%90 تراجعاً باستثمارات الأجانب النصف الأول من2017
من الصعب على السوق العقارى معاينة الحرب التجارية المتصاعدة بين الصين والولايات المتحدة دون أضرار، وقد أدرج كلا البلدين آلاف السلع التى تقدر قيمتها بمليارات الدولارات تحت قائمة التعريفات الجمركية الحمائية، ومن بينها الصلب الذى حصل على %25 من الرسوم الجمركية.
وتأتى %6 من واردات الصلب الأمريكية من الصين لخدمة بناء المنازل العائلية الفردية العادية والتى يشكل الفولاذ %1 من تكاليفها. وعلى الرغم من ذلك، فإنَّ المبانى المرتفعة الجديدة والشقق والمبانى السكنية تستهلك كميات أكبر بكثير من الفولاذ.
ووفقاً لإحصائيات شركة «ستاتيستا»، فإنَّ %40 من الطلب على الصلب جاءت من البناء خلال عام 2017، وهذا يشمل الاستخدام التجارى والسكنى، ويعنى ارتفاع تكاليف الصلب زيادة فى قيمة الإيجار وأسعار البيع للشقق.
وسبق وفرض الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ضريبة %20 على واردات الخشب الكندى؛ حيث تمثل كندا مصدراً لثلث الأخشاب فى الولايات المتحدة. ومنذ ذلك الحين، ارتفعت أسعار الخشب بنسبة %15 وهذا بدوره أدى إلى زيادة قدرها من 6 إلى 10 آلاف دولار فى متوسط قيمة وحدات الإسكان.
ويمكن لأى حرب تجارية رفع أسعار الفائدة لأن الحروب التجارية تدفع التضخم، وعادة تصبح السلع الاستهلاكية أكثر تكلفة عندما ترتفع الأجور وينمو الطلب، وعندما يتم فرض التعريفات الجمركية على السلع المستوردة ترتفع الأسعار بشكل مصطنع، ما يعطى الدولار قوة شرائية أقل، وقد يتسبب هذا فى قيام البنك الفيدرالى برفع أسعار الفائدة من أجل مكافحة التضخم.
لكن الصين تتمتع بتأثير خاص على معدلات التضخم فى الولايات المتحدة؛ لأنها أكبر دائن أجنبى للولايات المتحدة، وتمتلك %19 من جميع سندات الخزينة بحوالى 1.17 تريليون دولار.
ومع زيادة الميزانية الفيدرالية تحتاج حكومة الولايات المتحدة إلى بيع أعداد متزايدة من السندات من أجل تمويل العمليات الحكومية.
وحسب تقرير وكالة «بلومبرج»، فإنَّ الصين تدرس شراء سندات خزينة أقل رداً على التعريفات الأمريكية، ما قد يضطر بنك الاحتياطى الفيدرالى إلى رفع أسعار الفائدة من أجل جعل السندات أكثر جاذبية للمشترين.
ومع سيناريو رفع معدلات أسعار الفائدة، من المتوقع زيادة معدلات الفائدة على الرهن العقارى، ما يجعل من الصعب على المشترين دفع ثمن المنازل، وقد يكون هذا خبراً سيئاً جداً لدولة تعرضت للركود مؤخراً.
وصلت الأسعار عبر أمريكا إلى مستوياتها الأعلى فى فترة ما قبل عام 2008، لكن البنوك والمقترضين، على حد سواء، حذرون من الرهون العقارية العالية على المنازل مرتفعة الثمن، فإذا كانت معدلات الرهن العقارى فى ازدياد فستنخفض مبيعات المنازل بشكل ملحوظ.
وأخيراً، يمكن أن تكون حرب الرسوم الجمركية رادعاً للمستثمرين الدوليين؛ حيث انخفض الاستثمار الأجنبى المباشر فى القطاع العقارى بنسبة %90 خلال النصف الأول من عام 2017. وقد لعب المستثمرون الصينيون دوراً كبيراً فى هذا، حيث باعوا أصولاً أمريكية بقيمة 9.6 مليار دولار.
وبشكل عام يمكن أن يكون للحرب التجارية آثار بعيدة المدى وضارة على سوق العقارات فى الولايات المتحدة، فإذا استمرت التوترات فى التصاعد، فإنَّ سوق العقارات سيشهد فعلياً بعض الأوقات الصعبة.