بقلم: جيمس كينج
محرر شئون الأسواق الناشئة لدى «فاينانشال تايمز»
تقع المشروعات الصينية على طرفى الكرة الأرضية فى ماليزيا وكولومبيا، ولكن توقف تنفيذها يرتبط بالصين والتناقضات المثارة نتيجة النهج الغامض لبكين فيما يتعلق بتمويلات التنمية.
وفى ماليزيا، تم وقف مشروع بنية تحتية مرتبط بالصين، بقيمة 23 مليار دولار الشهر الحالى، فى الوقت الذى تعزز فيها كوالالمبور تحرياتها فى الفساد المتعلق بصندوق ماليزيا «برهاد للتنمية» المملوك للحكومة.
وفى كولومبيا، يهدد خطر الانهيار، سد هيدروكهربائى ضخم ممول جزئيا من صناديق الاستثمار التابعة للحكومية الصينية، مما يجبر السلطات على إخلاء السكان بطول مجرى النهر.
وبالنسبة لبكين، فالأسوأ أن الحادثتين غير منفصلتين، وتزداد الحوادث الخاصة بتوقف مشروعات البنية التحتية الصينية بالخارج، مما يدمر سمعة مبادرة الحزام والطريق، وهو مشروع ضخم لتمويل وبناء البنية التحتية حول العالم برعاية القائد الصيني، شى جين بينج.
وأظهرت دراسة حديثة، لشركة «آر دبليو آر» الاستشارية ومقرها واشنطن، أن حوالى 14% أو 234 من أصل 1674 مشروع بنية تحتية مشترك، أعلنت عنها الصين فى 66 دولة، تقع ضمن نطاق «مبادرة الحزام والطريق» تعرضت لمشكلات من 2013 وحتى الآن.
وتنبع معظم المشكلات ومنها المعارضة الشعبية للمشروعات، والاعتراض على السياسات العمالية، وتأخر الأداء، والمخاوف حول الأمن القومى، من الإدارة الضعيفة.
ووفقا لنائب مدير معهد «ميركاتور» للدراسات الصينية، ميكو هوتاري، وهو مركز دراسات فى برلين، فإن نقص الحوكمة هو السبب قائلا: «هناك إغفال نسبى للأوضاع والمخاطر المحلية وعدم شفافية بشكل عام».
ويقول المحللون إن اتفاقات مشروعات البنية التحتية الممولة من الصين يصاحبها عادة تبادل للمدح السياسي، مما يجعل من الصعب على الدولة المستقبلة أن تعترض إذا أظهرت دراسات الجدوى مشكلات فيما بعد فى المشروع.
وفى حالة ماليزيا، أغدق «شي» بالمديح على كوالا لامبور فى 2016، واصفا العلاقات بين الدولتين بأنها متقاربة قرب «الشفاة من الأسنان»، فى حين وصف نجيب رزاق، رئيس الوزراء الماليزى حينها، الصين بـ«صديق حقيقى وشريك استراتيجي».
وتم القبض على نجيب الشهر الحالى واتهامه بقضية فساد. ويقف مصير المشروعات الماليزية المعلقة، بما فى ذلك وصلة سكة حديد على الساحل الشرقى بقيمة 14 مليار دولار، فى مفترق طرق، فى حين تتم مراجعة جميع المشروعات الصينية و«الاتفاقات غير العادلة».
ويعد بنك الصادرات والواردات الصيني، وتوأمه بنك التنمية الصيني، أكثر القوى العالمية نفوذا فى تمويلات التنمية، ويقدمان قروضا دولية أكثر من بنوك التنمية متعددة الأطراف الغربية الستة، مجتمعة.
ومع ذلك، فإن نهجها تجاه البنية التحتية لا يتميز كثيرا عن صندوق برهاد الماليزي.
وترفض المؤسستان، المناقصات المفتوحة التنافسية لكل المقاولين، وهو ما يعنى دائما أن العقود المربحة يتم منحها لمجموعة محددة من الشركات الحكومية الصينية التى ليس لديها دافع قوى لأخذ المخاطر المحلية لمشروعاتها فى الاعتبار.
وتقول يو جي، رئيس مركز أبحاث «إل سى إى ايدياز»، إن فرق الإدارة العليا يتم تعيينها من قبل الحزب الشيوعي، وقد تكون هذه الفرق لديها خبرة صناعية ولكن ليست لديها مهارات إدارة معقدة أو معرفة كافية بالدول المستقبلة للمشروعات.
وهذا يعنى أن المشروعات التى تمولها الصين، عادة ما تمضى قدما رغم المعارضة المحلية القوية. ويعد أوضح الأمثلة على ذلك سد اتوانجو فى كولومبيا بقيمة 4 مليارات دولار، والذى يموله جزئيا صندوق صينى مشترك لمنطقة أمريكا اللاتينية والكاريبي.
ورغم أن منطقة السد تعرف بالميل إلى الانهيارات الأرضية وهو ما ذكر فى تقرير التأثير البيئى للسد، فقد تم تجاهل تحذيرات النشطاء المحليين منذ عام 2010، وأدت الأمطار الغزيرة العام الحالى إلى انهيار أرضى اجبر على إخلاء 26 ألف شخص، وتستعد السلطات لأسوا السيناريوهات وهو انهيار السد بسبب الضغوط.
وفى العديد من البلدان التى تظهر فيها التناقضات بشأن البنية التحتية الممولة من الصين، يجد المسئولون والمدراء الصينيون أنفسهم غير مستعدين للنزاعات فى مجتمع مختلف تماما عن سوقهم الاستبدادى فى الموطن.
ويقول البعض إن بكين حريصة على تعلم الدروس من الأخطاء السابقة، حتى وإن أخذ ذلك وقتا.
وتقول يو، إن بعض شركات مبادرة الطريق والحزام أصبحت تدرك ان الضرر الذى تسببت فيه ينبع من شعورها بالمركزية الصينية.
إعداد: رحمة عبدالعزيز
المصدر: صحيفة «فاينانشال تايمز»