أسهم السيارات ترتفع.. والشركات تسعى للحصول على تفاصيل الصفقة
بعد عدة أشهر من الجمود المستمر فى اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (نافتا)، استطاعت الولايات المتحدة والمكسيك، أخيراً، التوصل إلى اتفاق لإصلاحها، وهو ما وضع حداً للجمود الحاد فى العلاقات بين الدول منذ أن أصبح دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة.
وأشارت هذه الصفقة الثنائية، التى يرغب ترامب فى تغيير اسمها لـ«الاتفاق التجارى بين الولايات المتحدة والمكسيك»، وأعلن عنها الرئيس الأمريكى، يوم الاثنين الماضى، إلى استعداد الولايات المتحدة لتخفيف التوتر بينها وبين حلفائها التقليديين بعد تزايد التوترات التجارية مع الصين.
وقالت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، إنَّ الولايات المتحدة والمكسيك، كثفتا المفاوضات التى تعقد الشهر الحالى بشأن مجموعة من القضايا الثنائية، بدءاً من السيارات والزراعة، وصولاً إلى الطاقة، والتى كانت مصدر التوترات التجارية بين الدولتين لعدة أعوام.
وقالت الصحيفة، إنه تم حل مشكلة شائكة واحدة تتعلق بإصرار الولايات المتحدة على جعل عُمر الاتفاقية 5 أعوام، واتفق ممثلو الدولتين على مدها لـ16 عاماً، ولكن مع السماح للأطراف بإعادة النظر فيها كل ستة أعوام، ومع ذلك، لا يزال هناك قضية أخرى معلقة، إذ لم تعرض الولايات المتحدة أى التزام بإسقاط التعريفات الجمركية الأمريكية على واردات الألومنيوم والصلب من المكسيك وكندا.
وفى حملته الرئاسية عام 2016، وعد ترامب بإعادة التفاوض أو الانسحاب من اتفاقية نافتا، وهى اتفاقية أبرمت فى عهد الرئيس اﻷمريكى السابق بيل كلينتون فى عام 1994 والتى بدورها خفضت الرسوم الجمركية وسلاسل التوريد المتكاملة، كما أنها عززت الروابط الاقتصادية فى جميع أنحاء أمريكا الشمالية.
وألقى ترامب، اللوم على الاتفاقية فى التسبب فى فقدان الوظائف، مع تحول الإنتاج إلى جنوب الحدود الأمريكية، رغم اعتماد قطاع عريض من الشركات الأمريكية والمستهلكين على الاتفاقية.
ومع ذلك، تظل العلاقات التجارية الدولية محفوفة بمخاطر شديدة للغاية، مع استعداد الولايات المتحدة لفرض تعريفة إضافية بقيمة 200 مليار دولار على المنتجات الصينية فى وقت مبكر من سبتمبر المقبل، بعد انتهاء الجولة الأخيرة من المفاوضات بين بكين وواشنطن دون تحقيق كثير من التقدم.
وقالت الصحيفة، إن بعض شروط الصفقة المنعقدة مع المكسيك، بما فى ذلك القواعد الجديدة لصادرات السيارات إلى الولايات المتحدة، وضعت بشكل مباشر للحد من تدفق قطع غيار السيارات الصينية إلى السوق المكسيكية.
وقالت وكالة أنباء بلومبرج، إنَّ الأسواق المالية انتعشت بعد الصفقة، وارتفعت العقود الآجلة فى الولايات المتحدة والأسهم الأوروبية بجانب تقدم الأسهم الآسيوية، إذ استوعب المستثمرون التطورات المتضاربة فى التجارة العالمية.
وتحرك مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بالقرب من أعلى مستوى قياسى له، فى حين كانت شركات صناعة السيارات والمناجم أكبر الفائزين فى مؤشر «ستوكس 600» اﻷوروبى، وذلك بعد أن اقتربت الولايات المتحدة والمكسيك من اتفاقيتهما حول التجارة.
ويساعد التفاؤل حول صفقة نافتا الجديدة، على تحويل معنويات الأسواق فى أعقاب الأزمات القانونية التى أثارها ترامب الأسبوع الماضى، فى حين عززت توقعات «الاحتياطى الفيدرالى»، أيضاً المعنويات. ومع ذلك، لا تزال مكاسب الأصول الخطرة هشة، فى ظل استمرار الآمال فى حدوث اتفاق تجارى مماثل بين الولايات المتحدة والصين، والعلاقات المهددة بين أمريكا وروسيا وكوريا الشمالية، وصولاً إلى آفاق النمو الصينى.
وأشارت الوكالة اﻷمريكية إلى بعض التحركات الرئيسة فى أسواق المال، إذ ارتفع مؤشر «ستوكس 600» اﻷوروبى- وقت إعداد التقرير- بنسبة 0.1% فى تمام الساعة 7.29 صباحاً بتوقيت نيويورك، وهو أعلى معدل له فى ثلاثة أسابيع، كما ارتفعت العقود الآجلة على مؤشر “ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.1% وهو أعلى مستوى قياسى لها.
وتسعى شركات صناعة السيارات العالمية جاهدةً لتأكيد التفاصيل الدقيقة الخاصة بالاتفاقية التجارية الجديدة، حتى مع ارتفاع أسهم السيارات بحدة على خلفية اﻷخبار التى تفيد بتحقيق تقدم نحو اتفاقية استبدال نافتا.
وأوضحت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، أنَّ الصفقة التى وصفها مكتب الممثل التجارى للولايات المتحدة بأنها اتفاق مبدئى، ستفرض قواعد أكثر صرامة على صادرات السيارات المكسيكية إلى الولايات المتحدة، بما فى ذلك المطالبات بتصنيع 75% من مكون السيارات فى البلدين، رغم مساعى إدارة ترامب فى البداية إلى تعزيز هذه النسبة إلى 85%. وسيتطلب الميثاق، أيضاً، تصنيع العمال الذين يكسبون ما لا يقل عن 16 دولاراً فى الساعة ما يتراوح بين 40% و45% من المكون، وهو إجراء يهدف إلى تثبيط الشركات المصنعة عن الانتقال إلى المكسيك منخفضة الأجور.
ولكنَّ العديد من الجوانب الرئيسية للنظام الجديد ظلت غير مؤكدة، تاركة جماعات التأييد فى صناعة السيارات تحاول سد الثغرات فى الصفقة المنشورة، ودفعت المحللين إلى التحذير من أن الآثار المالية للاتفاقية يصعب التنبؤ بها.
واستمعت الشركات إلى تقارير غير مكتملة ومتضاربة حول ما قد يكون فى النسخة الدقيقة من الاتفاقية، التى تواجه نفسها مستقبلاً غير واضح، نظراً إلى انضمام كندا، مؤخراً، لمناقشات تجديد اتفاق نافتا، وبالتالى ربما تواجه الصفقة رياحاً سياسية معاكسة فى الولايات المتحدة أو المكسيك. وتعتقد بعض المصادر فى صناعة السيارات، أنَّ شركات السيارات تستطيع تجنب الرسوم الجمركية إذا امتثلت لقواعد الميثاق الجديد، ولكن ربما تواجه المصانع الموجودة التى لا تلتزم بها تعريفة بنسبة 2.5% فقط، وبالتالى فإنَّ الإنتاج الذى يواجه التعريفة الجمركية بنسبة 2.5% قد يصل الحد اﻷقصى له إلى 1.2 مليون مركبة، مقارنة بإجمالى 2.3 مليون مركبة تم تصديرها من المكسيك إلى الولايات المتحدة فى العام الماضى.
وتعتقد المصادر الخاصة بشركات السيارات، أنَّ المصانع الجديدة قد تواجه تعريفات تتراوح بين 20% و25%، إذا لم تلتزم بالقواعد الجديدة للمحتوى والعمل.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن أسهم صانع السيارات اﻷمريكى «فورد» أغلقت مرتفعة بأكثر من 3% يوم الاثنين الماضى، فى حين أغلقت أسهم شركتى «جنرال موتورز» و«فيات كرايسلر» بصعود نسبته 5% تقريباً.
وقال ديفيد ويستون، المحلل لدى شركة «مورنينج ستار»، إنَّ الاتفاقية يمكن أن تتغذى على اﻷسعار الأعلى وتهز سلاسل الإمداد، مضيفاً: «السؤال المتعلق بقاعدة المكون الأعلى يكمن فى أى مكون سينتهى به اﻷمر بالانتقال إلى أمريكا؟ ليكن أول ما يتبادر إلى الذهن هو مكونات الإلكترونيات الآسيوية، وربما نرى افتتاح بعض هذه الشركات مصانع فى الولايات المتحدة».