10 مليارات دولار قروض إثيوبيا من بكين من 2010 وحتى 2015
افتتحت إثيوبيا فى نوفمبر الماضى حديقة “هواسا” الصناعية لصناعة الملابس، والتى تعد أحدث جزء من مخطط مركزى واسع النطاق ومنذ عام 2014 فتحت الدولة الأفريقية 4 مجمعات صناعية عملاقة مملوكة للحديقة الصناعية وتخطط لإنشاء ثمانية مجمعات أخرى بحلول عام 2020.
وتعفى الحكومة الإثيوبية المصنعون الذين أقاموا المحلات فى هذا المجمع من ضريبة الدخل خلال السنوات الخمس الأولى من عملهم إلى جانب تخفيف الرسوم والضرائب المفروضة على استيراد السلع الرأسمالية ولوازم البناء.
وكشفت مجلة «بزنس ويك» التابعة لوكالة أنباء «بلومبرج» أن إثيوبيا تستطيع توسيع بناء مثل هذه المنشآت الصناعية لأنها تحصل على الكثير من المال من الصين، حيث اقترضت الدولة الأفريقية 10.7 مليار دولار من الصين فى الفترة من 2010 إلى 2015.
وأوضحت الوكالة الأمريكية، أنه يتم إنفاق الكثير من هذه القروض فى الوقت الحالى لأجل الحصول على عقود مربحة للشركات الصينية التى تقوم بمساعدة العمال الإثيوبيين على بناء السدود والطرق وشبكات الاتصالات.
وأعلنت الحكومة الإثيوبية، أن هذه البنية التحتية ستسمح للبلاد بالانضمام إلى دول الدخل المتوسط.
وقال بيلاشيو مكوريا، رئيس هيئة الاستثمار الإثيوبية، إن الخطة تهدف إلى خلق 2 مليون وظيفة فى مجال التصنيع بحلول نهاية عام 2025 مضيفاً أن الدولة الزراعية فى طريقها نحو التغيير.
وسلطت الوكالة الضوء على مصنع ملابس جديد بنته الصين فى إثيوبيا وافتتح فى نوفمبر الماضى ويضم هذا المصنع الذى أصبح بمثابة علامة تجارية تسمى «أندوشين إنترناشيونال» ويضم 1400 موظف يعملون فيه.
وقال ديفيد مولر، مدير الموارد البشرية فى المصنع «هناك شعور بالفخر بإنشاء مثل هذا المصنع، ولكن الكفاءة هى المشكلة الحقيقية حيث أشارت إلى أن الموظفين غير المدربين أو المؤهلين لا يمكنهم تسليم 120 قطعة فى الساعة.
وأوضحت الوكالة، أن قدرة الشركات الغربية على فتح مصانع فى فى العالم النامى جعلهم يتجاهلون الأضرار البيئية وظروف العمل، وهو ما كان سبباً فى زيادة إنتاج الملابس الرخيصة.
وكشفت الوكالة، أن مجموعة “بى فى إتش”، والتى تعد الشركة الأم للعلامات التجارية “تومى هيلفيغر” و”كالفن كلاين” هى الشركة الأمريكية الوحيدة فى حديقة “هواسا” بإثيوبيا.
وقال بيل ماكريث، كبير مسئولى سلاسل التوريد فى مجموعة “بى فى إتش”، إن شركته تعد من الشركات غير العادية، حيث أنها رائدة فى سلاسل التوريد.
وتهدف الشركة الأمريكية إلى تطوير القدرة الإنتاجية التى تحتاج إليها والإشراف عليها مباشرة ووافقت الشركة على تطبيق مبدأ الشفافية الجزئية ونشرت اسماء الموردين جنباً إلى جنب مع بلدان المنشأ.
وأوضح ماكريث، أن الحكومة الإثيوبية على استعداد تام لمساعدة هيئة الاستثمار الإثيوبية على الوفاء بمعاييرها الداخلية وهو أحد الأسباب الذى جعل الشركة تفكر فى نقل الإنتاج بشكل متزايد إلى إثيوبيا وكينيا وأوغندا بعد عام من البحث استجابة لارتفاع التكاليف فى الصين
وأكدّ ماكريث، على أن التصنيع شىء جيد وينتشل الناس من الفقر وأن كل جيل لديه الفرصة للقيام بعمل أفضل من الماضى ولذلك فإن صناعة الملابس كانت نقطة الانطلاق فى معظم البلدان النامية.
ووصف لوجستيات ممارسة الأعمال التجارية فى إثيوبيا بأنها لا تختلف كثيراً عن الصين فى الفترة من أواخر الثمانينيات وحتى بداية التسعينيات من القرن الماضى، وتقع حديقة هواسا الصناعية، على بعد 170 ميلاً من العاصمة أديس أبابا و600 ميل من أقرب ميناء شحن فى جيبوتى.
وقال ألمايهو جود، الخبير الاقتصادى فى جامعة “أديس أبابا”، إنه على الرغم من أن الشركات كانت تفضل بناء الحديقة الصناعية بالقرب من الميناء، إلا أن الحزب الحاكم رفض، وقامت شركة الإنشاءات المدنية الصينية ببناء خط سكة حديد بقيمة 3.4 مليار دولار يربط بين العاصمة أديس أبابا وحتى جيبوتى وافتتح فى يناير الماضى لأجل نقل الركاب، ولكن نقل البضائع ربما لن تبدأ حتى تهدأ التوترات السياسية فى إثيوبيا.
فى الوقت الحالى، يتعين على مصنعى حديقة هواسا، أن يشحنوا بضائعهم إلى الميناء، ولكن السائقين يمكن أن يقضوا يومين أو 3 أيام عالقين فى الجمارك والنوم فى شاحناتهم.
وتجعل التوترات السياسية والاحتجاجات المستمرة من الصعب الحصول على الإمدادات محلياً حيث تقول مجموعة “هيردارامانى” إحدى الشركات السريلانكية أنها تستورد 5 حاويات الشحن من الداخل شهرياً.
وهذا يمكن من الناحية النظرية أن يكون فرصة لصغار منظمى المشاريع المحليين ففى عام 2014 بدأ البنك الدولى، مشروعاً بقيمة 270 مليون دولار لتعزيز القدرة التنافسية الإثيوبية وذلك جزئياً من خلال تعزيز الروابط بالمنطقة الصناعية مع الاقتصاد المحلى، ولكن العمل ينطوى على ثغرة ثقافية فلمدة تزيد على 3 سنوات لم يعد البنك الدولى سوى 7 شركات محلية لتدخل فى سلاسل التوريد العالمية.
وأوضحت سوزان كايوند، المحللة فى البنك الدولى، أن تأثير دعم البنك الدولى، على نمو المبيعات وزيادة فرص العمل لا يمكن قياسه إلا خلال 3 إلى 6 أشهر والشركات الجديدة فى إثيوبيا على وشك البدء فى شراء آلات وتدريب العمال.
وكشفت الوكالة، أن الفرق بين مبادرة البنك الدولى، وقروض الحكومة الصينية يتمثل أن بكين لا تقدمه للأعمال الخيرية أو لإعطاء الوهم على الأقل لحكومة إثيوبيا بل تقدمه لتعزيز نموها الخاص.
وأعرب ستيفان ديركون، وهو خبير اقتصادى فى التنمية بجامعة “أكسفورد” الذى أمضى عاماً فى دراسة المصانع الإثيوبية عن قلقه من اقتراض إثيوبيا المليارات من الصين لأن البلاد تبحر فى مهب الريح.
وأوصى ديركون، بضرورة إبطاء معدل الاقتراض وتطوير البنية التحتية، مضيفاً أن الأجور سوف ترتفع فى نهاية المطاف عندما تصل المزيد من الشركات الأجنبية وتبدأ فى التنافس على جلب العمال.
وكشفت الوكالة، أن الأمور ليست وردية كما هو موضح فى الأرقام الرسمية حيث يقدر ألمايهو جود، أن معدل النمو الفعلى يبلغ نحو 6% وهذا يشجع الحكومة على محاولة جذب المستثمرين الأجانب عن طريق تخفيض قيمة العملة المحلية.
وفى أواخر أكتوبر الماضى خفضت البلاد قيمة العملة بنسبة 15% وقامت الوكالة بإجراء مقابلات مع 100 شركة مصدرة لم يذكر أحد منها أن سعر الصرف مشكلة ينبغى حلها.
وأكدّ جميع المصدرين على أن المشكلة الحقيقية فى إثيوبيا تتمثل فى الخدمات اللوجستية والبيروقراطية، ولكن خفض قيمة العملة يؤذى الطبقات الفقيرة فقط بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية.
