مذبحة اقتصادية تلوح فى الأفق تنذر بالقضاء على طموحات التنين الأصفر
قال محللون، إن حروب التكنولوجيا الأمريكية الصينية، من المرجح أن تعطل بشدة قطاع التكنولوجيا العالمى على جانبى المحيط الهادئ.
وذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، أن جذور هذه النزاعات تكمن فى قلق الولايات المتحدة من القوة التكنولوجية فى الصين والأساليب التى تستخدمها للهيمنة على هذا القطاع.
ومن المقرر أن تتفاقم النزاعات بعد التحقيق الذى أجرته واشنطن عن السرقة المزعومة من جانب الصين أو التنين الأصفر، للملكية الفكرية فى الولايات المتحدة، وممارسة سياسة إجبار المستثمرين الأجانب على نقل التكنولوجيا.
وأوضحت الصحيفة البريطانية، أن النزاعات المبكرة ألحقت الضرر بشركات الأجهزة بما فى ذلك شركة «هواوى» المصنعة للهواتف الذكية ومنافستها المحلية «زد تى إى».
ومع تصاعد الضغوط الأمريكية تدعو المقترحات المنشورة الأسبوع الجارى إلى منع الوكالات الأمريكية من استخدام التكنولوجيا من شركتى «هواوى» و«زد تى إى»، وحظر شركات المقاولات العسكرية الأمريكية من التعامل مع أى منهما وكل هذا يهدد على حد تعبير أحد الاستشاريين بحدوث «مذبحة اقتصادية».
ومن جانبها، أعربت الصين عن مخاوف اعتمادها على واردات أشباه الموصلات، إذ تنفق بكين مزيداً من الأموال على السيليكون المستورد الذى يستخدم داخل الهواتف الذكية وأجهزة الألعاب الإلكترونية بأكثر مما تنفقه على البترول.
ورغم جميع التطورات الصينية فى مجال الذكاء الاصطناعى والإنترنت فإن طبقة السيليكون يقوم عليها جزء كبير من قطاع التكنولوجيا.
وقال المحللون، إن الصراع الناتج عن ذلك يضر بطموحات الصين، لكن من المرجح أن يحد من الإيرادات ويعرقل سلاسل التوريد للشركات الأجنبية متعددة الجنسيات التى يرى الكثير منها أن البلاد سوق رئيسى.
وأضاف المحللون، أن مثل هذا الصراع يدفع أيضاً إلى إعادة تفكير الشركات الصينية فى سبل التعاون مع مؤسسات التكنولوجيا التى تسعى إلى تطوير الرقائق الخاصة بها.
وقال كريستوفر توماس، شريك فى مؤسسة «ماكينزى»، إن تعقيد هذه القضية محير للعقول لأن سلاسل الإلكترونيات أكثر تعقيداً، مما كانت عليه فى الماضى.
وفى بادئ الأمر ضربت واشنطن توسعات شركة «زد تى إى» وفرضت حظراً دام لمدة 7 سنوات على شراء مكونات أمريكية بعد اتهامها ببيع معدات محظورة بصورة غير مشروعة إلى إيران.
وتعتمد الشركة الصينية على المصادر الأمريكية لأحدث هواتفها الذكية «ايكسون إم»، إذ تقوم بشراء زجاج الحماية و60% من الإلكترونيات الأخرى من شركات منها «كوالوم» و«سانديسك»، إلى جانب «سكاى ورك سولوشن».
وأشارت الصحيفة إلى أن المشكلة بالنسبة لشركة «زد تى اى» والصين تتمثل فى المصادر البديلة والتى يأتى معظمها من اليابان أو كوريا الجنوبية، إذ لن تكون الدولتان قادرتان على تلبية جميع الطلبيات، كما أن شركات صناعة الرقائق المحلية المدعومة من الدولة مثل «سمايك» تتخلف كثيراً عن منافسيها.
وكجزء من استجابتها لمطالب التجارة الأمريكية الأسبوع الماضي، تريد بكين رفع الحظر المفروض على شركة «زد تى إى»، بالإضافة إلى وضع حد للقيود المفروضة على الصادرات الأمريكية لمنتجات التكنولوجيا الفائقة.
والعام الماضى، أعاقت الولايات المتحدة عمليات الشراء المخطط لها من الصين لشركتى «لاتيس سيموندكتور» و«ايكسترون» لصناعة معدات الرقائق، وذلك لأسباب تتعلق بالأمن القومى، ومن أجل مواجهة هذه الحواجز اتخذت الصين بعض الخطوات الوقائية لفطم نفسها عن التكنولوجيا الأجنبية.
وأشار ماكس زينجلين، الخبير الاقتصادى البارز فى معهد «ميركاتور» للدراسات الصينية وهى مؤسسة فكرية فى برلين، إلى الجهود المبذولة لاجتذاب بكين المزيد من العمال من الخارج، خاصة تايوان.
وقامت شركات التكنولوجيا بنقل المزيد من العمليات إلى الداخل إلى جانب تطوير نماذج متكاملة فى محاولة للصمود حال انقطاع سلسلة التوريد.
ويعمل الملياردير الصينى جاك ما، مؤسس شركة «على بابا» عملاق التكنولوجيا الصينى، على إنتاج رقائق عصبية قادرة على تنفيذ وظائف الذكاء الاصطناعى مثل التعرف على ملامح الوجه والكلام.
لكن المحلل فى شركة «جيفريز»، ديسون لى، أوضح أن تقدم شركات التكنولوجيا الصينية فى تطوير التكنولوجيا الخاصة بها والتى يتم قياسها من خلال النمو فى براءات الاختراع أو الإنفاق على الأبحاث والتطوير هو جزء من المشكلة.
وأضاف: «توصل الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، بالتأكيد إلى استنتاج مفاده أن الصين ستتجاوز الولايات المتحدة من حيث القدرات التقنية، وأعتقد أن منطقه يتمثل فى أن الصين قامت بالكثير من البحث والتطوير على مدى السنوات الخمس إلى الست الماضية».
وكشفت البيانات أن شركة “على بابا” ضخت 15 مليار دولار على البحث والتطوير وتشغل العديد من مجموعات التكنولوجيا الكبرى ومختبرات مبتكرة مشتركة مع الحكومة.
وذكرت “فاينانشيال تايمز”، أن تطوير الصين لشبكة ” 5 جى” جعل الولايات المتحدة قلقة من أن الإخفاق فى اقتطاع أجنحة تلك الجماعات ستعطى بكين الريادة فى الأجيال اللاحقة من تقنيات الهواتف المحمولة الرئيسية.