%10 عجزاً بمخزون الحبوب ويهدد 130 مليون صينى بالجوع فى 2008
تحتاج الصين لإطعام نحو 1.3 مليار نسمة أى ما يقرب من 22% من سكان العالم وبات الأمر أكثر صعوبة بسبب حقيقة أنها تمتلك فقط 7% من الأراضى الصالحة للزراعة فى العالم.
علاوة على ذلك، تضررت هذه الأرض إلى حد كبير بسبب الجهود التى تبذلها البلاد لتعزيز الإنتاج المحلى، وساهم الإفراط فى استخدام المواد الكيميائية ومبيدات الآفات فى تآكل التربة وتسمم الأنهار والبحيرات وباتت سمعتها مشينة إزاء سلامة الأغذية.
ومنذ منتصف التسعينيات حولت الصين استراتيجية توفير الغذاء إلى الخارج بتوجيه الشركات الوطنية واستثماراتها إلى الأسواق الأجنبية، وحاولت أن تستغل الشروط القاسية خصوصاً السياسية لصندوق النقد والبنك الدوليين لتقديم بديل بتمويل مشروعات خارجية منزوعة الشروط السياسية للعمل مع الدول الأخرى.
وفى أواخر التسعينيات وأوائل العقد الأول من القرن الحادى والعشرين انتشر النموذج الصينى مركزاً استثماراته الزراعية الخارجية على الاستيلاء على الأراضى واشترت الشركات الصينية أو استأجرت مساحات شاسعة من الأراضى فى كمبوديا ولاوس وموزمبيق وتنزانيا.
كانت الشركات الصينية مستعدة لتجاهل الأطر التنظيمية والسياسية المحلية لتسريع الصفقات وهو ما كان مصدر سعادة الدول المضيفة إلا أنه عرض نموذج الصين للاستثمار الخارجى لمخاطر الهشاشة السياسية لتلك البلدان، مما دفعها للنظر إلى ما هو أبعد من الاستيلاء على الأراضى كمصدر للأمن الغذائى القومى.
وقد قوبل الاستيلاء الصينى على الأراضى بمعارضة شعبية فى الأرجنتين والبرازيل وإندونيسيا، وأعلنت الكاميرون وأنجولا عن مخاوفهما بشأن التنازل عن الأراضى للصينيين بحسب ما ذكره فريد بيرس، فى كتابه لصوص الأراضى «The Land Grabbers»، مما يجعل من الصعب الحفاظ على استراتيجية طويلة الأجل للصين.
ولفت تقرير لمنظمة فيوتشير دايركشنس البحثية إلى أن ارتفاع أسعار الحبوب 2007-2008 عالمياً جدد المخاوف فى بكين بشأن أمن الإمدادات الغذائية.
ونقل التقرير عن صحيفة دير شبيجل الألمانية، أنه على الرغم من أن الحكومة لديها ما بين 40 و50 مليون طن فى احتياطى الطوارئ، إلا أن الفجوة مع الاستهلاك تبلغ نحو 10% فى تلك الفترة، مما يعنى أنه يجب على البلد استيراد الأرز لنحو 130 مليون شخص.
ولم يعد أمام ثانى أكبر اقتصاد فى العالم إلا تغيير نهجه بعد أزمة 2008 واتباع اسلوب أكثر عالمية فى استراتيجية أمنه الغذائى يستهدف ضمان تدفق سلاسل التوريد لجميع القارات وهو ما يتسق مع اعتماد بكين المتزايد على الواردات كجزء مهم من رؤيتها الأوسع لبناء نظام اقتصادى دولى مرتكزاً على الصين.
وبدلاً من بناء عمليات زراعية قائمة بذاتها من البداية، تم تبنى نهج «سلسلة التوريد الكاملة» بحيث يمكن للصين أن تؤثر بشكل أفضل على ميزان العرض والطلب وحركة الأسعار.
على مدى السنوات العشر الماضية، ازداد اهتمام الصين باللوجستيات والموانئ وطرق التجارة وتقنيات الإدارة والمراكز التعليمية والمعرفة الزراعية، وتعتبر مبادرة الحزام والطريق والممر الاقتصادى الصيني-الباكستانى مؤشرات مثالية لمحاولات الصين تنفيذ استراتيجية «سلسلة التوريد بأكملها».
فى مقال لصحيفة وول ستريت جورنال يرى ديفيد رينشيمان، الأستاذ بجامعة كامبريدج بأن الجاذبية المستمرة للنموذج الصينى هى وعده بتحقيق النتائج فى فترة زمنية قصيرة نسبياً، حيث أدركت بكين أن التحركات التكتيكية قصيرة الأجل مثل الاستيلاء على الأراضى لا تدعم استراتيجية أوسع للأمن الغذائى.