سياسة الاعتماد على الاقتراض قصير الأجل يضر بهدف خفض عجز الموازنة
الأسواق الناشئة والتضخم أجبرا «المركزى» على تعطيل خفض الفائدة 5% العام الحالى
النمو وسد الفجوة التمويلية هدفان يصعب تحقيقهما معاً فى ظل التشدد العالمى
قال بنك الكويت الوطنى، فى تقرير حديث له عن الاقتصاد المصرى، إنَّ تكلفة الاقتراض ارتفعت بصورة كبيرة على الحكومة، الأمر الذى دفعها لإلغاء عدد من العطاءات للسندات طويلة الأجل قبل قبولها أول عطاء فى 1 أكتوبر الماضى.
لكنه ذكر، أن الفائدة على الأجلين 3 و7 سنوات جاءت متماثلة إلى حد كبير؛ نتيجة رفض جميع العروض للسندات أجل 7 سنوات الأعلى من الفائدة المدفوعة على 3 سنوات، ما يفسر تقارب مستويات العوائد رغم فجوة أجل الاستحقاق.
وأرجع ذلك إلى رغبة مزدوجة من الحكومة والمستثمرين فى عدم ضخ اكتتابات طويلة الأجل.
وأشار إلى أنه بالتوازى مع ذلك، تسعى الحكومة لطرح سندات بالعملات الأجنبية فى الأسواق الدولية، وتجهز لبعثة ترويجية إلى آسيا وأوروبا لاستكشاف فرص الدين المصرى، وهو الأمر الذى حال نجاحه سيخفض متوسط الفوائد على الدين الحكومى.
وقال البنك، إنَّ البنك المركزى كان يعتزم خفض الفائدة هذا العام بمعدل 5% تباطؤ معدلات التضخم، لكن تم تعطيل هذا التوجه على أثر التوترات فى الأسواق الناشئة.
وذكر أن خفض دعم الوقود وارتفاع أسعار النفط عالمياً حدا من تراجع التضخم، فاستقر عند 14% العام الحالى ومن المتوقع أن يستقر عند هذا المستوى العام المقبل أى أعلى من مستهدف 10% التى حددها «المركزى»، الأمر الذى عزز انقطاع دورة التيسير النقدى.
وذكر أنه من الواضح أن المستثمرين الأجانب متأثرون بأزمات العملة فى الأسواق الناشئة التى جعلتهم أكثر حرصاً عما كانوا فى 2016 حينما طبقت مصر الإصلاحات الاقتصادية، الأمر الذى دفعهم لطلب هامش أرباح أكبر وفوائد أعلى من السائدة فى السوق.
وأرجع ذلك إلى أن المستثمرين الأجانب، بصرف النظر عن منطقية ذلك، يرون أن مناخ التشدد النقدى والأوضاع فى الأسواق الناشئة يضعان ضغوطاً على سعر الصرف المرن.
وقال البنك، إن الإلغاءات المتوالية للمزادات لم يكن له مردود إيجابى على المستثمر الأجنبى، وقد يؤدى لرفعه أسعار الفائدة فى عروضه المستقبلية، وقد يضعف الثقة فى الإدارة الاقتصادية، وهو الأمر الذى يهدد تدفقات الاستثمار.
كما أن طلب البنوك المحلية أسعار فائدة أعلى يحجم شهية المستثمر الأجنبى. ورغم ذلك قال البنك، إنَّ موقف الحكومة المصرية مفهوم، فهى تحاول تأمين مصادر سد الفجوة التمويلية، وهو ما قد يتطلب أسعار فائدة أعلى بالتزامن مع الحفاظ على النشاط الاقتصادى والنمو.
وذكر أن أى زيادة فى أسعار الفائدة سيكون لها تبعات على عجز الموازنة المقرر له أن يتراجع لأقل من 9% من الناتج المحلى الإجمالى، خلال العام المالى المقبل.
وقال إنه ربما لن يكون متاحاً تحقيق الهدفين فى آن واحد فى ظل الأوضاع المالية حالياً، وتشير التجارب إلى أن الدول التى تبنت إصلاحات جذرية فى برنامج الإصلاح الاقتصادى كالذى تبنته مصر تتحول إلى نمو اقتصادى ضعيف، وأحياناً انكماش قبل أن تتحول إلى الاستقرار.
وذكر أنه بمجرد الوصول للاستقرار يتحول الاقتصاد للنمو بصورة أسرع، ورغم أن ذلك آثاره صعبة اجتماعياً وسياسياً لكن لا مفر منه.
وأضاف أن تحول مصر للاعتماد على الديون قصيرة الأجل لتمويل عجز الموازنة بدلاً من الآجال المتوسطة ليس مثالياً؛ لأن ذلك يعيق خطة مصر لخفض عجز الموازنة، ويرفع تكلفة خدمة الدين.
وفى الواقع، فإنَّ الفائدة على الأذون أجلى 3 و9 أشهر مرتفعة عند 19.748% و19.847% على التوالى، وفقاً لبيانات مزاد 30 سبتمبر الماضى.
وقال إن منحنى العائد يتناسب عكسياً مع طول الأجل، فيسجل أعلى معدل عائد عند الآجال القصيرة، ويسجل أقل مستوى عند أجل 10 سنوات، وكان المحنى معكوساً بحدة أكبر قبل 6 أشهر، حينما كان متوقعاً ترجع التضخم بصورة حادة.
أوضح أن ذلك يجعل المستثمرين أقل ميلاً للاستثمار فى الأصول متوسطة وطويلة الأجل.
وذكر أن الحكومة عليها الاستمرار فى خلق بيئة يطمئن فيها المستثمر إلى أن الأمور تسير فى الاتجاه الصحيح وأن مصر ستتجنب المشاكل التى تواجه الأسواق الناشئة الأخرى، ويشمل ذلك المضى قدماً فى الإصلاحات الاقتصادية من أجل معالجة مواطن ضعف الاقتصاد الكلى وضمان خلق مناخ استثمارى سليم يشجع المستثمرين ويضمن التمويل بتكلفة أقل.