إثيوبيا قصة نجاح دولية فى حماية حق الحصول على مياه نظيفة
114 مليار دولار استثمارات مطلوبة لإنقاذ الحياة على الأرض
بالنسبة للكثيرين، تعد ندرة المياه مشكلة قديمة، لكن بحلول عام 2025 سيعانى فرد من كل اثنين على كوكب الأرض من الإجهاد المائى، رغم أن النسبة حالياً 1 من كل 10.
تشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن 844 مليون شخص يفتقرون إلى مياه الشرب الأساسية، فيما يوجد ملياران يستخدمون مصدر مياه ملوثاً.
ومع الفشل فى ترجمة الاهتمام الدولى إلى ما هو مطلوب بما يعنى تدفق استثمارات مدروسة ومستدامة، اضطرت «الأمم المتحدة» إلى وضع المياه وخدمات الصرف الصحى مسألة حقوق إنسان معلنة ومحددة فى عام 2010.
وترى سامانثا كوزما، المحللة بمعهد الموارد العالمية، أن اعتراف الأمم المتحدة رسمياً بمياه الشرب النظيفة والآمنة وتوافر مرافق الصرف الصحى كحقوق إنسان كجزء من أهداف التنمية المستدامة يعتبر تحدياً طموحاً؛ لتوفير هذا الحق للجميع.
وقدرت دراسة للبنك الدولى لعام 2016، أنَّ التكاليف السنوية لتوفير خدمات المياه والصرف الصحى والنظافة الصحية وفق معايير الأهداف المستدامة قد تصل إلى 114 مليار دولار، أى ثلاثة أضعاف مستويات الاستثمار الحالية.
ولا تزال «الأمم المتحدة» عاجزة تماماً عن الاستمرار فى التصعيد، معلنة من عام 2018 إلى عام 2028 عقداً دولياً للعمل من أجل توفير المياه، وهو أمر لا يمكن أن يؤتى ثماره بحسب تقرير مجلة راكونتشير البريطانية دون تعاون الحكومات والقطاع الخاص، وربما يتطلب الأمر فى بعض الأحيان الشراكات العابرة للحدود.
ويرتبط نجاح مشروع المياه الأممى بالخطوة الأولى، وهى إرساء الإرادة السياسية لإحداث التغيير، فيجب أن يأتى الضغط من الجميع سواء المستثمرين أو المؤسسات المالية والدبلوماسيين والشركات الخاصة والمواطنين، فالجيمع عرضة للتأثر بالأزمة.
وتمثل إثيوبيا تجربة سياسية دولية ناجحة، فبفضل الدعم فى أعقاب مجاعة مدمرة فى الثمانينيات استثمر المجتمع الدولى فى منطقة تيجراى فى شمال البلاد بشكل كبير فى البنية التحتية، وجرى تزويد ما يقرب من 30 ألف شخص بالمياه النظيفة، ووضع نظام رى لمساحة الأراضى المروية فى ألف منطقة فى منتصف التسعينيات، فتحولت أفقر منطقة هناك إلى الاكتفاء ذاتياً من إنتاج الغذاء منذ عام 2007.
كما تحولت رواندا، أيضاً، فى أعقاب الأيام المظلمة للحرب الأهلية الوحشية، لتصبح الآن فى وضع أفضل؛ حيث يتمتع ثلاثة من كل خمسة أشخاص بالحصول على مياه نظيفة. وبينما يمكن لثلثى السكان الوصول إلى مراحيض آدمية كريمة.
وهناك تهديدان للوصول إلى المياه هما فقر البنية التحتية، ونقص الموارد، كما يشرح ريتشارد مونانج، منسق أفريقيا الإقليمى لتغير المناخ مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة. معتبراً أن القضية الرئيسية هى عدم القدرة على تسخير وتوزيع المياه من مصادرها، ومع ارتفاع درجة الحرارة من 2 إلى 4 درجات مئوية، ستخضع المنطقة لخفض فى الجريان السطحى للمياه بنسبة 60% إلى 80% بحلول عام 2100، كما تنخفض معدلات إعادة شحن المياه الجوفية ما بين 30% و70%.
وتحتاج سياسات المياه إلى توفيق الخطط وتنفيذها بالتزامن مع سياسات البيئة وحماية الغابات لضمان مواءمة الموارد المالية والتقنية والتكنولوجية، ما يساعد فى استعادة مواقع تجميع المياه.
وقد يسيطر على تفكير البعض أن الأزمة مرتبطة بالمجتمعات الريفية، لكن اتساع نسبة سكان العالم الذين يعيشون فى المناطق الحضرية لـ68% بحلول عام 2050 يعنى زيادة طلبها على المياه.
وتعتبر الحروب والصراعات المسلحة أحد أهم أسباب صعوبة الوصول للمياه، كما هو الحال فى شرق أوكرانيا فعلى طول الخط الأمامى لجبهة القتال الذى يمتد 500 كلم توجد بنية تحتية مدمرة للمياه وتتعرض للضرر والتلف بشكل منتظم بسبب القصف.
وما يزيد الطين بلة أن أنظمة التدفئة المركزية فى أوكرانيا تحتاج إلى المياه لتشغيلها فى وقت انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر فى الشتاء.