
قالت صحيفة «فاينانشيال تايمز» إنه من بين الدول العربية التى شهدت انتفاضات فى عام 2011 كانت تونس الدولة الوحيدة التى نجت من الانزلاق إلى الفوضى العنيفة.
ومع ذلك فإن الاحتجاجات الواسعة النطاق ضد التقشف التى بدأت العام الجارى كانت بمثابة تذكير بأن تونس لم تكن قادرة على تحويل هذا التقدم السياسى إلى رخاء اقتصادى وخلق فرص عمل.
وكشفت البيانات أن النمو كان متواضعاً وبلغت نسبته 2.3% فى العام الماضى وتهدف الحكومة إلى تسجيل معدل نمو تبلغ نسبته 3% العام الجارى وسط ارتفاع الصادرات وتدفق الاستثمارات.
وقال المحللون إن هناك حاجة إلى إصلاحات واسعة النطاق لتحسين مناخ الأعمال وجذب الاستثمارات على المستوى المطلوب للحد من البطالة خاصة بين الشباب وفى المناطق الداخلية الفقيرة من البلاد.
وفى السنوات الأخيرة بلغ متوسط قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة حوالى 900 مليون دولار سنوياً، وحث صندوق النقد الدولي، الشهر الماضى تونس على خفض دعم الطاقة ورفع سن التقاعد للحد من عجز الموازنة.
وقال رئيس الوزراء يوسف الشاهد، إن هناك حاجة للتحرك السريع نحو الإصلاحات بما فى ذلك إجراءات التقشف.
لكن الحكومة تجد نفسها محصورة بين مطالب صندوق النقد الدولي، والاتحاد العمالى التونسي، القوى الذى وعد بمكافحة تخفيضات الدعم المقترحة.
وقال المحلل الاقتصادى ريكاردو فابيانى، إن الدولة بحاجة إلى سياسة صناعية جديدة لجذب الاستثمار الأجنبى فى مجال التصنيع لكن الحكومة لا تملك أى توضيح حول ما يجب فعله بعد ذلك.
يأتى ذلك فى الوقت الذى تتمتع فيه الشركات الموجهة للتصدير فى تونس بحوافز كبيرة مثل الإعفاءات الضريبية ونظامًا داخليًا للصناعات التى تستهدف السوق المحلية والتى غالباً ما تكون محمية بشكل كبير من المنافسة.
وأوضح فابيانى، أن الحوافز المماثلة التى قدمهتا دول المنطقة مثل مصر والمغرب قد قللت من انجذاب المستثمرين الاجانب نحو تونس وعلى هذا النحو لم تتمكن الحكومة من تزويد التونسيين المتعلمين بالوظائف التى يريدونها وزيادة نصيب البلد من الثروة العالمية.
وحول سهولة ممارسة الأعمال التجارية تشير خدمة معلومات التجارة إلى أن تونس قد تراجعت من المرتبة 77 من بين 190 دولة حول العالم عام 2016 إلى 88 العام الماضي.
وقالت لمياء فوراتى، مسؤولة فى مجموعة «وان تيك» والتى تقوم بتصنيع كابلات السيارات والأجزاء الإلكترونية إن شركتها شهدت نمواً ولكن التصورات السلبية عن البلاد تعرقل الاستثمار الأجنبي.
وأضافت فوراتي، التى تعمل أيضاً فى مجلس إدارة غرفة التجارة الأمريكية فى تونس «لسوء الحظ نواجه صعوبة فى جلب المستثمرين الأجانب بسبب الصورة السيئة للغاية حيث إن التصور الخارجى يفيد بأنه لا يوجد استقرار بسبب تغيير الحكومة كل 18 شهراً إلى جانب مشاكل الإرهاب».
وأوضحت أن المشاكل الحقيقية تتمثل فى البيروقراطية والافتقار إلى اليقين بشأن النظام الضريبى وسوء الخدمات اللوجستية حيث يوجد ميناء واحد فقط ينفذ عمليات التصدير وهو عرضة لاحتجاجات النقابات العمالية.