صندوق النقد يوصى بالانضباط المالى والسيطرة على الإنفاق العام
ارتفع الناتج المحلى الإجمالى، فى المملكة المتحدة، بنسبة أفضل من المتوقع بلغت 0.7%، خلال الربع الثالث من العام الجارى.
وذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، أنَّ النمو انتعش بعد البداية السيئة للغاية التى سجلتها بريطانيا، منذ بداية العام، عندما ارتفع الناتج المحلى الإجمالى بنسبة ضئيلة بلغت 0.2% فى الربع الأول من 2018.
وتوقع المعهد الوطنى للبحوث الاقتصادية والاجتماعية، ارتفاع النمو بنسبة 0.5% فى الربع الأخير من العام الجارى، كما تنبأ بتوسع الناتج المحلى الإجمالى بنسبة مقبولة، إن لم تكن ذات أهمية تصل إلى 1.5% للعام الجارى بأكمله، مقارنة بنسبة 1.7% خلال 2017.
وفى الوقت نفسه، يبدو أن سوق العمل قوى بما يكفى؛ حيث بلغ معدل البطالة 4% فقط، خلال الربع الثانى من 2018، وهو أدنى مستوى منذ عام 1975، فى حين سجلت الوظائف الشاغرة أعلى مستوياتها على الإطلاق.
ومن الجدير بالملاحظة، أنَّ نمو الأرباح الحقيقية يشهد المزيد من الارتفاع بعد الضعف المستمر منذ الأزمة المالية.
ومن المتوقع أن تعزز الأرباح الحقيقية مقترنة بسوق العمل القوى نمو الإنفاق الاستهلاكى حتى عام 2019 حتى لو شهد الاستثمار فى الأعمال التجارية بعض التراجع.
وأوضحت الصحيفة البريطانية، أنَّ اقتصاد المملكة المتحدة لا يزال مرناً بشكل ملحوظ، على الرغم من حالة عدم اليقين الناجمة حول مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى. وتوقع المحللون، أيضاً، تحسن نمو الإنتاجية، ما يعكس مزيجاً من انخفاض البطالة، وتباطؤ صافى الهجرة من الاتحاد الأوروبى.
يأتى ذلك فى الوقت الذى لم يظهر فيه بنك إنجلترا أى إشارة تفيد باتباع سياسة مجلس الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى المتمثلة فى رفع أسعار الفائدة بشكل كبير.
وأشارت الصحيفة إلى أن الارتفاعات ستكون تدريجية ومحدودة فى أسعار الفائدة البريطانية؛ حيث كان الارتفاع السريع وراء الركود الذى حدث فى السبعينيات وأوائل الثمانينيات ومطلع التسعينيات. لكن من غير المرجح تكرار هذا الخطأ مرة أخرى؛ حيث إنَّ تشديد التنظيم والإشراف من قبل البنوك فى السنوات الأخيرة من شأنه منع تكرار الكارثة المالية التى حدثت قبل عقد من الزمن.
وعلى الرغم من أن نمو الاقتصاد فى المملكة المتحدة لم يسجل حتى الآن أى أرقام قياسية، فإنه يتجاذب بدرجة كبيرة.
وكان صندوق النقد الدولى، قد أشار الأسبوع الماضى إلى احتمال حدوث اضطرابات فى المالية العامة للدولة على المدى الطويل.
يذكر أن مستوى صافى اقتراض القطاع العام كان مشجعاً نسبياً حتى الوقت الراهن من السنة المالية الحالية بقيمة تبلغ 35 مليار جنيه إسترلينى فى العام المالى 2018 – 2019، مقارنة بـ153 مليار جنيه إسترلينى خلال 2009 – 2010.
وسجلت نسبة الدين إلى الناتج المحلى الإجمالى نسبة معتدلة، أيضاً، بلغت 84.3% بحلول نهاية أغسطس 2018.
ومن المتوقع أن تتزايد الضغوط على المالية العامة، وفقاً لأحدث تقارير الاستدامة المالية الصادر عن مكتب مسئولية الميزانية.
وتوقع المحللون، أنَّ التدابير السياسة سوف تؤدى إلى تدهور المالية العامة بشكل ملحوظ على مدى نصف القرن المقبل إلى جانب شيخوخة السكان، والإنفاق على الصحة والمعاشات التقاعدية على المدى الطويل.
يأتى ذلك فى الوقت الذى تتزايد فيه الضغوط على دافعى الضرائب؛ حيث تمثل الضرائب حصة الأسد من إيرادات القطاع العام الحالية؛ حيث زادت قيمتها منذ الستينيات والسبعينيات، ما يعكس خصخصة العديد من الشركات العامة.
وفى مارس الماضى، توقع صندوق النقد الدولى، ارتفاع نسبة الضرائب إلى الناتج المحلى الإجمالى بنسبة 34.3%، خلال العام المالى الحالى، وهو أعلى مستوى منذ العام المالى 1969 – 1970 التى سجلت فيه النسبة 35%.
وفى الوقت نفسه، نما الإنفاق العام بسرعة كبيرة فى العقد الأول من القرن العشرين، وهو ما يفوق بسهولة النمو الأساسى فى الاقتصاد، ولكن من الواضح أن مسار الإنفاق سيكون غير مستدام.
ولكن التوصية الأخيرة لصندوق النقد الدولى، بأن الإنفاق ينبغى أن يزيد لتحسين أى تباطؤ بالنمو فى حالة الخروج الصعب لبريطانيا من الاتحاد الأوروبى تعد أمراً مشكوكاً فيه. وذكرت الصحيفة البريطانية، أنَّ توصية صندوق النقد الدولى، تتناقض مع نتائج مراقبته المالية؛ حيث إنَّ أداء الاقتصاد لا يزال جيداً قبل إعلان الصفقة النهائية لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى.