علامات التضخم الأمريكى تثير أزمة جديدة فى سوق الأسهم والسندات


27 مليون سهم بيعت واشتريت يوم الجمعة الماضية

 

منذ أكثر من عشر سنوات، انتظر المستثمرون بصبر أى لمحة عن التضخم فى الاقتصاد الأمريكى، والذى يعد علامة على أن التعافى سوف يغذى نفسه بنفسه دون المحفزات الطارئة من الاحتياطى الفيدرالى، وقد حصلوا عليها بالفعل، ولكن صدم رد فعل الأسواق الكثيرين.

وظهرت البيانات الأسبوع الماضى وصاحبها أسوأ تراجع فى سوق الأسهم منذ يناير 2016، ودفع تقرير الوظائف الأقوى من المتوقع والذى احتوى على علامات على نمو الأجور بمؤشر داو جونز الصناعى إلى التراجع بمقدار 666 نقطة أساس يوم الجمعة الماضية، وبذلك وصل إجمالى خسائره فى 5 أيام حوالى 1.100 نقطة، كما ارتفع مؤشر التقلبات.

وقالت وزارة العمالة يوم الجمعة إن أرباب الأعمال الأمريكيين أضافوا 200 ألف وظيفة فى يناير، وأن البطالة تقف عند أدنى مستوى فى 17 عاما.

وقالت وكالة أنباء بلومبرج إن التكهنات بشأن كيف سيتعامل المستثمرون القلقون مع مدى التراجع فى الأسواق تباينت من أن المتداولين الواثقين سوف يتدافعون ويشترون الأسهم المتراجعة إلى التحذيرات من أن موجة الهبوط مختلفة هذه المرة، ولكن يبدو أن موجات البيع التى بدأت فى سوق السندات سوف تتفاقم.

وقال ريتش ويس، خبير الاستثمار ومدير محفظة فى «أمريكان سينشرى إنفيستمينتس» لإدارة الأصول، إن موجة الهبوط تسجل على الأرجح نهاية ثمانية سنوات من الارتفاع الصعودى، موضحا أن الفيدرالى سوف يضطر إلى رفع أسعار الفائدة، وأن سوق السندات يدرك أن هذا النمو الاقتصادى التدريجى سوف يدفع التضخم للصعود من عدة مصادر.

ولم ترحم موجة البيع سوى قلة قليلة، وتراجعت جميع القطاعات الإحدى عشر التى يضمها مؤشر «ستاندرد آند بورز»، وهو ما يعد هبوطا جماعيا غير مشهود منذ قبيل انتخاب دونالد ترامب، وارتفعت العائدات على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات بمقدار 6 نقاط أساس يوم الجمعة إلى 2.85%، وهى أعلى نسبة فى أربع سنوات، وهبط البترول، وانزلق مؤشر بلومبرج للسلع بأكبر تراجع أسبوعى فى شهرين.

ومن بين كل التهديدات، فإن أكثر ما يقلق المستثمرين هو ارتفاع عائدات سندات الخزانة الأمريكية وتأثيرها على التضخم، فمع ارتفاع العائد على السندات بمقدار نصف نقطة مئوية العام الجارى سوف تثار مسألة تقييمات تتعلق بحجم المكاسب التى قد تجنيها من أرباح الشركات مقارنة بالمكاسب من الاستثمار فى السندات.

وعلى مدار الأسبوع الماضي، لم يبدو أن أحدا يهتم بشأن العلامات الإيجابية الواضحة القادمة من سوق السندات، وهى أن ارتفاع العائدات يعكس طلبا متزايدا على الأموال من المقترضين.

وأصيبت استراتيجيات الاستثمار التى عملت طوال سنوات بالشلل أمام موجة الهبوط، وانقلبت الاستراتيجية المعروفة بالتقلبات القصيرة، التى يراهن فيها المتداولون على ان التقلبات فى الأسهم سوف تبقى محدودة، وأدى التراجع يوم الجمعة الماضية فى مؤشر التقلبات لبورصة شيجاكو لعقود الخيارات بنسبة 29% إلى هبوط مؤشر التقلبات «برو شارز شورت فيكس» لصناديق المؤشرات قصيرة الأجل بنسبة 13%، وتضمنت أحجام التداول بيع وشراء 27 مليون سهم، ما يعد أكبر حجم للتداول منذ التصويت على خروج بريطانيا.

وما يثير السخرية هى أن موجة البيع جاءت فى وقت يعد من أفضل جولات تحديث التوقعات بشأن أرباح الشركات على الإطلاق فى تاريخ مؤشر «ستاندر آند بورز»، وارتفعت التقديرات المجمعة لأرباح 2018 للشركات فى المؤشر من 145.90 دولار للسهم فى 15 ديسمبر إلى 156.20 دولار يوم الجمعة الماضية، وهى زيادة أسرع أربع مرات من أى فترة منذ 2012، وفقا لبيانات جمعتها بلومبرج.

وتقول كيت وارن، استراتيجى استثمار فى «إدوارد جونز» إنه خلال موسم الإعلان عن نتائج الأعمال، دائما ما تتفاعل الأسهم مع هذه الإعلانات، وكانت النتائج إيجابية بشكل عام، ولكنها أوضحت انه طالما أن المستثمرين يقلقون بشأن إذا كانت الأرباح كافية أو مستمرة، فسوف نواصل على الأرجح رؤية تقلبات أكثر فى الأسهم.

وقال مايكل بيرفيز، كبير الاستراتيجيين العالميين فى «ويدن آند كو»، إنه يتعين على المستثمرين أن يعتادوا على التقلبات نظرا لقوة ارتفاع الأسواق، ولكن لا ينبغى ان تقوض هذه الاضطرابات الاتجاه الصعودى فى الأسواق الذى يبعد 7 أشهر عن أن يصبح أطول فترة صعود على الإطلاق.

وتوقع بيرفيز أن يبدأ سوق الأسهم بمكافأة المستثمرين بحلول يوم الأربعاء او الخميس المقبل على خلفية استقرار عائدات السندات، موضحا انه مثل أى موجة بيع يصل السوق إلى القاع عدة مرات قبل أن يبدأ مشترين جدد فى الدخول.

وواجه المستثمرون تهديدات من قبل مثل تضخم تقييمات الأصول، و فترات من تراجع الأرباح، أما الآن فيتعامل المستثمرون مع أزمة جديدة تحدث دمارا أكبر من أى تهديد فى العامين الماضيين.

وبعد التحركات المدوية فى الأسواق الأمريكية الأسبوع الماضى، يتساءل المتداولون، هل هذه بداية شيء أكبر؟ واستمرت تحذيرات المتشائمون لوقت طويل لدرجة أنه لم يعد أحد يستمع لهم، وفى ظل ارتفاع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 50% فى أكثر من عامين، يرى البعض نهاية الأموال السهلة الوفيرة التى تمتعت بها الأسهم على مدار 13 عشر شهرا متتالية.

وتعد السمة الأساسية لموجة البيع هذه هى نطاقها، ورغم ان التراجعات الماضية فى سوق الأسهم الأمريكى كانت معروفة بضيق نطاقها، فعندما كان يهبط قطاع يرتفع آخر، ولكن هذه المرة لم يكن هناك ارتفاع لأى قطاع يعوض التراجع.

ومن ناحية اخرى يقول إيفان براون، مدير توزيع الأصول فى «يو بى إي» لإدارة الأصول: «إن قوة أسس الاقتصاد لا تزال سليمة، ولا تزال أسعار الفائدة منخفضة غلى حد كبير، وإذا كان هناك شيء يثير الدهشة، فهو أن موجة التصحيح فى السوق بنسبة تتراوح من 3% إلى5% استغرقت هذا الوقت
ويرى براون ان ما حدث الأسبوع الماضى هو إعادة تسعير صحية لأسعار الأسهم والسندات وليست شيئا سيئا.

لمتابعة الاخبار اولا بأول اضغط للاشتراك فى النسخة الورقية او الالكترونية من جريدة البورصة

منطقة إعلانية



نرشح لك


https://alborsanews.com/2018/02/04/1082685