رئيس معهد «إيلاب» لاستطلاعات الرأى: ماكرون سيحاول تصحيح صورته
أعطى فوز فرنسا بكأس العالم، البلاد دفعة معنوية كانت بحاجة ماسة إليها، بعد عقد من الرخاء الذى طغت عليه الهجمات الإرهابية والاقتصاد الباهت.
وذكرت وكالة أنباء «بلومبرج»، أن الانتصار كان بمثابة اللحظة المناسبة التى جعلت البلاد متحدة بعد مرورها بأحداث مأساوية فى الماضى، لكن لا يتوقع خبراء الاقتصاد أن تترجم هذه اللحظات إلى شىء يمكن أن يفيد الاقتصاد كثيراً.
وقالت مديرة أبحاث فى قسم الرياضة فى جامعة «ليموجز»، ناتالى هيناف، إن الانتصار سيؤثر بوضوح على التماسك الاجتماعى فى فرنسا ويخلق شعوراً بالمجتمع الوطنى.
وأضافت هيناف، أن الفرنسيين سيستهلكون بشكل مختلف، ويقضون مزيداً من الوقت فى الهواء الطلق للاحتفال، ويغيرون السلوك لبعض الوقت، لذلك سنشهد تحولاً فى عملية الاستهلاك، وبالنسبة للاقتصاد ستكون الآثار هامشية.
وطوال ليلة الفوز بالكأس، هتف أنصار الرئيس ايمانويل ماكرون، الذين كانوا يشعرون بسعادة غامرة وهم يلوحون بأعلام البلاد، ذات الألوان الثلاثة الأزرق والأبيض والاحمر، ويحتفلون بها فى الشوارع بعد أن توج الفريق الوطنى بطلا للعالم فى كرة القدم.
وفى شارع الشانزليزيه، بالعاصمة باريس، استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق مجموعة من الشبان الذين قاموا بتخريب بعض المبانى الشهيرة.
وردد المحتفلون، النشيد الوطنى فى مترو الأنفاق وعلى ضفة نهر الرون، وفى المقاهى وأماكن أخرى.
كما رددوا أغنية: «أنا سأبقى على قيد الحياة» التى كانت أيضاً ضمن احتفالات فرنسا عام 1998 عندما فازت للمرة الأولى باللقب فى أكثر الرياضات شعبية فى العالم.
واحتفل الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، على المنصة بجوار نظيره الروسى فلاديمير بوتين، وقام باحتضان المدير الفنى الفرنسى ديدييه ديشان، وقبّل الكأس الذهبى قبل أن يرفعه اللاعبون وهم يرددون «نحن الأبطال».
وبالنسبة للفريق الوطني، فإنه سيعود إلى بلاده مصطحباً الكأس الذهبية البالغ وزنها 6 كيلو جرامات.. ومن المتوقع أن يستقبله الملايين من الناس.
وفازت فرنسا على كرواتيا، أمس الأول الأحد، بـ 4 أهداف مقابل هدفين فى المباراة النهائية فى استاد لوزنيكى بالعاصمة موسكو، وفى الفترة التى تسبق النهائيات، تغلب المنتخب الفرنسى على فرق بعض الدول من بينها الأرجنتين وأوروجواى وبلجيكا.
وقال بيرنارد سانانيس، رئيس معهد «إيلاب» لاستطلاعات الرأى: «فى الماضى لم يجتمع الشعب الفرنسى إلا بعد أحداث مأساوية ومنها الهجمات الإرهابية، لكن هذه المرة اجتمعوا فى لحظة سعيدة.. لحظة إيجابية كانوا يتوقون إليها».
وبالنسبة لجميع الاحتفالات، فلن يكون تأثير الانتصار على ثانى أكبر اقتصاد فى منطقة اليورو محسوسًا.
وقال لودوفيك سوبران، المحلل لدى شركة «يولير هيرميس»، إن الفوز قد يضيف 0.1 نقطة مئوية إلى الناتج المحلى الإجمالى لفرنسا.. وقد يتوسع الاقتصاد بنسبة 1.9% بدلاً من 1.8% وفقاً للتوقعات الاقتصادية فى باريس، وسيحسن الاستهلاك بنسبة 0.2 نقطة إلى 1.3%.
وذكرت الوكالة الأمريكية، أن وزير المالية برونو لو مير، كان أكثر ثقة قبل المبارة، وأعلن أن الفوز بكأس العالم يمنح الفرنسيين الثقة.
وكان فوز فرنسا بكأس العالم عام 1998 قد أعطى دفعة صغيرة لثقة المستهلكين دون أى تأثير ملحوظ على الناتج المحلى الإجمالى.
وتوقع البنك المركزى الفرنسى أن يكون النمو الاقتصادى الفرنسى العام الحالى، أقل من توقعات الحكومة بنسبة 2%، ومن المتوقع أن يتباطأ فى السنوات التالية بعد توسعه بنسبة 2% فى عام 2017 وهو أعلى مستوى منذ 6 سنوات.
وبالنسبة لماكرون، فإن الفوز هو الخبر السار، وسيخدم نظرية «فرنسا تعود» التى روج لها فى الداخل وفى الخارج.
يأتى ذلك فى الوقت الذى لا يتمتع فيه ماكرون، بنفس المستوى من الدعم من شعبه بعد 14 شهراً من توليه السلطة، إذ يسعى إلى إدخال إصلاحات على كل شىء بداية من سوق العمل وقانون التقاعد والصحة والبطالة.
وقالت صحيفة «ليه ايكو» الفرنسية فى مقالها الافتتاحى فى 12 يوليو الحالى، إن الرئيس الفرنسى فى وضع هش، وهبطت شعبيته بمتوسط 33% بانخفاض 13 نقطة مئوية منذ بداية العام الحالى.
وأكد بيرنارد سانانيس، أن ماكرون، سيحاول جاهداً إظهار أنه لا يسعى لاستخدام النصر لأهدافه السياسية الخاصة، وسيحاول تصحيح صورته فى الوقت الحالى فى محاولة لإظهار التواضع بعد أن وصفه بأنه «متكبر ومنفصل عن مشاكل شعبه».