قالت صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية، إنه فى الفترة التى سبقت القمة الثنائية التى عقدت بين الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ونظيره الكورى الشمالى كيم جونغ أون، تم الترحيب بسنغافورة باعتبارها جنيف القارة الآسيوية، خاصة بعد أن استضافت العديد من القمم الدولية بفضل حيادها الدبلوماسى.
كانت سنغافورة المكان الذى يتم اختياره لعقد القمم التاريخية، بما فى ذلك الاجتماع الذى انعقد بين رئيسى الصين وتايوان فى عام 2015، هذا فضلاً عن أنها تستضيف حوار شانغريلا، وهو منتدى سنوى فى منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
وقال لى هسين لونج، رئيس وزراء سنغافورة، فى مؤتمر صحفى عقده الأحد الماضي: «عندما تعقد مشاركات على الصعيد الدولى، فإنَّ الناس يدركون أنك تتمتع بأهمية كبيرة إلى حد ما».
وأوضحت الصحيفة البريطانية، أنَّ السعى وراء عدم الانحياز، واتخاذ موقف محايد ساعد سنغافورة فى الحفاظ على علاقاتها الوثيقة مع أكبر اقتصادين على مستوى العالم، ولكن من وجهة نظر أمنية، تعتبر علاقات سنغافورة مع الولايات المتحدة أعمق بكثير؛ حيث يعود تاريخ العلاقات الثنائية إلى أواخر فترة الستينيات، عندما عرضت سنغافورة خدمات الصيانة وإعادة الإمداد للبحرية الأمريكية خلال حرب فيتنام.
وقال مايكل فوللوف، المدير التنفيذى لدى معهد لوى للسياسة الدولية، إنَّ سنغافورة ليست متمركزة على نحو متساوٍ بين الصين والولايات المتحدة، فهى تتمتع بعلاقات أكبر بكثير مع الولايات المتحدة.
وتجدر الإشارة إلى أن الطائرات والسفن الأمريكية تمر عبر سنغافورة بشكل منتظم من أجل تنفيذ تدريبات عبر المنطقة، كما أنها تحافظ على أمن بحر الصين الجنوبى ومضيق ملقا، الذى يعرف بكونه شرياناً حيوياً للتجارة العالمية واقتصاد البلاد. بالإضافة إلى ذلك، توفر العلاقات الأمنية القوية مع الولايات المتحدة تأميناً ضد دول الجوار، مثل إندونيسيا وماليزيا أو حتى الصين أيضاً.
من الناحية الاقتصادية، يبدو أن الوضع معكوس، فعلى الرغم من أن الاستثمار الأجنبى المباشر الأمريكى فى سنغافورة يفوق حجم الصين، فإنَّ بكين تعد الشريك التجارى اﻷكبر بالنسبة لسنغافورة، ويمكن لهذا الاتجاه التسارع مع قيام الرئيس الصينى شى جين بينغ بعكس قوة الصين الاقتصادية والجيوسياسية فى جميع أنحاء آسيا، وذلك فى الوقت الذى يتحدى فيه ترامب النظام العالمى المتعدد الأطراف الذى كان يوماً ما حليفاً لواشنطن.
وتحرص سنغافورة، التى تعرف بكونها ثالث أكبر مركز تداول لعملة الرنمينبى الصينية، على لعب دور فى تدويل العملة الصينية، هذا فضلاً عن أن عدد البنوك الصينية فى سنغافورة سجل نمواً لدعم شركات البلاد التى تستفيد من أسواق جنوب شرق آسيا.
وترغب مؤسسات سنغافورة، أيضاً، فى تطوير علاقتها المالية مع الصين لتتوسع بشكل أكبر نحو إدارة الأصول والمخاطر ورأس المال وتمويل البنية التحتية، فقد قال رافى مينون، المدير التنفيذى لسلطة سنغافورة النقدية فى عام 2016، إنَّ صعود الصين كان أكبر قصة بالنسبة لآسيا فى العقود الثلاثة الأخيرة، وسيكون تحول الصين هو القصة اﻷكبر فى آسيا، أيضاً، فى العقود الثلاثة القادمة.