نقص السيولة وارتفاع التكلفة يؤخران تسليم المشروعات.. وشكاوى العملاء تودى برئيس الشركة إلى السجن
مخاوف من تأثير زيادات الأسعار على الشركات التى سوقت مشروعاتها قبل «التعويم»
«بدرالدين»: شركات المشروع الواحد تخسر.. وكبار المطورين يوزعون التكلفة على استثماراتهم المختلفة
«أنيس»: يجب وضع معادلة لإعادة التسعير بإشراف حكومى.. وسجن المطورين لن يحل الأزمة
مثلما كان الصعود سريعاً والظهور واضحاً، كان السقوط مدوياً والاختفاء مرعباً.. هذه حال شركة أبراج مصر للتطوير العقارى.
مئات الشكاوى من عملاء الشركة؛ بسبب تأخر تسليمهم الوحدات التى اشتروها، وصفحات ومجموعات على مواقع التواصل الاجتماعى مليئة بالشكاوى والانتقادات لإدارة الشركة ودعاوى قضائية، حصل مقيموها على أحكام بحبس رئيس الشركة المهندس على ربيع الذى قُبض عليه، أمس؛ بسبب أحكام قضائية لصالح عملاء الشركة المتضررين من تأخر مواعيد تسليم وحداتهم. وقبل تعثر «أبراج مصر» كانت تطور عدداً من المشروعات فى القاهرة والساحل الشمالى وشكا عملاؤها منذ فترة تأخر تسليم وحداتهم، وتراجع معدلات الإنشاءات فى مواقع المشروعات، رغم الانتظام فى سداد الأقساط.
وقال متخصصون فى التسويق والتطوير العقارى، إنَّ الشركات التى سوقت وحدات مشروعاتها قبل تحرير سعر الصرف تواجه أزمة ارتفاع تكلفة الإنشاءات بشكل كبير لا يقارن بالقيمة التى تعاقدت عليها مع العملاء.
وتوقع بعضهم أن تقتصر الأزمة على الشركات التى تطور عدداً محدوداً من المشروعات بعكس الشركات الكبرى القادرة على حساب التكلفة بشكل يحميها من الخسائر بجانب امتلاكها عدداً كبيراً من المشروعات يمكنها من ترحيل فارق التكلفة على مراحل جديدة من كل مشروع. وأعلنت وزارة الداخلية عن ضبط مباحث تنفيذ الأحكام لرئيس شركة «أبراج مصر» بعد صدور 463 حكماً ضده فى قضايا «شيكات ونصب وسرقة تيار كهربى»، بلغت جملة العقوبة فيها 146 سنة حبساً، وكفالات بلغت 210 آلاف جنيه، وإجمالى مديونية 93 مليون جنيه.
ويعد مشروع «فلورنتا» بالهضبة الوسطى فى المقطم أولى الأزمات بين «أبراج مصر» وعملائها؛ نتيجة توقف الأعمال بالمشروع، وتحريك عدد من الدعاوى القضائية على الشركة، وتقديم بلاغات للنائب العام ضدهم، بعد انتهاء المواعيد المقررة لتسليم وحدات المشروع فى ديسمبر 2015.
وفى تصريحات صحفية سابقة للمهندس على ربيع، رئيس مجلس إدارة شركة أبراج مصر، اشتكى ارتفاع التكلفة الاستثمارية للمشروعات التى تطورها الشركة، بعد قرار تحرير سعر الصرف، وما نتج عنه من زيادة كبيرة فى التكلفة، لتصل استثمارات مشروع «فلورنتا» إلى 350 مليون جنيه، و«ذا شور» على مساحة 180 فداناً فى الساحل الشمالى إلى 2.5 مليار جنيه، ومشروع «ذا جيت» بمساحة 37 ألف متر مربع بمدينة نصر بنشاط سكنى وتجارى وإدارى إلى 6 مليارات جنيه.
كما أعلن «ربيع» عن اتفاق «أبراج مصر» مع مستثمر خليجى، وتوقيع عقد شراكة بقيمة 600 مليون جنيه توجه لاستكمال تنفيذ مشروع «ذا جيت».
وقال المهندس ممدوح بدرالدين، رئيس شعبة الاستثمار العقارى فى الاتحاد العام للغرف التجارية، إنَّ الشركات القوية هى القادرة فقط على تحمل تغيرات أسعار الإنشاءات فى مشروعاتها بعكس الشركات التى تمتلك مشروعاً واحداً أو مشروعين سوقتهما قبل التعويم، ولم تكن بدأت فى الإنشاءات.
وقال «بدرالدين»، إنَّ «الشركات الكبرى يمكنها ترحيل التكلفة على المراحل الجديدة فى المشروع أو مشروعات أخرى لم تطور بنسب مرتفعة، وهذه الطريقة الوحيدة لتحمل الصدمات وإلا تفشل الشركة فى الاستمرار».
أضاف أن الشركات تلجأ إلى رفع الأسعار؛ بسبب التخوف من المتغيرات المستمرة فى القطاع، والزيادة غير المتوقعة فى التكلفة، وحتى مع زيادة مهلة السداد إلى 10 و12 عاماً لجذب العملاء، لكنها تمثل مخاطرة فى حالة عدم حساب التكلفة بشكل دقيق، ويجب الحصول على تكلفة الوحدة فى أول 4 سنوات للسداد على الأقل حتى لو انخفضت قيمة الأقساط فى المدة المتبقية.
أضاف »بدرالدين«، أنَّ شعبة الاستثمار العقارى لم تتلق شكاوى من تعثر شركات تطوير عقارى كبيرة حتى الآن ومعظم الشركات لديها آلية لتقدير التكلفة حتى مع زيادة الأسعار.
لكنَّ الدكتور أحمد أنيس، أستاذ الهندسة المدنية بجامعة القاهرة، الرئيس السابق للجمعية المصرية لخبراء التقييم العقارى، قال إن خوف الشركات من طول آجال تقسيط الوحدات دفعها لزيادة الأسعار بشكل كبير؛ تخوفاً من وجود مفاجآت فى سعر الفائدة على المدى البعيد، على حد وصفه.
وقال »أنيس«، إن القفزة المفاجئة فى الأسعار أحدثت حالة من التوتر فى القطاع، ونتج عنها عروض من الشركات بالتقسيط على 10 و12 عاماً دون مقدم، ولكن مع البدء فى الإنشاءات ظهرت أزمة سيولة؛ بسبب الزيادة المستمرة فى تكلفة التنفيذ.
أضاف أن عدداً كبيراً من المطورين لجأوا لتسليم الوحدات نصف تشطيب؛ تخوفاً من تحمل مخاطرة زيادة أسعار خامات التشطيب، والتى تستحوذ على جزء كبير من تكلفة الوحدة، وتتغير باستمرار.
أوضح أن العميل يتعاقد مع الشركة بسعر معين للوحدة، ولا يتحمل مسئولية زيادة الأسعار، فى حين ترى الشركة، أنَّ الوضع اضطرارى وناتج عن إجراء اقتصادى أحدث تغييراً فى سعر العملة بشكل جذرى وغير مسبوق.
الحل لدى »أنيس” يتمثل فى تدخل الدولة ممثلة فى وزارة الإسكان؛ لوضع معادلة لتعويض الشركات عن فارق التكلفة على الأجزاء غير المطورة من المشروعات التى بدأ إنشاؤها بعد زيادة الأسعار مع تخفيض هامش الربح؛ حتى لا يظلم العميل بشكل كبير أو تعثر الشركة عن استكمال المشروع.
وتابع أن شركات المقاولات حصلت على تعويضات عن فارق التكلفة بعد التعويم، ولكن من الناحية القانونية لا يمكن إجبار العميل على تعويض شركة الاستثمار العقارى عن زيادة التكلفة، ولكن سجن أصحاب الشركات وحتى إعدامهم لن ينتج عنه استكمال المشروع أو تعويض العملاء.
وقال مصدر بشركة «سياك للمقاولات» المنفذة لمشروع «ذا جيت» المملوك لشركة أبراج مصر، إن العمل متوقف بالمشروع منذ فترة ولا توجد أى أعمال قيد التنفيذ.
وكانت «أبراج مصر» وقعت عقد شراكة استراتيجى مع شركة سياك للمقاولات بقيمة 1.1 مليار جنيه لتكون المقاول العام لمشروع «ذا جيت».
أضاف المصدر، أن «أبراج مصر» تواجه مشكلة فى توفير التمويلات المالية اللازمة لاستكمال المشروع لذا توقفت «سياك» عن العمل لحين حل الأزمة.