اقتصادنا يا تعبنا.. الحلقة 73
اكتب هذه المرة مقالة مشتركة مع أحد الشباب دعماً منى لهذا الجيل المتفتح ولحثه على الاستمرار فى التعبير عن أفكاره ومحاولة منى لتطويع ما لديه ليصل بصورة سهلة للقراء، وها أنا أشجعه فى مقالة مشتركة، ابدأها ثم اترك له بقيتها ليدلوا بدلوه فى الجزء الثانى منها..
فلاشك أن القطاع العقارى قطاع حيوى.. قطاع يقود قاطرة التنمية فى وقت تتراجع فيه بعض القطاعات الأخرى… فهذا القطاع الذى يجرى وراءه قطاعات فرعية متعدد من مواد بناء – وأدوات وأعمال كهرباء وإنارة – وصرف صحى ومرافق – أسمنت وحديد – التشييد والبناء- زراعة ولاند سكيب – تشطيبات ودهانات – مصاعد وقطاعات الألوميتال والـ PVC ومشتقاتها- التجارى والتجزئة.. إلخ ويعمل به تخصصات عديدة من مهندسين وعمال – مسوقين وبائعين – إداريين وماليين – محللى استثمار وتطوير أعمال.. إلخ.. ويرتبط بحركته صعوداً حركة الأموال بين العملاء والشركات والبنوك وغير من مؤسسات التمويل غير المصرفى كالتمويل العقارى والتأجير التمويلى للمعدلات والآلات.. إلخ.
لذا لا عجب أن يتصدر هذا القطاع كأحد المراكز المتقدمة فى المساهمة فى الناتج المحلى الإجمالى والنمو الاقتصادى فى مصر، حيث أن قطاع التشييد والبناء يربط الكثير من الصناعات ليقدم منتجة النهائى وهو الوحدة سواء سكنية، تجارية، أو إدارية.. ورغم أن مجموعة طلعت مصطفى هى أول من أدخل فكرة التطوير العقارى فى مصر كشركة قطاع خاص بتشييد المجتمعات العمرانية الكاملة فى وقت لم تكن الحكومة على دراية كافية بمدى جدوى مثل هذه المشروعات التى انتشرت بقوة خلال السنوات الأخيرة، وزادت بعدها خبرة الحكومة وشركات التشييد والبناء الحكومية فى كيفية الدخول لهذا المجال وشكل العقود والاتفاقات والانتقال من مرحلة بيع الأرض إلى المشاركة بنظام Revenue Sharing ليتطور مفهوم ومجال المطورين العقاريين. وليتنافس المتنافسين على العملاء فى المزايا والخدمات والتصميمات وخدمات ما بعد البيع التى يقدمونها.
وأصبح على المطور تقديم تصور لخطة التطوير التى سيعمل بها وتقرها الجهة الحكومية المعنية (فى حالة شراء الأراضى من الحكومة)، كما أصبحت تتضع اشتراطات للنسب البنائية والمساحات الخضراء وغيرها.. بل وغدت الجهات الحكومية تنشئ شراكات من خلال الأذرع الاستثمارية فى مشروعات تطوير عقارى، وذلك لكون المجال أصبح خصباً لتحقيق أرباح جيدة.
وبات الجميع يتنافس تحت مظلة آليات السوق (العرض والطلب) وارتباط ذلك بحجم السيولة المتاحة فى الوسق لدى العملاء من ناحية وتحول العملاء للاستثمار فى شراء الوحدات العقارية كمخزن للقيمة.. فى ظل ارتفاع اسعار الوحدات العقارية مراراً وتكراراً وفى وفترات ليست ببعيدة، بحيث أن الأرباح المحققة من إعادة البيع أعلى من ادخار الأموال فى البنوك لأن عائد حصيلة إعادة البيع، مقارنة بالثمن الأصلى مرتفعاً.
ولكن مازال هناك ما يؤرقنا اتجاه، ما هى مبررات ارتفاع أسعار العقارات؟؟ ورغم حدوث هزات اقتصادية فى السوق مازالت تحافظ على قيمتها بل وتزداد؟؟ فهل ستستمر أسعار العقارات فى الارتفاع؟؟ ومتى ستتوقف؟؟ وهل توافر المعروض وطرح المزيد من الأراضى سيؤدى إلى حدوث ركود وأزمة فى هذا القطاع فى ظل تأكل مدخرات الطبقة المتوسطة؟؟ مع تأخر الشركات فى تنفيذ المشروعات.. تاركاً للمحلل الاستثمارى أحمد عز الدين استكمال باقى المقالة كما يلى… دونما تأثير على رأيه..
فقد تزايدت تساؤلات المواطنين حول الزيادة غير المبررة للبعض عن تضخم كبير فى أسعار الوحدات، ولاسيما بعد التعويم، بل وتساءل الاقتصاديين والمهتمين بالمجال عن سبب الارتفاع، فقطاع العقارات ليس مستورداً بطريقة رئيسية ليتأثر بشكل مباشر بالتعويم، وحتى الزيادة السعرية ففى أسعار الوحدات لا تماثل أو تتقارب مع المواد المستخدمة فى البناء، وحتى أن طبقنا قانون العرض والطلب، سنجد أن المعروض لم يعد يقابل طلب الطبقة المستهدفة للبيع وهى الفئه المتوسطة الدخل، وإن اختلف البعض حول هذه الحقيقة، فلم تعد لديهم ذات القوى الشرائية التى كانت فى السابق، ولاسيما بعد ما حدث فى الخليج من أحداث سياسية واقتصادية أثرت على العاملين المصريين هنالك وأصبحوا يفضلون عدم الدخول فى أى ارتباط مالى طويل المدى فى ظل عدم اطمئنانهم لما سيحدث فى المستقبل تجاه أعمالهم.
ومن المعروف، أن قطاع التطوير العقارى يعد من أفضل القطاعات الناضجة فى مصر، حيث أن زيادة السعر تخضع للعديد من البحث السوقى والتحليل المالى للوصول إلى أقل سعر يساعد على زيادة المبيعات مع قبول أقل معدل ربح ييسر عملية البيع، وفى الحقيقة -عكس ما يتصوره المجتمع- يرغب بشدة كل المطورين العقارين بأن يصلوا بأسعارهم إلى الطبقات المتوسطة والأقل من المتوسطة.. هذه الفئة لم تتشبع من العرض بالطريقة الكافية، حيث أن الحكومة هى الوحيدة القادرة (من حيث التكلفة وجدوى المشروعات) أن تصل إليهم، فالمكون الأساسى فى تكلفة المطور العقارى المرتفعة التى تستدعيه إلى رفع أسعاره هو سعر الأرض نفسها، حيث تطرح الحكومة أراضى أغلبها غير مرفقة وبسعر مرتفع، علاوة على الزيادة فى التكلفة البنائية نفسها كما ذكرنا.. تجعلهم غير قادرين على تخفيض الأسعار ليصلوا إلى نقطة التوازن بين العرض والطلب والقدرة الشرائية وأيضاً غير قادرين على استهداف طبقة أخرى (غير الطبقة المتوسطة وفوق المتوسطة).
سأصنف تصورى إزاء العقد بين الحكومة والمطور العقارى إلى شقين، أولاً: يجب أن تضع الحكومة نظام شراكة حقيقى غير مربوط بسعر محدد للأرض، حيث أن النظام الحالى هو نظام الحساب المشترك بين الحكومة والمطور العقارى يخصم من التدفقات النقدية الخاصة بالمشروع لحين استيفاء قسط الأرض المحدد فى كل عام، كمحلل استثمارى أرى أنه يجب أن تفكر الحكومة فى الأمر على أنه نظام شراكه حقيقى بنسبة من المبيعات، تستفيد به الحكومة من أى تغير إيجابى فى السوق ويطمئن المطور العقارى -مهما كان حجمه- من تقلبات السوق الخارجة عن إرادته.
ثانياً: يجب جذب المطورين العقارين ومشاركتهم فى خطة الحكومة فى تلبية زيادة طلبات الفئات الأقل من فوق المتوسطة بأسعار أقل، حيث أن الحكومة فقط هى من تلبى احتياجاتهم، ومن الممكن أن تشجع الحكومة هذه الخطة عن طريق تغيير شروط البناء المنصوصة فى العقود.. مثل عدد أدوار البناء أو ما يسمى Floor Area Ratio (FAR).
فى الحقيقة، أن قطاع التشييد والبناء من القطاعات الحيوية فى مرحلة إعادة البناء وفى عملية النمو فى هذه المرحلة، ولهذا يجب أن تنظر الحكومة فى شأن التخفيف على المطورين العقاريين وكيفية حساب هامش الربح – والأكثر بهذه الطريقة- الخاص بها، بل والأكثر من هذه الخطوة أن توفر أنظمة واشتراطات عقود وفقاً لحجم المطور – كنوع من تشجيع صغار المستثمرين، وللطبقة التى يستهدف البيع لها.
