هانى أبوالفتوح يكتب: متى تصدر لائحة قانون الجمعيات الأهلية؟


مازال الجدل مستمراً حول «قانون تنظيم عمل الجمعيات وغيرها من المؤسسات العاملة فى مجال العمل الأهلى» رقم 70 لسنة 2017 المعروف باسم قانون الجمعيات الأهلية الجديد، الذى صدق عليه السيد رئيس الجمهورية فى شهر مايو 2017.

فعلى الرغم من أن إصدار القانون قد قوبل بالشعور بالارتياح العام لتنظيم قطاع طالما عانى من فوضى واضحة، غير أن هذا الترحيب يقابله شعور مناقض بالتضييق على المجتمع المدنى والعمل الأهلى، وكلا الفريقين لديه المبررات والأسانيد التى تدعم وجهة نظره.

أما التأخير فى إصدار اللائحة التنفيذية للقانون فقد أشعل حدة الجدل مرة أخرى حتى أن المعارضين شككوا فى إمكانية تطبيقه، وبين النقيضين سأعرض فى هذا المقال أهم ملامح القانون وملخص وجهتى النظر.
صدر قانون الجمعيات الأهلية الجديد فى 89 مادة وبموجبه يُلغى قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية الصادر برقم 84 لسنة 2002، ويلزم القانون الجديد الكيانات التى تمارس العمل الأهلى بتوفيق أوضاعها خلال ستة أشهر وإلا يتم حلها.
وحظر القانون على الجمعيات إجراء استطلاعات الرأى أو نشر أو إتاحة نتائجها أو إجراء الأبحاث الميدانية أو عرض نتائجها قبل عرضها على الجهاز القومى لتنظيم عمل المنظمات الأجنبية غير الحكومية، وإبرام اتفاق مع جهة أجنبية قبل موافقة الجهاز، وكذلك الدعوة إلى تأييد أو تمويل العنف أو التنظيمات الإرهابية.
ونظم القانون قبول وجمع التبرعات بشرط إخطار الجهة الإدارية فى خلال 30 يوم عمل، وصدور الموافقة اللازمة لذلك، ولا يتم الصرف من تلك الأموال إلا بعد صدور هذه الموافقة، كما حدد القانون عدم جواز قبول أموال نقدية تزيد قيمتها على 10 آلاف جنيه إلا بموجب شيك بنكى، مع الالتزام بالإفصاح عن مصادر التمويل.
وحدد القانون المخالفات التى يصدر بشأنها حكم المحكمة المختصة بعزل مجلس إدارة الجمعية وتعيين مجلس مؤقت، وكذلك بحل الجمعية وتعيين مُصفٍ لأموالها، وتفصل المحكمة فى هذه الدعاوى على وجه السرعة ودون العرض على هيئة مفوضى الدولة.
ووضع القانون شروط تأسيس المنظمات الأجنبية غير الحكومية وأهمها دفع رسم لا يجاوز مقداره 300 ألف جنيه أو ما يعادله بالدولار الأمريكى، وأن يكون نشاطها متفقاً مع أولويات واحتياجات المجتمع المصرى وفقاً لخطط التنمية، وألا تمارس نشاطاً يدخل فى نطاق عمل الأحزاب أو النقابات أو نشاط سياسى، كما يحظر عليها إرسال أو نقل أو تحويل أى أموال أو تبرعات إلى أى شخص أو جهة إلا بعد التصريح لها بذلك.
وأنشأ القانون الجهاز القومى لتنظيم عمل المنظمات الأجنبية غير الحكومية الذى يتبع رئيس مجلس الوزراء، يتولى الجهاز البت فى كل ما يتعلق بشئون المنظمات الأجنبية وتعاونها مع الجهات الأخرى داخل البلاد، والتمويل الأجنبى للجمعيات والمؤسسات الأهلية المصرية، كما أنشأ القانون صندوق دعم الجمعيات والمؤسسات الأهلية من أجل توفير الدعم المالى لاستمرارية الأنشطة التى تقوم بها الجمعيات والمؤسسات الأهلية.
وحدد القانون عدة عقوبات تتدرج فى شدتها تصل للحبس 5 سنوات، وغرامات مالية تصل لمليون جنيه، حال إنشاء جمعية تمارس الأنشطة المحظورة، وتلقى أموال من جهة أجنبية أو جمع التبرعات بالمخالفة لأحكام هذا القانون، أو الاستيلاء على الأموال، أو معاونة منظمة أجنبية فى ممارسة نشاط أهلى فى مصر دون الحصول على تصريح من الجهة المختصة، كما تسرى العقوبة على اجراء استطلاعات رأى أو بحوث ميدانية دون الحصول على موافقة الجهة المختصة.

وحدد القانون عقوبة الحبس لمدة لا تزيد على سنة أو غرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه على أى جهة أعطت تصريح لكيان بمزاولة أى نشاط يدخل ضمن أغراض الجمعيات والمؤسسات الأهلية، بخلاف الجهة الإدارية المختصة، ويعاقب المسئول عن الإدارة الفعلية للجمعية بذات العقوبات عن المخالفات لأحكام هذا القانون متى ثبت علمه بها وكان إخلاله بواجبات الإدارة قد سهل وقوع الجريمة، واجه القانون معارضة قوية من الداخل والخارج تعددت أسبابها.

أبرز المعارضين من الخارج هم لجنة حقوق الإنسان بالكونجرس الأمريكى، وأعضاء بمجلس الشيوخ الأمريكى، ومنظمة العفو الدولى، وفى سياق المعرضة، صرح السياسى الأمريكى لينديسى غراهام بأنه سيتم تعزيز شروط المعايير الديمقراطية وأوضاع حقوق الإنسان بشأن المساعدات الأمريكية لمصر حال تطبيق القانون فى مصر.

وبالفعل خفضت أمريكا المعونات الاقتصادية المقدمة إلى مصر على خلفية ملف حقوق الانسان وقانون الجمعيات الأهلية الذى يضع قيود على المعونات الأجنبية.
أما منظمة العفو الدولية، فقد صرحت بأن القانون يفرض قيوداً شديدة لم يسبق لها مثيل على الجمعيات الأهلية، ومن شأنه أن يكون بمثابة حكم بالإعدام على جماعات حقوق الإنسان فى البلاد.

وعلى صعيد المعارضة الداخلية للقانون، أعرب المعارضين للقانون عن عدم رضائهم عن العديد من المواد التى وصفوها بأنها قمعية وتضع شروط صارمة تعوق العمل الخيرى ومؤسسات المجتمع المدنى التى يقدر عددها بنحو 47 ألف منظمة غير حكومية محلية إضافة إلى 100 منظمة يتم تمويلها من الخارج.

فالقانون يشجع فقط على الأعمال التنموية التى تعجز عن قيامها الدولة لمواطنيها وسيجعل الكثير من المتطوعين عازفين عن التطوع خوفاً من الحبس وتقييد الحريات، بالإضافة إلى ذلك، وصف معارضى القانون الجهاز القومى لتنظيم عمل المنظمات الأجنبية غير الحكومية بأنه ليس سوى أداة للتدخل من جانب الأجهزة الأمنية للدولة، وعبروا عن مخاوفهم من أن تستغل العقوبات القاسية التى نص عليها القانون فى التضييق على العاملين والناشطين فى مجال الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدنى.
أما عن تأخير إصدار اللائحة التنفيذية لهذا القانون، فقد اعتبره معارضى القانون مخالفة صريحة حيث كان يتوجب إصدار اللائحة التنفيذية خلال شهرين من التصديق على القانون، كما توقعوا عدم إمكانية تخفيف اللائحة التنفيذية للنصوص المشددة الواردة فى القانون.
فى المقابل يرى المؤيدون للقانون أن تلك الإجراءات القاسية ضرورية لمواجهة التهديدات الناتجة عن الجماعات المتطرفة. ومن مزايا القانون، أنه حدد كثيراً من الأمور التى كانت غير منضبطة فى ممارسات الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدنى وأهمها التمويل الأجنبى وجمع التبرعات وضوابط صرف الأموال ونقلها وتحويلها داخلياً وخارجياً، خصوصاً فى ضوء العدد الهائل من الجمعيات والمنظمات العاملة فى مصر.
أما عن تأخير صدور اللائحة التنفيذية للقانون، فيرجع إلى ضمان التوافق حول آليات تطبيقه، بما يضمن عدم وضع العراقيل أمام عمل الجمعيات الأهلية ومنظمات حقوق الانسان.
وفى رأيى أن القانون الجديد قد تضمن أحكاماً فعالة سوف تؤدى إلى تسوية العديد من أوجه القصور التى لم تكن منضبطة بالقدر الملائم فى الماضى.

على سبيل المثال، أغلق القانون الأبواب الخلفية للتمويل الأجنبى الذى وجهت إليه أصابه الاتهام بشأن دوره المشبوه منذ قيام ثورة يناير 2011، كما أن القانون سوف يضيق الخناق حول تمويل الإرهاب من خلال الضوابط المفروضة على تلقى التبرعات داخلياً وخارجياً، بالإضافة إلى تحجيم ظاهرة الاستيلاء على أموال العمل الخيرى التى كانت تمارسها الجمعيات الوهمية.

وعلى الرغم من توافقى مع القانون بصفة عامة، إلا أنى أعتقد العقوبات الواردة فى القانون شديدة ويمكن إعادة النظر فيها، كذلك أرجو أن تصدر اللائحة التنفيذية بدون المزيد من التأخير، وأن تكون بالفعل قد تضمنت تفسيراً واضحاً ومحدداً للمسائل التى تم إثارتها حول تطبيق نصوص القانون بما لا يدع مجالا للبس والتعسف فى التطبيق.

لمتابعة الاخبار اولا بأول اضغط للاشتراك فى النسخة الورقية او الالكترونية من جريدة البورصة

منطقة إعلانية



نرشح لك


https://alborsanews.com/2018/03/22/1094881