
قالت صحيفة فاينانشيال تايمز، إن المعركة الحاسمة التى دامت ثلاث سنوات لانتزاع الأراضى العراقية من سيطرة تنظيم «داعش» تقترب من نهايتها ولكن هناك تحدياً أكثر صعوبة ربما بدأ للتو يتمثل فى إصلاح الاقتصاد المنهار.
وقال السياسيون ورجال الأعمال إن قدرة الحكومة على معالجة البطالة والفقر وتحسين ضعف الخدمات ومعالجة الفساد أمر حاسم لضمان الاستقرار بعد المعاناة التى شهدتها البلاد لسنوات جرّاء موجات العنف والتمرد منذ الغزو الأمريكى عام 2003.
وقال داود الجميلي، رئيس مجلس الأعمال الوطنى العراقى إن الاستثمار والأمن يسيران جنباً إلى جنب مضيفاً أنه عندما ينمو الاقتصاد ونقضى على البطالة سيتطلع الناس إلى إعادة بناء حياتهم بدلاً من البحث عن القتال.
وكشفت البيانات الحكومية أن أعمال العنف فى العاصمة بغداد وصلت إلى أدنى مستوياتها منذ عام 2009 حيث تمتلئ الشوارع والمطاعم بالناس الذين يبحثون عن العمل مع تزايد حالة التفاؤل فى البلاد.
يأتى ذلك فى الوقت الذى يمتلك فيه العراق ثانى أكبر منتج للبترول فى منظمة «أوبك» إمكانية جذب المستثمرين الأجانب.
ويبلغ عدد سكان العراق 40 مليون نسمة وهو ما يجعلها واحدة من أكبر الأسواق الاستهلاكية فى العالم العربى وتخطط الحكومة لإنفاق عشرات المليارات من الدولارات على خطط إعادة الإعمار.
وقال أحد الدبلوماسيين الغربيين فى بغداد إن العراق لديه أكبر عوامل الجذب فى الشرق الأوسط إذا نظرت إليه من وجهة نظر أساسيات الاستثمار ولا يمكن تجاهل مثل هذا الشيء إذا كنت تستثمر فى المنطقة.
لكن المحللين يحذرون من أن الفرصة لجذب الاستثمارات آخذة فى التقلص مع إقدام العراقيين على الانتخابات فى مايو المقبل.
وكانت الحرب على «داعش» قد دمرت مساحات واسعة من البلاد وشردت مليونى شخص وعشرات الآلاف من الشبان الذين انضموا إلى الميليشيات لمحاربة «داعش» وأصبحوا بلا وظائف.
وكشفت بيانات صندوق النقد الدولى، أن اقتصاد البلاد توسع بنسبة 11% فى عام 2016 ولكن ذلك نتيجة لزيادة إنتاج البترول بنسبة 25% ومن المتوقع أن يتوسع بنسبة 2.9% العام الجارى.
ويعيش أكثر من خُمس السكان فى فقر وهذا الرقم يتضاعف فى المناطق التى كانت تقع تحت سيطرة «داعش».
وقالت إليزابيث ديكنسون، المحللة فى مجموعة الأزمات الدولية، إن تعافى الاقتصاد فى العراق لن يدوم أكثر من بضعة أشهر إذا لم يتم تعزيزه وبناؤه ولا يمكن حدوث ذلك دون تنويع قاعدة حلفائه ومستثمريه.
وذكرت الصحيفة البريطانية أن التحديات واضحة فى العديد من المناطق مثل الرمادي، المدينة التى استولت عليها «داعش» فى عام 2015 واحتفظت بها لأكثر من عام.
وأعرب إبراهيم الجنابي، حاكم المنطقة ومسؤولون آخرون عن قلقهم من آلاف العاطلين عن العمل الذين ما زالوا يعيشون فى خيام بجوار الأنقاض التى كانت ذات يوم مساكنهم.
وأعرب رجال الأعمال والدبلوماسيون عن إحباطهم من تجاهل الحكومة التى يقودها حيدر العبادى، الذى يسعى للفوز بولاية ثانية وضع قائمة قصيرة تضم حوالى 10 مشاريع وتقديم خطط مفصلة لتبسيط أنظمة العمل ومساعدة المستثمرين.
وأكدّ رجال أعمال ودبلوماسيون على أن مثل هذه الممارسات ربما أضرت بجهود جذب التمويل فى مؤتمر إعادة الإعمار الأخير فى الكويت وبدلاً من الحصول على 88 مليار دولار من الاعانات أو وعود الاستثمار المأمولة تلقت بغداد تعهدات بقيمة 30 مليار دولار وكان معظمها قروض.