إن الاستثمارات الزراعية أول نقطة للانطلاق فى النمو الاقتصادى المصرى، ولذا كانت مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسى لمشروع مليون ونصف المليون فدان تعتبر نواة الاقتصاد الحقيقى، بعيداً عن التقارير والمؤتمرات الاقتصادية التى لا تجدى نفعاً فى ظل الأزمة الاقتصادية الحالية.
مصر الدولة الأولى على مستوى العالم فى استيراد القمح؛ لأن مصر تستهلك 16 مليون طن سنوياً، فى حين أن الإنتاج المحلى يتراوح ما بين 7 ملايين طن إلى 8 ملايين طن، وسعر الطن العالمى حوالى 225 دولاراً، أى تحتاج مصر حوالى 1.8 مليار دولار لاستيراد هذه السلعة الاستراتيجية، وهذا يمثل 35% من المواد المستوردة، بما يعنى أن استزراع 1.5 مليون فدان التى أعلنت الدولة عنها فى الفرافرة يغطى الاستهلاك المحلى، ويكون هناك فائض للتصدير، ولكن الحقيقة أن ما تم استصلاحه من هذه الأراضى 10.5 ألف فدان، لذا فإن غياب الشفافية يعنى زيادة العبء على الموازنة العامة للدولة بالتبعية على المواطن المصرى، والدليل معاناة بعض المحافظات من أزمة الدقيق بل تدخل النواب لحل هذه الأزمة ولكن ستكون النتيجة مرضاً مزمناً فى الاقتصاد المصرى الذى يعانى سطوة الدولار وارتفاع التضخم.
بل ستزداد الطينة بلة بعد تحديد مساحة الأراضى التى يجب زراعتها من القمح؛ بسبب شح المياه وهذا الملف الذى يراوح مكانه تارة بالتصريحات، وتارة بالمسكنات التى تزيد من صعوبة التنمية الاقتصادية فى الفترة المقبلة، بل ستسهم فى رفع سعر الدولار على المديين القصير والمتوسط، مع اقتراب مصر من سحب القسط الأخير من قرض 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولى الذى تسبب فى انهيار كثير من الدول اقتصادياً؛ بسبب تغاضى الدول عن مواردها الطبيعية فى الناتج المحلى.
والسؤال متى تعى الدولة المصرية أهمية الاستثمارات الزراعية قبل الاستثمارات الصناعية التى لا تؤتى أكلها حتى الآن، ولذا يجب على الدولة المصرية دعم المزارع المصرى ليكون شريكاً حقيقياً للخروج من الأزمة عن طريق خفض سعر الفائدة على القروض الزراعية بديلاً عن عدم مقدرة الدولة على السيطرة على أسعار المواد الأولية التى تزيد من تكلفة هذا المحصول الاستراتيجى.
دور اللجنة الزراعية فى مجلس النواب لا يتعدى صرخات استغاثة للوزراء دون الأخذ بأى توصيات صادرة عنها، لذا أصبح الهم الأول للدولة كيفية توفير الدولار للاستيراد، وبهذا أصبح القرض من صندوق النقد الدولى قرضاً استهلاكياً، بدلاً من أن يكون قرضاً إنتاجياً يساهم فى زيادة الناتج القومى.
إن القمح المستورد يأتى دون غربلة، وبالتالى تكلفة إضافية من خلال سعر الغربلة، بل إن تجربة مصر مع استيراد القمح المسرطن، وغير اﻵمن تجربة فريدة تعنى أن مستوردى القمح غير حريصين على صحة المواطن، ما يعنى تكلفة جديدة للقطاع الصحى لتجنب الأمراض التى تأتى من مستوردى الفساد فى مصر، ولذا الاقتصاد منظومة متكاملة وهى التى تدلل على صحة باقى القطاعات، ولذا إن الدولة المتقدمة اقتصادياً تكون متقدمة فى جميع القطاعات الأخرى.
ولذا نشأت النمور الآسيوية، وهى تايوان وسنغافورة وهونج كونج وكوريا الجنوبية، وسميت بهذا الاسم بسبب القفزة فى النمو الاقتصادى بمعدلات الأعلى عالمياً بل زادت النمور الآسيوية دول مثل ماليزيا وغيرها والآن المغرب يطبق النموذج الماليزى للنهضة الاقتصادية، ولكن تظل أفريقيا منجم الذهب للدول الكبرى؛ بسبب التبعية الاستعمارية إلى متى؟
لماذا لا ينجح التطبيق للنماذج الاقتصادية بصورة كربونية فى دول أخرى؟ لأنه يجب أن يكون التطبيق من خلال رجال حريصين على الدولة قبل المصالح العليا لرجال الأعمال وتكون مصلحة الشعوب قبل مصلحة لوبى رجال الأعمال، والدليل أن قانون 144/2017 للتصرف فى أملاك الدولة يعطى مؤشراً على ذلك؛ لأن أملاك الدولة لا يستولى عليها سوى أصحاب النفوذ، وبهذا القانون سيتم تمكين هؤلاء من تملك الأرض من خلال لجان مختصة فى كل محافظة، بل يحق لمحافظ الإقليم أن ينوب عن هذه اللجنة فى تقرير مصير واضعى اليد بالتملك أو حق الانتفاع أو الإيجار، وهنا تأتى نقطة إهدار المال العام لهؤلاء الفئة بالتعاون مع الإدارات المحلية التى ساهمت فى الاستيلاء على أملاك الدولة بتوصيل المرافق بالمخالفة للقانون، وفى هذه الحالة أى اقتصاد هذا التى تسن فيه القوانين لصالح فئة من الشعب، بل يجب إلغاء هذا القانون، ويطبق على من تداخلت أملاك الدولة مع الملكية الخاصة وهذه صرخة حرة فى سبيل إصلاح الضمير قبل الاقتصاد.
وفى النهاية المعالجة الاقتصادية، ستأتى من خلال استزراع مليون ونصف المليون فدان التى أعلنها الرئيس عبدالفتاح السيسى وحل مشكلة المياه بشفافية مع سد النهضة المتآمر ضد مصر بالتعاون مع الدول العبرية حتى لو كانت عربية وتحيا مصر حرة أبية وتحيا مصر الدولة القوية.