بكين تستثمر 46 مليار دولار فى مشروعات بنية تحتية فى إسلام آباد
تمتلك الصين رؤية جغرافية اقتصادية تهدف لربط طرفى أوراسيا وكذلك أفريقيا وأوقيانوسيا بحيث يمكن لتجارتها مع أوروبا أن تمر عبر آسيا الوسطى والمحيط الهندى وشركائها فى جنوب المحيط الهادئ من خلال بحر الصين الجنوبى.
ويعتبر تنمية آسيا الوسطى عنصراً مهماً فى تعزيز المصالح الزراعية الصينية، لكنها لا يمكن أن تتحقق دون أن تبدأ أولاً فى دولة أساسية حاسمة الأهمية لتسهيل الوصول الى البر الرئيسى وآسيا الوسطى وهى باكستان.
ويمثل نموذج التعاون مع باكستان مشهدا مصغرا لخطط بكين عبر مشروع حزام واحد وطريق واحد، بحيث أنه عند الاتصال بأحد أهم المناطق وهى آسيا الوسطى، فإن البنية التحتية الصينية الممولة فى باكستان مستعدة لضمان المرور الآمن للمنتجات الزراعية من آسيا الوسطى إلى البر الرئيسى للصين. ولأهمية باكستان شقين: رغبة اسلام اباد فى أن تكون مصدراً للمنتجات الزراعية وموقعها الاستراتيجى.
وهذه ليست المرة الأولى التى تضحى فيها باكستان عن طيب خاطر بأمنها الغذائى لتأمين الاستثمار الأجنبى، ففى عام 2008 قام المستثمرون من السعودية والإمارات بشراء آلاف الأفدنة من الأرض مقابل البترول والمساعدات المالية رغم تعرضها لانتقادات شديدة.
وأظهرت باكستان للصين استعداداً كبيراً جعل من السهل دفعها للدور الذى ستلعبه كجسر بين آسيا الوسطى سلة غذاء أخرى تأمل الصين فى زراعتها وبر الصين الرئيسى.
فى المقابل تسعى باكستان لتوليد الدخل كمصدر لإعادة التصدير الزراعى أو لتحقيق الفوز السياسى الذى تشتد الحاجة إليه حيث يزداد دورها أهمية فى المنطقة عندما تصبح جزءاً من استراتيجية الأمن الغذائى لدولة عظمى.
وبحسب تقرير لوكالة أنباء وريترز بدأ الممر الاقتصادى الصينى – الباكستانى فى عهد رئيس الوزراء نواز شريف فى عام 2013 وتم توقيع مذكرة تفاهم بين البلدين حول إقامة ممر اقتصادى.
وفى عام 2014، زار الرئيس مأمون حسين الصين لمواصلة مناقشة إمكانية وجود الممر الاقتصادى، وفى عام 2015 تم توقيع اتفاقية للطاقة والبنية التحتية بقيمة 46 مليار دولار، تم تسويق الصفقة للشعب الباكستانى والمجتمع الدولى على انها نجاح دبلوماسى كبير لا يمكن إلا أن يفيد اقتصاد اسلام اباد الوليد.
والحقيقة هى أنه على الرغم من مشاريع الاستثمار والبنية التحتية التى من المقرر أن تأتى إلى باكستان، فإن الممر الاقتصادى جزء من محاولات الصين لبناء كتلة من البلدان التى تعتمد اقتصادياً مع بكين فى المركز.
يجب أن يلاحظ المراقبون أن التطورات الصينية فى باكستان تقدم نظرة ثاقبة لنوع نظام الروافد الذى تريد بكين أن تنشئه عبر آسيا الوسطى ومع تقدم المصالح الاستراتيجية للصين غرباً ستسعى بكين إلى ترسيخ مكانة باكستان كدولة مفترق طرق تربط بين المصالح الصينية فى آسيا الوسطى مع الصين القارية، وخاصة غرب الصين.
وترتبط خطط الصين فى باكستان بالدرجة الأولى بالزراعة، حيث ذكر تقرير صحيقة دون الباكستانية أنه سيتم تأجير آلاف الأفدنة من الأراضى الزراعية إلى الشركات الصينية لإقامة مشاريع فى مجالات تتراوح بين تهجين أصناف البذور وتكنولوجيا الرى وعلى الرغم من أهميتها، إلا أنها تخدم ربط أحد أطراف سلسلة التوريد بالطرف الآخر.
وبحسب الاتفاق ستزرع الشركات الصينية فى مزارع صينية ثم تخزن السلع وتنقلها شركات التجارة الصينية والعائد الوحيد مشاركة باكستان فى ربح السوق المحلى وتيسير التجارة الزراعية من وإلى باكستان.