البترول الأسبق، إن بدء الإنتاج من حقل ظهر يقلل الاعتماد على استيراد الغاز المسال من الخارج، ويخفف الضغط على ميزان المدفوعات البترولى من خلال تخفيض فاتورة استيراد الغاز المسال من الخارج، وأيضاً العملات الأجنبية المستخدمة فى الاستيراد والتى تبلغ نحو 200 مليون دولار شهرياً.
ويعد حقل ظهر العملاق أحد أهم الاكتشافات البترولية التى حققها قطاع البترول فى السنوات الأخيرة، ويضم الحقل الذى اكتشفته شركة إينى الإيطالية فى 20 أغسطس 2015، احتياطيات تقدر بنحو 30 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعى.
أضاف يوسف أن قطاع البترول قادر على سداد القروض التى حصل عليها، خاصة بعد الاكتشافات والمشروعات الجديدة والرفع التدريجى لأسعار الوقود بجانب توفير ضمانات للقروض الجديد حال الحصول عليها.
أوضح أن الهيئة العامة للبترول تسدد القروض بانتظام عبر عوائد الإنتاج، وتسدد حصة الشريك الأجنبى فى صورة خام أو مكثفات أو غاز طبيعى أو نقدى.
أشار إلى أن عددا كبيرا من البنوك الأجنبية عرضت على القطاع قروض عديدة لمشروعات يجرى تنفيذها دون طلب ضمانة حكومية.
وتابع: «الوضع السابق بإصدار ضمانات حكومية للمشروعات لن يتكرر.. والشركات العاملة فى حقل ظهر لم تطلب ضمانة حكومية».
وقال أسامة كمال وزير البترول الاسبق، إن قطاع البترول لم يحصل على ضمانة لمشروعات البحث والاستكشاف، ولابد من التوقف عن إصدار الضمانات الحكومية خاصة مع وجود فائض فى إنتاج الكهرباء، واتجاة مصر لتحقيق الاكتفاء الذاتى من الغاز.
أضاف أن قطاع البترول قادر على سداد التزاماته والقروض التى حصل عليها كانت بسبب تراكم المديونيات على القطاعات الحكومية الأخرى ما دفعه للاقتراض لسداد مستحقات الشركاء الأجانب.
وتسعى وزارة الكهرباء لإتمام فصل الشركة المصرية لنقل الكهرباء عن الشركة القابضة لكهرباء مصر، ويعمل الفصل على الحيادية فى شراء الطاقة المولدة من محطات توليد الكهرباء التابعة للشركة القابضة أو القطاع الخاص.
كما يحقق الفصل ضمانة للمستثمرين فى جدية الدولة بشراء الطاقة المولدة منهم بحيادية كاملة دون محاباة للمحطات التابعة.
وقال الدكتور حافظ سلماوى المدير السابق لجهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك، إن المرحلة المقبلة لن تتطلب ضمانات حكومية لمشروعات كهرباء سوى لمشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة ومحطة فحم الحمراوين.
أضاف أن الضمانات الحكومية ضرورية للعقود طويلة الأجل، وحال إثبات جدارة سوق الكهرباء فى مصر، لن يحتاج القطاع لضمانة من الحكومة وسيمتلك محفظة مالية مستقلة.
أوضح سلماوى أن التوجه نحو السوق التنافسى، وسعى شركات قطاع الكهرباء لتحسين تصنيفها الائتمانى جزء من منظومة متكاملة لعدم الاتجاه إلى ضمانة الحكومة لسداد المستحقات.
وشدد على أن الكهرباء لديها القدرة على سداد المستحقات عبر بيع القدرات المنتجة للمشتركين، والضمانة تلجأ إليها المؤسسات لحمايتها من عدم انتظام السداد أو إنهاء التعاقدات أو المخاطر السياسية.
وتابع: «فى المستقبل القريب لن تحتاج الكهرباء لضمانة حكومية.. وفى ظل سوق تنافسى يوجد عدد كبير من الشركات العربية والعالمية تنفذ مشروعات باستثمارات كبيرة وتحصل على مستحقاتها بانتظام».

 

 
خريطة الضمانات بنهاية عام 2016
البترول يستحوذ على %47.6 والكهرباء %25 من مساندة الحكومة
%10.7 حصة هيئة قناة السويس من الضمانات و«المجتمعات العمرانية» %1.64
منحت وزارة المالية، ضمانات حكومية لقروض حصلت عليها 9 جهات عامة بنهاية عام 2016، واستحوذ قطاعا الطاقة والنقل على %83 من الضمانات القائمة.
وتصدر «المالية» ضمانات تُمكن الجهات المملوكة للدولة من الحصول على قروض من المؤسسات المالية المحلية أو الخارجية وتسهيلات من الموردين لتمويل المشروعات القومية والمرافق العامة.
واستحوذت الهيئة المصرية العامة للبترول على %47.61 من الضمانات القائمة، يليها قطاع الكهرباء بـ %24.95، وهيئة قناة السويس بنسبة %10.7، وهيئة تنمية الطاقة الجديدة والمتجددة بحصة %1.71.
كما بلغت حصة هيئة المجتمعات العمرانية من الضمانات %1.64، وصندوق تمويل الإسكان الاجتماعى %1.29، والهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان %0.48، والهيئة القومية للأنفاق %0.46، وضمانات أخرى بنسبة %11.16.
وفى البيان المالى لموازنة 2017 – 2018، حددت «المالية» عدداً من الإجراءات الإصلاحية لتقييم وإدارة المخاطر الناتجة عن الالتزامات المحتملة، منها تشكيل لجنة خاصة بالضمانات السيادية تتضمن جميع المتخصصين بوزارة المالية؛ لمتابعة عملية إصدار وتقييم طلبات إصدار الضمانات الجديدة، والتأكد من جدوى المشروعات الممولة، وقدرة الجهات المقترضة على سداد أقساط وفوائد المديونية المستحقة.
كما قرر مجلس الوزراء، فى مارس 2017، إلزام جميع الوزارات قبل التفاوض أو التعاقد على برامج ومشروعات، خاصةً المشروعات الكبرى ذات الصيغة القومية التى يترتب عليها ديون أو قروض، مراعاة التنسيق مع وزارة المالية، والعرض على «الوزراء»؛ للتأكد من جدوى المشروعات، ومدى حاجة الدولة إليها، وما قد يترتب عليها من التزامات تتطلب إصدار ضمانات حكومية أو الاقتراض لتمويلها.

لمتابعة الاخبار اولا بأول اضغط للاشتراك فى النسخة الورقية او الالكترونية من جريدة البورصة

مواضيع: البنوك

منطقة إعلانية



نرشح لك


https://alborsanews.com/2018/01/31/1081610