آسيا تواجه «فوبيا الاستثمار العقارى» بالتحالفات الإقليمية
42 صفقة تجارية فقط فى 2017 للصنادق الشرق أوسطية
42 صفقة للصناديق العام الماضى انخفاضاً من 77
رغم تراجع معدل تراكم الأصول، يواجه المستثمرون السياديون بيئة صعبة للغاية أثرت سلباً على شهية عقد الصفقات؛ حيث إنَّ النزعة الحمائية المتزايدة تهدد بالحد من الاستثمار الداخلى وتقويض التجارة، ما يوحى بأن نشاط السوق الخاص ربما وصل إلى مرحلة من الجمود.
ويأتى هذا التراجع على عكس أداء السنوات الأخيرة؛ حيث زادت صناديق الثروة السيادية من الاستثمار فى الأصول واقتناص ناطحات السحاب الشهيرة فى لندن ومانهاتن، والفنادق الفاخرة وعقود الاستغلال متعددة السنوات للموانئ الأسترالية.
وكان الهدف هو الاستفادة من زيادة السيولة لدى المستثمرين القادرين على ضخ رأس المال فى استثمارات طويلة الأجل بدلاً من السندات الحكومية ذات العائد المنخفض.
وكشفت نتائج دراسة لبرناردو بورتولوتى، مدير مركز أبحاث الاستثمار السيادى فى جامعة «بوتشونى» والذى شارك فى إعداد تقرير «أداء صندوق الثروة السيادية للاستثمار فى العقارات والبنية التحتية عام 2017»، عن تراجع هذا الزخم؛ حيث يرى مرحلة الذروة لعقد الصفقات الخاصة قد انتهت.
وقال إن ذلك يعود جزئياً إلى أن بعض صناديق الشرق الأوسط قد أعادت موازنة محافظ استثمارها نحو المزيد من الأصول السائلة، مثل الأسهم لتوفير سيولة لعمليات السحب من الحكومات التى تعانى ضائقة مالية والتى تحتاج إلى سد عجز الميزانية العامة.
وأوضح تقرير لصحيفة «ساويث تشينا مورنينيج بوست»، أنَّ هناك سبباً آخر عزز هذا التباطؤ فى الاستثمار العقارى من جانب الصناديق الشرق أوسطية، وهو أن الولايات المتحدة تخوض نزاعاً مريراً على نحو متزايد مع شركائها التجاريين الرئيسيين، ما قد يهدد بخفض التجارة والنمو الاقتصادى العالميين.
وحذر «بورتولوتى» من أن انخفاض الصادرات سينعكس سلباً على معدلات نمو صناديق الثروة السيادية ونشاطها الذى سيتباطأ، أيضاً، رغم مخزون النقد البالغ 6 تريليونات دولار حالياً؛ نظراً إلى المخاوف المتعلقة بتراجع معدل تراكم الأصول.
واعتبر الخبير الإيطالى، أنَّ الاستثمار العقارى يمر بنقطة تحول ما لم يتمكن شركاء أمريكا التجاريون من خلق منطقة تجارة حرة إقليمية لتحل محل التدفقات العابرة للقارات.
أضاف أن التراجع الذى أصاب استثمارات صناديق الخليج فى العقارات والبنية التحتية سيظهر فى آسيا أيضاً.
وفى تقرير صدر، مؤخراً، توقع صندوق «جى آى سى» السيادى فى سنغافورة انخفاض العائدات طويلة الأجل فى مناخ استثمارى مرتبك، وهو صندوق معروف باهتمامه الكبير بالاستثمار فى الأصول الحقيقية خاصة العقارات. ويعتبر هذا التوقع متماشياً مع رؤية نظيره صندوق «تيماسك» فى سنغافورة، أيضاً، الذى يسعى إلى تخفيف وتيرة استثماراته مع تصاعد التوترات التجارية.
ويرى تقرير الصحيفة الصينية، أنه رغم تحسن الأداء الاقتصادى الأمريكى، فإنَّ المعارك التجارية المشتعلة بين واشنطن وبكين خلقت حالة من عدم اليقين تجعل من الصعب دخول استثمارات صينية جديدة بالسوق العقارى والبنية التحتية الأمريكية فى وقت يجرى فيه التعامل مع أى صفقة صينية بشكل عدائى من قبل السلطات التنظيمية بالولايات المتحدة.
ووفقاً لتقرير النشاط الاستثمارى لصناديق الثروة السيادية الذى تم إعداده بالتعاون مع المنتدى الدولى لصناديق الثروة السيادية، فقد انخفض عدد الصفقات العقارية إلى 42 فى 2017 من 77 صفقة خلال 2016.
كما انخفضت استثمارات البنية التحتية إلى 28 مليار دولار بدلاً من 33 ملياراً فى الفترة نفسها، وانخفضت قيمة الاستثمار من 25 مليار دولار إلى 23.2 مليار دولار.
وتمثل بيئة السوق الحالية تحدياً آخر لصناديق الثروة السيادية الخليجية التى باتت تجد صعوبة أكبر فى العثور على عقارات مناسبة بالقطاع التجارى والمكاتب، وهى الأهداف المفضلة لها تقليدياً مع دخول مستثمرين منافسين للسوق، ما يؤدى إلى ارتفاع الأسعار.
وقالت فيكتوريا بربرى، مديرة الاستراتيجية والاتصالات فى المنتدى الدولى لصناديق الثروة السيادية، إنَّ هناك منافسة أكثر من شركات التأمين الصينية والمؤسسات الآسيوية الكبرى التى تبحث فى العقارات المميزة بلندن ونيويورك.
وقال «بورتولوتى»، إنَّ تزايد الحمائية من المرجح، أيضاً، أن يعيق الاستثمار الأجنبى المباشر فى القطاعات الاستراتيجية. وتريد الولايات المتحدة تعزيز سلطات جهات مراقبة الاستثمار الأجنبى بزعم مراجعة الصفقات المرتبطة بمخاطر الأمن القومى.
ونتيجة ذلك، تتحول صناديق الثروة السيادية الشرق أوسطية إلى آسيا وأمريكا اللاتينية وغالباً ما تستثمر من خلال صفقات مشتركة مع الكيانات الحكومية للتخفيف من المخاطر.
وفى عام 2017، أكملت هذه الصناديق 17 استثماراً مباشراً فى البنية التحتية للأسواق الناشئة بقيمة 3.8 مليار دولار، مقابل 11 صفقة فى الأسواق المتقدمة، بقيمة 4.2 مليار دولار.
وبات العمل مع شريك محلى والذى قد يكون صندوقاً سيادياً أو صندوقاً استراتيجياً أكثر جاذبية فى ظل توتر حركة رؤوس الاموال عالمياً.
فى بداية الحرب التجارية، قال الخبراء، إنَّ فرض التعريفات الحمائية يعنى تباطؤ الاقتصاد العالمى وعندما يتراجع النمو، فالجميع سيخسر لكن الإصابات المباشرة التى أضرت بالاستثمار فى القطاع العقارى وعلى نطاق عالمى كانت غائبة عن أذهان من يجلسون فى قمرة قيادة التجارة العالمية.