
قالت وكالة أنباء «بلومبرج»، إن البنوك المركزية تبرز كأكبر المخاطر التى تهدد ثورة الطاقة الخضراء أكثر من الرئيس الأمريكى دونالد ترامب.
وفى الوقت الذى يسعى فيه الرئيس الأمريكى لتعديل اللوائح؛ من أجل صعود صناعة الفحم على حساب الرياح والطاقة الشمسية، فإنَّ ارتفاع أسعار الفائدة يهدد، أيضاً، بتقليل تدفق التمويلات الرخيصة التى ساعدت على تحويل 2.9 تريليون دولار إلى مصادر طاقة متجددة فى العقد الماضى.
وذكرت الوكالة الأمريكية، أن البنوك المركزية العالمية، وعلى رأسها الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى والمركزى الأوروبى وبنك إنجلترا تتجه نحو تشديد السياسة النقدية، ولذلك بدأ مستثمرو الطاقة المتجددة يفكرون فى تفادى تأثير الاقتراض بمعدل فائدة مرتفع على مشاريعهم.
وقال أنطونى غوردون، العضو المنتدب لشركة «غوردون إنيرجى»، إن مصادر الطاقة المتجددة استفادت كثيراً من سياسات التيسير الكمى، وانخفاض تكلفة رأس المال.
وأوضح أن فيضانات الأموال الرخيصة ساعدت على تأسيس مشاريع كافية لبناء هذه التكنولوجيا، ولكن هذا النجاح قد يكون على أعتاب التصحيح.
وأشارت الوكالة إلى أن أسعار الفائدة المرتفعة ستكون بمثابة الرياح المعاكسة لصانعى السياسات الذين يحاولون الوفاء بالالتزامات التى تم التعهد بها منذ أكثر من عامين فى اتفاق باريس بشأن تغير المناخ.
وتوقعت الوكالة، أن العالم قد يكون بحاجة إلى ثلاثة أضعاف الاستثمار المتدفق إلى الطاقة النظيفة بحلول 2030 بقيمة تصل إلى 900 مليار دولار سنوياً من أجل تحقيق أهداف اتفاق باريس.
وسوف تؤدى الظروف النقدية الأكثر تشدداً إلى إعادة تشكيل مصادر الطاقة المتجددة من أجل الحصول على التمويل.
وذكرت الوكالة، أنه فى الوقت الذى تقل فيه تكاليف تمويل الطاقة المتجددة بمستويات قياسية، فإنَّ الديون المصرفية على وشك أن تصبح أكثر تكلفة
وبالنسبة لمزارع الرياح فى أوروبا، فقد انخفضت تكاليف الدين بنسبة 43% منذ عام 2013، وأسفرت أسعار الفائدة المنخفضة للغاية إلى جانب سنوات من سياسة التيسير الكمى عن التنافس بين المصارف لضخ أموالها فى مشروعات الطاقة المتجددة، وتخفيض أسعار القروض، وتخفيف شروط الاقتراض أو التعهدات.
وقال أليخاندرو سيرويلوس، المدير الإدارى للطاقة والبنية التحتية فى «بانكو سانتاندير»، إن البنوك المركزية تتراجع عن برامج التحفيز وتتجه نحو رفع أسعار الفائدة، ولذلك قد تفكر البنوك كثيراً عندما تقدم قروضاً على مدار عقود بأسعار فائدة غير مربحة.
وقال جون بيريس، رئيس عمليات الاندماج والاستحواذ وتمويل المشاريع لدى شركة «نورثلاند باور» فى كندا، إن الإيرادات التى تأتى من مشاريع الرياح والطاقة الشمسية قد لا تكون كافية لتغطية الديون على جميع المشاريع بمجرد زيادة تكاليف رأس المال.
وأشار إغناسيو غالان، الرئيس التنفيذى لشركة «إيبيردرولا» أكبر منشأة فى إسبانيا وأحد أكبر المستثمرين فى مجال الطاقة المتجددة إلى أن التكاليف انخفضت إلى حد كبير، وأن المشاريع التى تم بناؤها ستفقد المال، مضيفاً أن «الفقاعة موجودة»، ولكن أتوقع أنها لن تكون مستدامة
وقال مارك ماكوميسكى، المدير الإدارى فى شركة «أكوم كابيتال» للاستثمار فى البنية التحتية ومقرها لوس أنجلوس، إن بعض المشاريع التى لم تصل بعد إلى قرار استثمارى نهائى قد لا يتم البدء فيها.
وذكر أنطونيو كاميسيكرا، رئيس شركة «إنيل جرين باور»، أن تمويل الطاقة المتجددة كان سهلاً قبل مبادرة زيادة أسعار الفائدة.
وأوضحت الوكالة، أن مصادر الطاقة المتجددة أصبحت عُرضةً لمخاطر أكبر؛ حيث إنها تحتاج بشكل متزايد إلى التنافس ضد الغاز الطبيعى والفحم منخفض التكلفة مع تراجع الحكومات عن الدعم.
وفى العام الماضى، أجرت ألمانيا وهولندا عطاءات لبناء مزارع الرياح البحرية دون أى دعم، كما تم أيضاً بناء عدد من مشاريع الطاقة الشمسية خالية من الدعم فى البرتغال وإسبانيا وبريطانيا.
ومن المرجح، أن تجد المصارف والمستثمرون مصادر الطاقة المتجددة أقل جاذبية كفئة أصول بالنظر إلى المخاطر التى يتعرضون لها.
ويسعى بعض المطورين لتوقيع عقود توريد طويلة الأجل مع الشركات، وتحديد السعر من خلال وسائل مختلفة.
وفى الوقت الراهن، تقوم شركات التكنولوجيا الكبرى مثل شركتى «أمازون» و«فيسبوك» وشركة «أبل» بشراء الكهرباء المولدة من مصادر متجددة لتشغيل مراكز بيانات كثيفة الاستخدام للطاقة.