
أثارت وكالة أنباء بلومبرج اﻷمريكية عدة تساؤلات، حول منظمة الدول المصدرة للبترول (اﻷوبك)، ومدى رغبتها فى التمسك بقرارات الإنتاج التى تم وضعها قبل 18 شهراً، والتى وجد فى نهاية المطاف، أنها رغبة كافية لرفع إنتاج البترول للحفاظ على الاتفاق.
وقالت الوكالة، إنَّ الاتفاق العالمى الخاص بتخفيض إنتاج البترول، الذى تم التوصل إليه فى أواخر 2016 من قبل أعضاء «أوبك» البالغ عددهم 14 عضواً، و10 دول غير أعضاء، بما فى ذلك روسيا، نجح فى إنهاء الركود الذى دام ثلاثة أعوام فى أسعار البترول، ولكن الآن توصلت المنظمة وشركاؤها إلى اتفاق يسمح للسعودية وروسيا بتحقيق هدفهما فى رفع الإنتاج، ما قد يهدئ مخاوف المستهلكين جزئياً، بعد أن سجل خام برنت القياسى 80 دولاراً للبرميل فى مايو الماضى.
ما الذى تفعله «أوبك» بالتحديد؟
وافقت «أوبك» على زيادة إنتاج البترول، بدءاً من أول يوليو المقبل، وهى تسوية توصلت لها بعد تهديد إيران المبدئى بالاعتراض على أى زيادة فى العرض، فالتكتل المكون من 14 دولة وحلفائه سيعيدون تخفيضات الإنتاج إلى الحجم المستهدف البالغ 1.8 مليون برميل يومياً، والذى تم وضعه فى عام 2016.
وفى حين أنه من الناحية النظرية قد يعنى ذلك اﻷمر إنتاجاً إضافياً يصل إلى مليون برميل يوميا، لكنَّ هذا الرقم قد يكون أقل من الناحية العملية ليتراوح بين 600 ألف و800 ألف برميل يومياً، خاصة أن بعض المنتجين غير قادرين على ضخ المزيد من البترول، ولكن هذا الإنتاج سيتم تحقيقه من قبل بعض الدول، مثل السعودية، بفاعلية.
هل تعد تلك الخطوات تغييراً فعلياً؟
ليس تماماً، فلا تزال القيود المفروضة على الإنتاج منذ أواخر عام 2016، التى تمت صياغتها بين «أوبك» و10 من منتجى البترول خارج التحالف، قائمة.
وتجدر الإشارة إلى أن الهدف الجماعى لزيادة إنتاج البترول سيمنح دولاً مثل السعودية وروسيا مجالاً لزيادة الإنتاج، كما أنه يتضمن نقل حصة سوقية من فنزويلا وإيران.
هل كانت «أوبك» مذبذبة إثر الضغوط السياسية؟
ربما، لقد كانت «أوبك» تتأرجح؛ بسبب أجندة جيوسياسية تنافسية، فقد دفع بعض أكبر المستهلكين فى العالم، بما فى ذلك الولايات المتحدة والصين والهند، المجموعة إلى فتح صنابير الإنتاج، بينما تريد فنزويلا وإيران رفع الأسعار لتعويض تأثير العقوبات الأمريكية.
ووفقاً لهذا الصدد، انتقد الرئيس الأمريكى دونالد ترامب المنظمة عبر موقع التغريدات القصيرة (تويتر) لتضخيم تكلفة الوقود، كما طلبت إدارته من السعودية وبعض المنتجين الآخرين فى المنظمة زيادة إنتاج البترول بنحو مليون برميل يومياً، ومن ثم سارعت السعودية للاعتراف باحتياجات المستهلكين فى الأسابيع الأخيرة، حتى عندما سعت إلى الحفاظ على المكاسب التى حققتها «أوبك» وشركاؤها بصعوبة.
ما اﻷسباب الكامنة خلف معارضة إيران؟
بدت صفقة زيادة البترول وكأنها تلاشت، بعد أن انسحب وزير النفط الإيرانى بيجن نامدار زنغنه من اجتماع مع نظرائه من الوزراء، نهاية اﻷسبوع الماضى، متنبئاً بأنه لا يمكن لأحد إقناعه للعودة لزيادة إنتاج البترول.
وفى ظل ذلك، اعترضت إيران على التدخل اﻷمريكى فى سياسة تحالف الدول المنتجة للبترول، فقد قال «زنغنه»، إنَّ الرئيس الأمريكى مسئول عن ارتفاع الأسعار؛ بسبب انسحابه أحادى الجانب من الاتفاقية النووية الدولية، وفرض عقوبات جديدة يمكن أن تحد صادرات إيران من البترول الخام بشكل كبير.
ماذا يقول هذا عن نفوذ «أوبك» المستمر؟
لقد كُتب نعى «أوبك» مرات عديدة، ولكن منذ إنشائها منذ أكثر من نصف قرن، استطاع هذا التكتل الاحتكارى هز العالم، كما أن تحالفها اﻷخير تحدى العديد من المتشككين فى الوقت الذى يهيمن فيه أكبر مصدرين للبترول فى العالم، وهما السعودية وروسيا، على المناقشات المتعلقة بالسياسة، فهاتان الكتلتان الكبيرتان قامتا بدعوة جميع الدول الـ24 المصدرة للبترول للانضمام إلى هيئة دائمة لها دستورها وأمانتها العامة الخاصة بها، وهذا من شأنه أن يمثل تحولاً جذرياً فى النظام العالمى للبترول.
ماذا يعنى هذا بالنسبة لأسعار البترول؟
استجابت أسعار البترول بشكل إيجابى لصفقة التسوية الخاصة بـ«أوبك»؛ حيث ارتفعت العقود الآجلة فى الولايات المتحدة بنسبة 4.9% بمجرد أن غادر الوزراء اجتماعهم فى مدينة فيينا، كما أن «أوبك» أكدت استهدافها استقرار السوق بدلاً من الأسعار، ولكن النظرة المستقبلية على كلا الجانبين تبدو غير مؤكدة، فقد تتفق السعودية مع تحليل إيران بأن 70 دولاراً للبرميل هو سعر جيد للغاية للبترول، فى الوقت الذى تستعد فيه روسيا لمستوى أقل قليلاً.