قالت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، إنَّ إعادة فرض الرئيس اﻷمريكى دونالد ترامب العقوبات على طهران تشكل تحدياً مباشراً لنموذج أعمال «سويفت»، وهى الشركة التى تقول، إنها أداة متاحة عالمياً ومحايدة سياسياً.
وفى الوقت الذى يعد فيه الاتحاد اﻷوروبى إجراءات للرد على تحركات الولايات المتحدة، تقدم «سويفت» مثالاً حاداً على الطريقة التى تتعرض بها الشركات لخطر الوقوع تحت ضغط عبر المحيط اﻷطلسى، وكيف يمكن للنزاع أن يثير تداعيات أوسع بالنسبة للأعمال التجارية الدولية.
وذكرت الصحيفة، أنَّ «ترامب» أعاد تفعيل العقوبات اﻷمريكية ضد إيران، فى مايو الماضى، بعد أن انسحبت بلاده من الاتفاق النووى مع طهران، مشيرة إلى أنه إذا لم تحظ «سويفت» باستثناء فى هذه الحالة، ستطالبها الولايات المتحدة بطرد البنوك الإيرانية المستهدفة من شبكاتها فى بداية نوفمبر المقبل أو مواجهة تدابير مضادة محتملة ضد كل من أعضاء مجلس إدارتها والمؤسسات المالية التى توظفها.
ويمكن أن تتضمن هذه التدابير تجميد الأصول، وحظر سفر الأفراد إلى الولايات المتحدة، وفرض قيود على قدرة البنوك على القيام بأعمال تجارية فى أمريكا.
وقال نيكولاس فيرون، الزميل المشارك فى معهد «بيترسون» للاقتصاد الدولى، إنَّ بقاء «سويفت» باعتبارها نظاماً عالمياً لتسهيل المدفوعات عبر الحدود يعتمد على مقاومتها لمثل هذه المحاولات لتسليحها من أجل أغراض سياسية.
وفيما يخص الفعل المتخذ ضد الشركة، التى يملكها حوالى 2400 بنك ومؤسسات مالية أخرى، أضاف «فيرون»: «القضية الأوروبية الأمريكية الإيرانية تعتبر مسألة وجودية بالنسبة لـ(سويفت) كشبكة عالمية».
وتواجدت منظمة سويفت فى فترة السبعينيات إثر رغبة البنوك الرائدة فى استبدال رسائل «التليكس» بنظام دفع أكثر موثوقية وأسرع، لتصبح «سويفت» الآن جزءاً من الهيكل المالى العالمى، فشبكتها المكونة من 11 ألف مستخدم من المتوقع امتدادها إلى أقصى حد ممكن.
كما أنها تدير خدمة الرسائل العملاقة الآمنة للمؤسسات المالية فى العالم، وترسل طلبات الدفع عبر نظامها الإلكترونى، وتحتفظ بسجلات لهذه الاتصالات على الخوادم فى أوروبا، والولايات المتحدة؛ حيث تتعامل مع أكثر من 6 مليارات رسالة سنوياً.
وتعتبر تداعيات الصفقة الإيرانية جزءاً من نمط ما بعد الألفية الذى أصبحت فيه «سويفت» محاصرةً فى معارك سياسية، ففى عام 2006 أعرب المشرعون فى الاتحاد الأوروبى عن غضبهم من الكشف عن برنامج تتبع تمويل الإرهاب السرى، الذى سمح للمحققين باستغلال بيانات «سويفت» المحتجزة على خادم فى الولايات المتحدة.
وكانت «سويفت» البلجيكية، أيضاً، فى قلب التوترات الدولية عام 2012، عندما أمرها الاتحاد الأوروبى – عقب مبادرة أمريكية – بقطع الاتصال مع البنوك الإيرانية التى كانت خاضعة لعقوبات، ولكن تم تعليق هذه التدابير فى وقت لاحق عام 2016 بعد دخول الاتفاق النووى حيز التنفيذ.
وفى ظل ذلك، كافحت «سويفت» علناً ضد فكرة وجوب استخدام الوصول إلى خدماتها لمعاقبة أو مكافأة الحكومات.
وأظهرت التقارير كيف أصبحت «سويفت» أصولاً حساسة، فهى تعتبر بوابة لنظام التمويل العالمى الذى يخضع للإشراف البلجيكى والأوروبى، ولكنه أصل بالغ اﻷهمية بالنسبة للسلطات الأمريكية، كما أن البنك الوطنى البلجيكى أشار، فى تقرير له العام الماضى، إلى أن أنشطة «سويفت» قد تم الاعتراف بها كعامل مهم فى سلامة وكفاءة أنظمة تسويات الدفع والأوراق المالية بجميع أنحاء العالم.
وتجدر الإشارة إلى أن نحو 90% من مجتمع «سويفت» لا يسمح بدخول الزوار له؛ نظراً إلى أسباب أمنية، كما أنه يتم تأمين بعض المناطق بأبواب ذات شفرات أمنية، فالشركة ترغب فى الحفاظ على بيانات العملاء والملكية الفكرية من أعين المتطفلين.
وتجنبت «سويفت» لفت اﻷنظار، حتى الآن، إلى العقوبات المفروضة على إيران، ولكنَّ أحد المتحدثين قال للصحيفة البريطانية، إنها من الطبيعى أن تتشاور وتطلب توضيحات من كل من الاتحاد الأوروبى والسلطات الأمريكية، مضيفاً: «مهمتنا هى أن نكون مقدمى خدمات عالميين ومحايدين للصناعة المالية».
ويبقى السؤال هنا حول ما إذا كان يمكن لـ«سويفت» تحقيق كلا الهدفين فى الوقت نفسه، فقد قال فيرون، إنَّ شبكة المعلومات المالية يمكن أن تكون إما عالمية ذات حياد سياسى وإما غير محايدة سياسياً ومتفككة، فالتسييس والوصول العالمى غير متوافقين بشكل متبادل.