«فاينانشيال تايمز»: حملة التطهير تلقى بظلالها على مناخ الأعمال.. والمستثمرون يسعون لتحويل الأموال إلى الخارج
قالت صحيفة «فاينانشيال تايمز»، إن الأثرياء السعوديين يقلصون خطط الاستثمار فى المملكة، حيث أن التوتر الناجم عن حملة التطهير لمحاربة الفساد يفاقم مناخ الأعمال الهش.
وأوضح مصرفيون، أن الشركات الخاصة لجأت إلى عدم المخاطرة بأموالهم فى حين يبحث البعض عن طرق لتحويل الأموال إلى الخارج.
وأضاف المصرفيون، أن بعض الأثرياء فى السعودية يخشون من تحويل الأموال حيث تتم مراقبتها لمنعهم من نقل الأصول خارج المملكة.
وقال أحد رجال الأعمال الذى رفض الكشف عن هويته لصحيفة «فاينانشيال تايمز»، إنه تم استجوابه من قبل مسئول حكومى فى البنك عن تحويله مبلغ 30 ألف دولار لأحد أقاربه.
وذكرت الصحيفة البريطانية، أن القلق وعدم وجود شهية للاستثمار فى المملكة يهدد بتقويض جهود ولى العهد الأمير محمد بن سلمان، لإصلاح الاقتصاد وخلق 1.2 مليون وظيفة فى القطاع الخاص للسعوديين بحلول عام 2020.
وبلغ معدل البطالة فى السعودية 12.9% فى الربع الأول من العام الجارى وهو أعلى معدل مستوى على الإطلاق.
وقال مصرفيون، إن مجموعة من العوامل تغذى المزاج السيئ فى المملكة والذى يتراوح بين زيادة تكاليف توظيف الأجانب الذين يمثلون أكثر من 80% من القوى العاملة فى القطاع الخاص إلى المخاوف التى قد يثيرها الأمير محمد، فى شن حملة قمع كاسحة أخرى لمكافحة الفساد.
يأتى ذلك بعد أن تم اعتقال أكثر من 300 رجل أعمال وأمراء ومسئولين حكوميين سابقين فى حملة تطهير الكسب غير المشروع فى نوفمبر الماضى وتم احتجازهم بفندق «ريتز كارلتون» فى العاصمة الرياض.
وأوضح مصرفيون، أن عائلات أفراد العائلة المالكة ورجال الأعمال الذين لايزالون قيد التحقيق ينبغى عليهم أن يتقدموا بطلبات للحصول على رواتب من الحسابات المصرفية المجمدة والبعض الآخر ممنوع من صرف الريال مقابل العملات الأخرى، مما يضمن بقاء ثروتهم داخل الحدود السعودية.
وقال مصرفى آخر، إن بعض الأسر السعودية تبحث عن طرق سرية للحصول على الأموال بما فى ذلك الاستثمار فى مقترحات الأعمال فى البلدان الصديقة مثل مصر، بالإضافة إلى القلق الناجم عن حملة الفساد تتصارع الشركات السعودية مع ارتفاع التكاليف وفترة النمو الراكد بسبب فترة طويلة من انخفاض أسعار البترول.
وانزلق أكبر اقتصاد فى العالم العربى فى الركود العام الماضى قبل أن يعود إلى النمو بنسبة 1.2% فى الربع الأول من العام الجارى، ويشعر المسئولون الحكوميون بالتفاؤل من أن العودة إلى النمو إلى جانب إدراج سوق الأوراق المالية مؤخراً فى مؤشر «إم إس سى آى» للأسواق الناشئة سيساعد فى تعزيز مناخ الأعمال.
وقال محمد الجدعان، وزير المالية الشهر الماضى، إن المشاركة المتوقعة لعدد أكبر من المستثمرين الدوليين ستساهم بشكل كبير فى نمو السوق وتطوره.
وخلال الأشهر الثمانية عشر الماضية قامت الرياض بزيادة أسعار الطاقة والوقود عن طريق خفض الدعم لتقليص الاستهلاك ومعالجة العجز الكبير فى الموازنة الحكومية.
وزادت المملكة الرسوم المفروضة على العمالة الوافدة والأجانب وهو ما دفعهم للمغادرة بأعداد قياسية ليقارب عدد المغادرين 700 ألف منذ بداية عام 2017.
وكشفت البيانات عن تراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة من 7.45 مليار دولار فى عام 2016 إلى 1.42 مليار دولار العام الماضى.
وقال باسم السلوم، نائب محافظ الهيئة العامة للاستثمار فى المملكة العربية السعودية، إن هناك المزيد من الشركات التى تقدم طلبات للحصول على تراخيص للاستثمار فى المملكة العام الجارى مقارنة بالعام الماضى.
وأضاف: “توجد الكثير من الفرص فى المملكة خاصة للمستثمرين الأجانب المهتمين باستكشاف السوق السعودية بعد التغييرات الجديدة والتشريعات التى حدثت لتمكين الشركات”.
وقال أحد رجال الأعمال الذى رفض الكشف عن هويته، إننا نجد الآن صعوبة أكبر فى جمع الأموال لأى صفقة استثمارية لأن الناس يشعرون بالشك ويريدون فقط التأكد من أنهم يتخذون القرار الصائب.
وأضاف أنه بالمقارنة مع عقد مضى يحتاج الأمر إلى 5 أضعاف الجهد المبذول من أجل إقناع الأسر بضخ أموالهم فى أى صفقة سواء كانت محلية أو دولية.
وقال مصرفى سعودى إن الشعور القاتم يؤثر على سوق العقارات حيث تتطلع عائلات ثرية لبيع القصور.
وأضاف: “أتلقى اتصالاً أسبوعياً من أشخاص يتوسطون فى بيع هذه القصور قائلين هل تعرف أى شخص يرغب فى شراء قصر؟».
وأكدّ على أن استمرار مثل هذا الجو يجعل الناس متوترين، ولكن الأمر سيستغرق بعض الوقت كى يتحسن الشعور ويجب أن يحدث أحد أمرين إما أن تترسخ هذه الإصلاحات وأن تسير الأمور على ما يرام أو أن يرتفع سعر البترول مرة أخرى.