تراجع صادرات البترول والغاز جراء الالتزام بخفض غازات الكربون
178 دولة صدقت على اتفاق باريس المناخى
ستستمر على المدى الطويل سياسات التصدى للتغير المناخى العالمية بما يحدث تقدماً فى مرحلة ما بعد عام 2020، وهذا يعنى أن اعتماد المنطقة العربية الاقتصادى على إيرادات صادرات البترول والغاز يتهدده انخفاض الطلب على صادرات الوقود الأحفوري، بسبب المبادرات العالمية لخفض انبعاثات الكربون.
وقد صدقت بالفعل 178 دولة على اتفاقية باريس التى تلزم كل دولة بوضع خطة زمنية محددة لخفض غازات الاحتباس الحرارى بمعدلات معينة.
وتشير دراسة حديثة أجرتها مؤسسة أوى تشينج الدولية إلى أن الاحتفاظ بنسبة 68% من احتياطيات الوقود الأحفورى تحت الأرض من المرجح أن تحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى أقل من درجتين مئويتين. ووفقاً لهذه التقديرات يحتاج الشرق الأوسط إلى ترك حوالى 40% من بتروله و60% من الغاز تحت الأرض.
بالنظر إلى أن دول الخليج تختزن 30% من احتياطيات العالم المؤكدة من البترول و15% من احتياطيات العالم المؤكدة من الغاز فإن ترك المصدر الرئيسى للدخل تحت الأرض سيكون اقتصادياً وسياسياً خياراً صعباً للغاية للتخلص من الانبعاثات الكربونية، فى حين توجد حلول أخرى لإزالة الكربون مثل احتجازه وتخزينه مما يتطلب الإسراع فى تبنى التكنولوجيا اللازمة لتحقيق ذلك مع الأخذ فى الاعتبار أنه حتى الآن لم يتم معالجة العقبات التقنية والاقتصادية والتنظيمية فى دول الخليج.
ولفت تقرير صحيفة أرب نيوز إلى أن الجهود المبذولة للحد من انبعاثات الكربون وتحسين كفاءة الطاقة جارية فى العديد من البلدان المتقدمة، وكذلك فى الاقتصادات الناشئة مثل الصين والبرازيل وجنوب أفريقيا والهند، سيكون لها تداعيات كبيرة على شركائها التجاريين فى دول الخليج العربية.
وفى عام 2015 قالت المفوضية الأوروبية، أن الاتحاد الأوروبى يمثل 14.7% من الميزان التجارى للدول الخليجية مقابل 13% للصين و11.5% لليابان و10.4% للهند وكلهم مستوردين لصادرات البترول والغاز.
وبالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تؤدى القيود الدولية المفروضة على استخدام الوقود الأحفورى مثل ضرائب الكربون إلى زيادة تكاليف الإنتاج وبالتالى أسعار السلع والخدمات.
وهذا من شأنه أيضاً أن يكون له تأثير كبير لأن رفاهية مواطنى دول الخليج لاتزال تعتمد بشكل كبير على السلع المستوردة، خاصة الغذاء فمنذ الستينيات، استمرت واردات السلع والخدمات كنسبة من الناتج المحلى الإجمالى فى الزيادة فى دول الخليج، باستثناء البحرين، ففى عام 2015، شكلت السلع والخدمات المستوردة أكثر من 83% من إجمالى الناتج المحلى فى الإمارات العربية المتحدة، و45% فى الكويت، و52% فى عُمان، و37% فى السعودية، و36% فى قطر، و35% فى البحرين.
وتواجه الجهود التى تبذلها دول الخليج العربية للتغلب على اعتمادها على الواردات تحدى البيئة الصحراوية الهشة فالقطاعات الاقتصادية غير البترولية مثل الزراعة وصيد الأسماك والبنية التحتية والسياحة معرضة لتأثيرات تغير المناخ مثل زيادة متوسط درجات الحرارة وارتفاع مستوى سطح البحر، وانخفاض فى هطول الامطار السنوى وموجات الجفاف المتكررة المؤدية إلى نقص المياه.
وتحتاج دول المنطقة الى معالجة آثار تغير المناخ بما يتماشى مع استراتيجيات التنويع الاقتصادى ليس لتساعد فقط على تقليل آثارها السلبية إلى الحد الأدنى، بل لتزيد إلى أقصى حد الفوائد الاقتصادية والاجتماعية الواسعة مثل أمن الطاقة والأمن الغذائى والعمالة والصحة العامة.
وقد أشارت دول الخليج (باستثناء عمان) فى تقارير التزاماتها الوطنية المحددة، إلى نيتها المشاركة فى إجراءات مناخية تتماشى مع خطط تنويعها الاقتصادى وهو ما جعل جميع خطط التنويع الاقتصادى تتضمن جوانب مختلفة من المسائل المتعلقة بالمناخ.
على سبيل المثال، تهدف خطة رؤية 2030 السعودية إلى زيادة دور القطاع الخاص والتمويل الحكومى لتحقيق الاستدامة البيئية فى إدارة النفايات، ومشاريع إعادة التدوير، والمحميات الطبيعية، وإدارة الموارد المائية.
يتضمن برنامج «تنفيذ» فى عمان ثلاثة أهداف متعلقة بالبيئة هى حماية البيئة، وإدارة مخاطر الأزمات والعلوم والتكنولوجيا والابتكار والتى يمكن أن تكون البوابة الرئيسية لإدماج سياسة المناخ فى خطط نهضتها الاقتصادية.
وقد أعلنت الإمارات عزمها على تحقيق الارتباط بين التزاماتها الوطنية وخطة التنمية الوطنية «رؤية 2021 » ولا سيما مع وضع استراتيجية النمو الأخضر واستراتيجية الابتكار الوطنية واستراتيجية دبى المتكاملة للطاقة 2030 لكن التحدى الذى لا يزال قائما هو كيفية ترجمة هذه الطموحات إلى عمل على الأرض.