بعد عامين من تصويت بريطانيا على مغادرة الاتحاد الأوروبى تمر الكتلة الموحدة مرة أخرى بفترة عصيبة حيث يختلف زعماء الاتحاد الأوروبى فى الوقت الراهن بشأن قضايا الهجرة والحرب التجارية مع الولايات المتحدة التى تلوح فى الأفق.
وذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» أن بريق التألق والنجاح الذى حققته الكتلة الأوروبية خلال العام الماضى بدأ يتلاشى وتتجه منطقة اليورو فى الوقت الحالى نحو التباطؤ الاقتصادى.
لكن بالنظر إلى العديد من المقاييس فإن الاتحاد الأوروبى لم يمر بهذه الحالة الجيدة منذ عقد من الزمان.
وفى أحد المقاييس الحيوية وهو الوظائف فإن البيانات من الاتحاد الأوروبى أفضل مما كانت عليه منذ بداية الأزمة المالية.
وكشفت البيانات أنه فى الربع الأول من العام الجارى وصلت نسبة الوظائف الشاغرة فى الكتلة إلى أعلى مستوى لها منذ أن بدأ المكتب الإحصائى للاتحاد الأوروبى «يوروستات» فى جمع البيانات عام 2008.
وبالإضافة إلى ذلك انخفض معدل البطالة فى الاتحاد الأوروبى إلى 7.1% فى أبريل الماضى وهو نفس المستوى الذى كان عليه خلال سبتمبر 2007 قبل الأزمة مباشرة.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى وجود اختلافات كبيرة بين البلدان حيث أن أكثر من 15% من سكان أسبانيا عاطلون عن العمل وتبلغ هذه النسبة 20% فى اليونان ولكن فى كلا البلدين تراجعت معدلات البطالة بنحو 10 نقاط مئوية عن ذروتها بعد الأزمة.
ولا تزال توجد مخاوف كبيرة بشأن اقتصادات الجنوب لاسيما ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب والمشاكل المتعلقة بالعمالة ومع ذلك فإن سوق العمل فى الاتحاد الأوروبى هو فى أحسن حالاته منذ سنوات.
وأوضحت «فاينانشيال تايمز» أن الأجور بدأت مؤخراً فى التعافى العام الجارى ومن المتوقع أن تنمو الأجور الحقيقية لكل موظف فى الاتحاد الأوروبى بأسرع وتيرة لها على مدار عقد من الزمان.
وأضافت الصحيفة أن النمو يتباطء ولكنه لا يزال قوياً وتمتع الاتحاد الأوروبى بنمو قوى فى العام الماضى بلغ 0.7% خلال الربع الأخير لكن هذا العام كان قصة مختلفة حيث كان النمو فى الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2018 أبطأ بكثير وبلغت نسبته 0.4%.
وأصبحت التوقعات الاقتصادية للكتلة الأوروبية متشائمة أكثر الشهر الجارى وتم تعديل متوسط توقعات الاقتصاديين للنمو العام الجارى إلى 2.1% فى شهر أبريل وتوقع الاقتصاديون معدل نمو 2.25% لإجمالى العام.
ورغم أن أسباب التباطؤ بعيدة كل البعد عن كونها متفق عليها عالمياً لكن الاتحاد الأوروبى يتعامل معها ويخطط للتخلى عن برنامج شراء الأصول التى تبلغ قيمتها 2.4 تريليون يورو للبنك المركزى الأوروبى والتعامل مع خطر الحروب التجارية فى عهد الرئس الامريكى دونالد ترامب.
ومع ذلك فقد أوضح بيير موسكوفيتشى، مفوض الاتحاد الأوروبى للشؤون الاقتصادية والمالية أن الاتحاد شهد أقوى نمو خلال عقد من الزمن ومن المقرر أن يستمر العام الجارى والمقبل.
يأتى ذلك فى الوقت الذى تشهد فيه المالية بعض علامات التحسن مع استمرار التوسع الاقتصادى وأسعار الفائدة التى لا تزال عند مستويات منخفضة تاريخياً ولذلك يبدو أن المالية العامة للاتحاد الأوروبى أفضل مما كانت عليه منذ الأزمة.
وتراجعت الديون العامة فى الاتحاد الأوروبى التى بلغت نسبتها عام 2014 إلى 88% ومن المتوقع أن تصل إلى 80% العام الجارى وفقاً للمفوضية الأوروبية.
ومن المتوقع أن يبلغ العجز المالى فى المنطقة 0.6% من الناتج المحلى الإجمالى العام الجارى مقارنة بنسبة 4.1% فى عام 2011.
ومن المتوقع أيضاً أن تشهد رومانيا فقط عجزاً العام الجارى بأكثر من الحد المسموح به بنسبة 3% فى الاتحاد الأوروبى.
وأعلنت المفوضية الأوروبية أن نسبة الدين إلى الناتج المحلى الإجمالى ستستمر فى التراجع حتى بالنسبة للحالات المقلقة مثل اليونان وإيطاليا والبرتغال بافتراض أن السياسات الاقتصادية لتلك البلدان لا تتغير.
ومع تعافى اقتصاد الاتحاد الأوروبى بدأ الاقتصاديون فى استطلاعات الرأى يشيرون إلى مخاوف أخرى وعلى رأسها القضايا المتعلقة بالهجرة التى تعد أكبر التحديات التى تواجه المنطقة فى الوقت الراهن.
وعلى الرغم من ذلك فإن نسبة الأشخاص الذين يثقون بالكتلة فى أعلى مستوياتها منذ ثمانى سنوات وزادت الثقة فى الحكومات الوطنية فى جميع البلدان باستثناء السويد وهولندا والنمسا وألمانيا.