العملة الأمريكية ترتفع 1.3% منذ بداية الشهر على حساب الجنيه واليورو يتراجع 1%
«ممدوح»: خروج الأجانب من سوق الدين لم يؤثر فى سعر الصرف لأنه متوقع
«السويفى»: خروج الأجانب لا يمر عبر الاحتياطى ويتم تمويله من آلية خاصة
«بشاى»: الأجانب حولوا أرباحهم فقط وتراجع الجنيه أقل من تراجعات عملات الأسواق الناشئة الأخرى
انعكس السعر العالمى للدولار أمام العملات الرئيسية على سعره فى سوق الصرف المحلى؛ ليسجل أطول فترة مكاسب على حساب الجنيه منذ 14 شهراً.
ورغم تراجعه قرشين أمام الجنيه يوم الخميس الماضى، ليصل إلى 17.96 جنيهاً إلا أن مكاسبه منذ بداية الشهر الحالى بلغت 24 قرشاً.
ويعد هذا أعلى مستوى للدولار منذ أغسطس الماضى، عندما كسر حاجز الـ18 جنيهاً هبوطاً.
وصعد الدولار لأعلى مستوى فى خمسة أشهر، أمام سلة من العملات الرئيسية يوم الجمعة، مدعوماً بضعف اليورو مع قلق المستثمرين بشأن الضبابية السياسية فى إيطاليا.
وقالت وكالة رويترز، إن مؤشر الدولار الذى يقيس قيمة العملة الأمريكية مقابل سلة من 6 عملات رئيسية صعد إلى 93.83 وهو أعلى مستوى فى خمسة أشهر.
وسجل الدولار يوم الجمعة أعلى مستوى فى أربعة أشهر، أمام العملة اليابانية، مدعوماً بزيادة أخرى فى عوائد سندات الخزانة الأمريكية، تشير إلى آفاق إيجابية لأكبر اقتصاد فى العالم.
لكن محللين فى سيتى بنك قالوا فى مذكرة إلى العملاء إن صعود الدولار لن يستمر طويلاً، مشيرين إلى العجز فى الميزانية الأمريكية الذى من المتوقع أن يصل إلى أكثر من تريليون دولار فى 2019. وأضافوا أن ذلك قد يساهم فى هبوط بنسبة 5% فى مؤشر الدولار على مدار الإثنى عشر شهراً القادمة.
وقالت عالية ممدوح، المحللة فى بنك الاستثمار بلتون إن ارتفاع الدولار أمام الجنيه مؤخراً، لا تقف خلف أسباب محلية، بل يرجع لارتفاع الأسعار العالمية للعملة الأمريكية المتواصل منذ فترة.
وربطت «ممدوح»، استقرار أسعار الدولار محلياً باستقرار أسعاره عالمياً.
وقامت مصر بتحرير الجنيه فى نوفمبر 2016، وقال البنك المركزى إنه لن يتدخل فى أسعار العملة إلا إذا حدثت تحركات غير اعتيادية، وهو ما جعل أسعار الصرف المحلية أكثر تأثراً بالأسعار العالمية.
ونفت «ممدوح»، أن يكون ارتفاع الدولار محلياً مؤشراً على نقص فى السيولة الدولارية، وقالت إن السبب الرئيسى هو إقبال المستثمرين على الدولار فى الأسواق العالمية.
وتزايدت جاذبية الدولار عالمياً، مع رفع أسعار الفائدة والتوقعات بمزيد من الارتفاعات فى الفترة المقبلة مع تحسن النمو الأمريكى.
وقفز الدولار نحو 4% أمام العملات الرئيسية منذ بداية الربع الثانى بفعل توقعات بأن مجلس الاحتياطى الاتحادى سيواصل رفع أسعار الفائدة هذا العام؛ لكبح التضخم، بينما لا تزال بنوك مركزية أخرى تبقى على سياسة نقدية تيسيرية.
ويوم الخميس سجل الدولار أعلى مستوى فى أربعة أشهر مقابل الين اليابانى، مع صعود عوائد سندات الخزانة الأمريكية القياسية إلى أعلى مستوى فى سبع سنوات.
وارتفع العائد على السندات الأمريكية القياسية يوم الثلاثاء الماضى إلى 3.095% متجاوزاً حاجز 3% النفسى الذى سجله أواخر أبريل.
وانخفض اليورو إلى أدنى مستوى فى عام 2018 بعد نمو اقتصادى دون التوقعات فى ألمانيا وزيادة الغموض السياسى فى إيطاليا.
وقالت «رويترز»، إن العملة الأوروبية الموحدة حامت يوم الجمعة قرب أدنى مستوياتها فى خمسة أشهر عند 1.1763 دولار. وتراجعت العملة حوالى 1.2% هذا الأسبوع وانخفضت انخفاضاً حاداً مقابل الفرنك السويسرى الذى يجذب رؤوس الأموال فى أوقات عدم التيقن.
وفقد اليورو 6 سنتات من مستوى يزيد على 1.24 دولاراً، فى غضون ثلاثة أسابيع بعد موجة الصعود الضخمة للدولار، ووسط بواعث قلق من مطالب أحزاب شعبوية من المرجح أن تشكل الحكومة الإيطالية القادمة.
وتراجع سعر صرف اليورو أمام الجنيه بنحو 1.06% منذ بداية الشهر الحالى؛ ليسجل 21.1734 جنيه الخميس الماضى مقابل 21.4011 جنيه فى 30 أبريل.
وتزامن ارتفاع أسعار الدولار الأمريكى مع خروج مستثمرين أجانب من سوق الدين الحكومى مع ارتفاع الفائدة الأمريكية.
وربط محللون بين الأمرين لكن «ممدوح»، قالت إن خروج الأجانب من سوق الدين الحكومى غير مؤثر فى قيمة العملة فى ظل وجود موارد دولارية أخرى للدولة، مضيفة أن خروج مستثمرين أجانب من السوق كان متوقعاً؛ لجنى الأرباح بعد استفادتهم من أسعار الفائدة المرتفعة.
وخفض البنك المركزى أسعار الفائدة 2% منذ بداية العام الماضى، بالتزامن مع تراجع التضخم الأساسى من ذروة بلغت 35% فى يوليو الماضى إلى 11.6% فى مارس.
لكن ضغوط إصلاح المالية العامة ورفع الفائدة الأمريكية دفعت البنك المركزى لتثبيت أسعار الفائدة يوم الخميس الماضى عند مستوى 16.75% للإيداع فى الكوريدور و17.75% للاقتراض.
وقال المحللون، إن ارتفاع الفائدة على أدوات الدين الحكومى فى الأرجنتين لنحو 40% ساهم فى خروج استثمارات الأجانب من أدوات الدين الحكومى فى الأسواق الناشئة ومن بينها مصر.
وقدر محلل رفض الكشف عن اسمه حجم الاستثمارات فى أدوات الدين الحكومى التى خرجت من مصر خلال الأسبوع الماضى بين 1.5 و4 مليارات دولار.
ووفقاً لوزارة المالية بلغت استثمارات الأجانب فى أدوات الدين الحكومى نحو 23 مليار دولار الشهر الماضى.
ويجنب البنك المركزى احتياطيات كبيرة من النقد الأجنبى، بخلاف الاحتياطى الرسمى، لتمويل خروج المستثمرين الأجانب فى أوراق الدين الحكومى، حال رغبتهم فى ذلك، وهى الآلية التى طلب صندوق النقد الدولى من البنك المركزى التخلى عنها لأنها تعد تدخلاً فى سوق الصرف.
وتهدف الآلية لعدم تأثر سعر العملة فى السوق المحلية بحركة الأموال الساخنة، لكن البنك المركزى فرض رسوماً على التدفقات الجديدة من خلال هذه الآلية، بنسبة 1%، وأبقى على رسوم الخروج من السوق من خلالها والبالغة 0.5%، تجاوباً مع ملاحظات صندوق النقد الدولى.
وقال طارق عامر، محافظ البنك المركزى فى تصريحات تليفزيونية الشهر الجارى، إن البنك المركزى سيتدخل فى سوق الصرف إذا وصل الجنيه تراجعه لحدود غير مقبولة، وأنه لن يسمح بحدوث تقلبات شديدة فى سعر الصرف سواء صعوداً أو هبوطاً، وفى الأوضاع الطبيعية لا يتدخل فى سعر الصرف تاركاً الأمر لقوى السوق .
وترى رضوى السويفى، رئيس قطاع البحوث ببنك الاستثمار فاروس، أن الضغوط على أسعار صرف الدولار أمام الجنيه موسمية، ولن تستمر لفترة طويلة، وسيكون أثرها محدوداً.
وأضافت أن الأسباب المرجحة لارتفاع أسعار صرف الدولار أمام الجنيه، هى زيادة الطلب على الاستيراد قبل فترة الأعياد، والضغوط فى الأسواق الناشئة الناجمة عن خروج مستثمرين الأجانب من المحافظ المالية .
وذكرت «السويفى»، أن استثمارات الأجانب فى مصر فى أذون الخزانة ليس لها تأثيراً كبيراً على سعر صرف الدولار، خاصة وأنها ليست ضمن مكونات احتياطى النقد الأجنبى.
وقالت «ممدوح»، إن الضغوط التى يشهدها سوق الصرف مؤقتة فى ظل التدفقات النقدية الدولارية المدفوعة بتعافى الاستثمارات فى قطاع البترول، ونمو إيرادات السياحة، مشيرة إلى أن الجنيه لم يتحرك سوى قروش وهو دليل على مرونة سعر الصرف.
وذكرت أن المؤسسات الخارجية تتوقع انخفاض قيمة الجنيه بناءً على حجم الالتزامات قصيرة الأجل إلى الاحتياطى النقد الأجنبى، أو بناءً على تبنى نظرية ضرورة الحفاظ على سعر صرف العملة منخفضاً لزيادة تنافسية الصادرات والسياحة وجذب استثمارات أجنبية مباشرة.
وتوقعت وكالة التصنيف الائتمانى «ستاندرد آند بورز»، فى تقرير لها الشهر الجارى استقرار سعر الصرف الاسمى حتى نهاية العام المالى 2018 ولن ينخفض بحدة مقابل الدولار خلال الأعوام المالية 2019-2021، إلا أنها تتوقع أن يصل سعر صرف الدولار أمام الجنيه نهاية العام المالى المقبل 19 جنيهاً، والعام المالى 2019\2020 نحو 20 جنيهاً.
وقال يوسف بشاى، خبير مصرفى، إن ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الجنيه جاء مدفوعاً بخروج الأجانب من أدوات الدين الحكومى فى الأسواق الناشئة بصفة عامة وتأثرت مصر بالصورة الكلية رغم اختلاف الصورة بها، على إثر البيانات القوية للاقتصاد الأمريكى التى اغرت المستثمرين وارتفاع الفائدة لمستوى قياسى فى بعض البلدان الناشئة.
وأضاف أن مصر نتيجة تحسن الأحوال الاقتصادية كانت أقل الأسواق تأثراً بموجة هجرة الأموال، وأن النسبة التى تخارجت صغيرة مقارنة بالديون القائمة للأجانب مشيراً إلى أن بعض المستثمرين تخارجوا بشكل جزئى من خلال تحويل الأرباح فقط وليس الأصول، مشيراً إلى أن عملات الأرجنتين وتركيا تراجعت فى المتوسط بنسب بين 15% و20% فى حين أن سعر صرف الجنيه تراجع بنسبة 2% فقط.
ويرى محمود نجلة، المدير التنفيذى لإدارة أسواق النقد والدخل الثابت فى شركة الأهلى لإدارة صناديق الاستثمار ومحافظ الأوراق المالية، إن تحركات الدولار ليست ضغوطاً ولكنها نطاق طبيعى للتحرك تعكس طبيعة التدفقات النقدية.
أوضح «نجلة»، أن خروج الأجانب الأسبوع الماضى وقرارات الاستيراد جميعها مستجدات واجهت حجم الطلب على العملة الأجنبية لكن سعر الصرف تأثر بأقل من 1% وهو أمر جيد.
أضاف أن المركزى يتدخل بشكل شرعى من خلال آلية سعر الفائدة فى الحفاظ على قيمة العملة، ويدعم التيسير النقدى عبر إلغاء مزادات الودائع متغيرة العائد لخفض تكلفة الاقتراض الحكومى أيضاً من خلال تحكمه بفوائض السيولة.