بقلم: جون ثورنهيل
محرر متخصص فى شئون الابتكار لدى صحيفة «فاينانشيال تايمز»
ربما حان الوقت لنتعلم جميعا أن نحب الروبوتات، مثلما يفعل العديد من الآسيويين، ففى الغرب تتلقى الروبوتات شهرة رهيبة، رغم أنها تثير القلق تجاه احتلالها للوظائف التى يشغلها البشر، إن لم يكن إبادة البشرية بأجمعها إثر ظهورها فى العديد من أفلام الإبادة، بجانب المخاوف من الذكاء الفائق.
أما فى آسيا، فالأمر مختلف تماما، حيث تبدو الروبوتات هناك أكثر شعبية، فهى شائعة الاستخدام فى اليابان وكوريا الجنوبية والصين.
وعلى النقيض من التحليل الاقتصادى المحموم بالمخاطر الخاص بالعديد من المراكز البحثية، والذى يدور حول التهديد الذى يلوح فى الأفق من البطالة الناجمة عن التكنولوجيا، قال بنك التنمية الآسيوي، فى تقرير صادر عنه مؤخراً، إن ازدياد الروبوتات كان يخلق الوظائف بشكل عام، بدلاً من تدميرها.
ووجد تحليل أجراه بنك التنمية الآسيوى على 12 اقتصاداً آسيوياً نامياً بين عامى 2005 و2015، أن ارتفاع الطلب، عوض الوظائف المفقودة فى الأتمتة بشكل أكثر.
كما أن اعتماد تكنولوجيات جديدة، مثل أدوات الآلات الحديثة وأنظمة الكمبيوتر فى المصانع والمكاتب، حفز على زيادة الإنتاجية والنمو الاقتصادي، وساهم هذا التحول- بحسب التقديرات- فى خلق 134 مليون وظيفة جديدة، مقارنة بعدد 101 مليون وظيفة خُسرت لصالح التكنولوجيا.
وأثيرت التساؤلات حول هذا التناقض الصارخ بين آسيا والغرب فى كيفية النظر إلى المستقبل التكنولوجى، كما أنه آثار بعض الردود المثيرة للاهتمام من الخبراء اليابانيين المعنيين بالروبات.
فقد أوضح أحد المعلقين أن أجيالاً من الأطفال اليابانيين، نشأوا على التفكير فى الروبوتات وكأنها أبطال ذات فائدة، مثل فيلم «أسترو بوى»، والمأخوذ عن قصة شعبية بيع منها 100 مليون نسخة فى جميع أنحاء العالم، وهى تروى حكاية روبوت مشابه للبشر صنعه الدكتور أوماتارو تينما، ليحل محل ابنه المفقود.
من جهته، يمتلك الأستاذ فى علم الروبوتات فى جامعة طوكيو، ماساتوشى إيشيكاوا، نظرية بديلة.
فهو يقترح أن المعتقد الدينى مؤثر، وفى الوقت الذى تواجه فيه الأديان التوحيدية فى الغرب صعوبة فى الاعتماد على جسم غير عضوى فى أى معلومات استخبارية، فإن الديانات الروحية فى الشرق تجد أنه من الأسهل الاعتقاد بأن الروبوتات قد يكون لها روح منفصلة.
وأوضح أن العقل الدينى اليابانى يمكن له أن يقبل بسهولة وجود نوع من الروبوت، فاليابانيين يرونهم كأصدقاء ويعتقدون أنهم يستطيعون مساعدة البشر.
وقال إيشيكاوا، إن هناك نوعين من الروبوتات، أحدهما يقوم بأعمال البشر والآخر يعزز أداء البشر، ولكن عادة ما يتم سماع الكثير عن النوع الأول والقليل جداً عن النوع الثانى.
وبما أن المتخصصين فى مجال الروبوتات لا يملون أبداً من التحدث عن إبداعاتهم، فإن إبداعاتهم يمكن أن تساعد البشر فى تنفيذ المهام القذرة والمضجرة والخطيرة.
وتتمتع الدول التى تعتمد على الروبوتات بشكل كبير ببعض من أدنى معدلات البطالة، وهذا يشير إلى الحالة الاقتصادية القوية للاستخدام المتزايد للروبوتات فى معظم أنحاء آسيا، فهم يساعدون فى معالجة أزمة ديموغرافية حادة مع تقدم المجتمعات فى العمر سريعاً.
يأتى ذلك جنباً إلى جنب، مع وجود بعض المجتمعات الآسيوية التى تفضل الروبوتات على المهاجرين استكمالاً لقوتها العاملة المتقلصة، مما يعنى أن الروبوتات ستنتقل بشكل متزايد من المصنع وإلى المنازل والمستشفيات، التى بدورها ستحتاج إلى قدرات مختلفة، وبالتالى- ووفقاً للمجال البحثى- يزدهر التفاعل بين الإنسان والروبوت فى جميع أنحاء العالم.
وقال كانامى هاياشى، المؤسس والرئيس التنفيذى لشركة جرووفيكس، إن هناك حاجة إلى جيل ثالث من الروبوتات يجمع بين الأجهزة، والبرمجيات لإنتاج روبوتات مشابهة للبشر ذات وعى عاطفى، مضيفاً: «نريد بناء علاقات بين البشر والآلات التى يمكننا الوثوق بها».
إعداد: منى عوض
المصدر: صحيفة «فاينانشيال تايمز»