حافظت مصر على ترتيبها المتأخر عالميا فى مؤشر التنافسية الذى يصدره المنتدى الاقتصادى العالمى. ووفقا لمؤشر 2018 الصادر صباح اليوم احتلت مصر المركز 94 من بين 140 دولة وهو نفس ترتيبها فى العام الماضى بعد تعديل منهجية المؤشر.
كان ترتيب مصر العام الماضى قبل تعديل منهجية المؤشر فى المركز 100، لكن بعد تعديلها أصبحت تحتل المركز 94، ولم تتقدم عنه العام الحالى برغم كل الإصلاحات التى تقول الحكومة أنها أجرتها.
ويعتمد مؤشر التنافسية على 12 مؤشرا رئيسيا تتضمن أكثر من 90 مؤشرا فرعيا تغطى الاقتصاد والمجالات المرتبطة به.
وجاءت الولايات المتحدة على رأس الدول الأكثر تنافسية وهى المرة الأولى منذ سنوات، تلتها سنغافورة وألمانيا واليابان، بينما حلت اليمن وتشاد فى ذيل الترتيب العالمى.
والمؤشرات الاثنى عشر التى يقيسها مؤشر التنافسية هى قوة المؤسسات، والبنية التحتية، والاقتصاد الكلى، والصحة، والمهارات والتى تشمكل التعليم، وسوق السلع، وسوق العمل، والنظام المالى، وحجم السوق، والابتكار، وانتشار تكنولوجا المعلومات والاتصالات، وديناميكية الأعمال.
وفى مجال قوة المؤسسات جاءت مصر فى المركز 102 عالميا، وفى مؤشر البنية التحتية احتلت مصر المرتبة 56، وهو أفضل أداء لمصر على كل مؤشرات التنافسية، بينما حلت فى المركز 100 من حيث الاعتماد على تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، ووفى المركز 135 من بين 140 دولة فى مؤشر استقرار الاقتصاد الكلى، وحلت فى المرتبة 99 فى مؤشر الصحة، والمرتبة 99 فى مؤشر المهارات، والمرتبة 121 عالميا فى سوق السلع،
والمرتبة 130 فى سوق العمل، وتراجع ترتيب تنافسية النظام المالى فى مصر إلى المركز 99 عالميا، بينما تحسنت تنافسية حجم السوق إلى المركز 24، كما تحسن ترتيب بيئة الأعمال فى مصر إلى المركز 97، وكذلك ترتيب مصر فى مؤشر الابتكار إلى المركز 64.
وقال بيان عن المنتدى الاقتصادى العالمى إن مصر حلّت فى المرتبة ما قبل الأخيرة عربياً. وعلى الرّغم من أداء مصر الإيجابي، فيما يخصّ حجم السوق، حيث حلّت ضمن أكبر 30 سوقاً عالمياً حجماً (المرتبة 24 عالمياً)، إلا أنها حلّت ضمن أسوء 5 اقتصادات عالمية فيما يخص التعرفة التجارية والجمركية (المرتبة 137)، واستقرار الاقتصاد الكلي (135 أي خمس مراتب قبل الأخير).
هذا ويخلص التقرير الذي أصدره المنتدى الاقتصادي العالمي اليوم، إلى أن الطبيعة المتغيرة للقدرة التنافسية الاقتصادية، في عالم بات أكثر تحولاً من خلال تقنيات رقمية جديدة، تُشكّل مجموعة جديدة من التحديات للحكومات والشركات، وهي، إذا ما اجتمعت فقد يكون لها أثر سلبي على النمو المستقبلي والإنتاجية.
وإقليمياً، فقد حلّت الإمارات أولى، (في المركز السابع والعشرين عالمياً)، وقطر ثانية، (في المركز الثلاثين عالمياً)، والمملكة العربية السعودية ثالثة، (في المركز التاسع والثلاثين عالمياً)، وسلطنة عُمان رابعة، (في المركز السابع والأربعين عالمياً) أما متوسّط أداء الدول العربية الأخرى فيتراوح ما بين المركز الخمسين والمركز التاسع والثلاثين بعد المائة (المركز ما قبل الأخير في التقرير) والذي كان من نصيب اليمن.
وكما تمت الإشارة، يستخدم التقرير منهجية جديدة تماماً هذا العام ليتمكن من اشتمال كافة أبعاد الاقتصاد العالمي في ظلّ الثورة الصناعية الرابعة، حيث أن العديد من العوامل التي سيكون لها الأثر الأكبر في دفع عجلة التنافسية في المستقبل لم تكن تُعنى أهمية كبرى في القرارات السياسية الرئيسية سابقاً. ويشمل ذلك توليد الأفكار وثقافة تنظيم المشاريع والانفتاح والمرونة. تقوم المنهجية الجديدة بتخطيط المشهد التنافسي في 140 اقتصاداً حول العالم من خلال 98 مؤشراً منظماً إلى 12 ركيزة. ويستخدم كل مؤشر مقياس من 0 إلى 100 يشير إلى مدى قرب الاقتصاد من الحالة المثالية أو من “حدود” التنافسية.
بحسب التقرير فإن العامل المشترك بين أكثر اقتصادات العالم تنافسية يتمثل في وجود إمكانية كبيرة للتحسين، فعلى سبيل المثال، على الرغم من أن التقرير يجد أن سنغافورة هي أكثر اقتصادات العالم “جاهزية للمستقبل”، إلا أنه يجد أن السويد هي الأفضل أداءً فيما يتعلق بالقوى العاملة المتمرسة رقمياً. وفي الوقت ذاته، تتمتع سويسرا بأكثر العمالة فعالية لإعادة رسم السياسات وإعادة تدريبها، أما الشركات الأمريكية فهي الأسرع عندما يتعلق الأمر بتبني التغيير.
ولعلّ أكثر نتائج التقرير المثيرة للقلق هي الضعف النسبي في كافة الاقتصادات فيما يتعلق بإتقان عملية الابتكار، بدايةً من توليد الأفكار وانتهاءً بتسويق المنتجات. ففي هذا المؤشر الذي تصدّرته ألمانيا، تليها الولايات المتحدة وسويسرا، سجلت 103 دول نتيجة أقل من 50.
ويجد التقرير بشكل خاص أن الموقف إزاء مخاطر بدء المشاريع الصغيرة والمتوسطة هو الأكثر إيجابية في إسرائيل، وأنه يميل إلى السلبية في العديد من اقتصادات شرق آسيا. كذلك يخلص التقرير إلى أن كندا تمتلك القوة العاملة الأكثر تنوعاً وأن ثقافة الشركات الدنماركية هي الأقل هرمية، وهي جميعها عوامل حاسمة في قيادة الابتكار.
وفي تعليق له، قال البروفيسور كلاوس شواب، المؤسس والرئيس التنفيذي للمنتدى الاقتصادي العالمي: “أصبح تبني أسس الثورة الصناعية الرابعة عاملاً أساسياً في تحديد القدرة التنافسية. في تقريرنا هذا، يتبع المنتدى الاقتصادي العالمي منهجاً يقيّم مدى جودة أداء الدول وفقاً للمنهج الجديد. وإني أتوقع أن نرى فجوة عالمية جديدة بين الدول التي تدرك أهمية التحولات المبتكرة وتلك التي لا تدركها ولا تطبقها. حيث أن الاقتصادات التي تدرك أهمية الثورة الصناعية الرابعة ستكون هي وحدها القادرة على فتح باب الفرص أمام شعوبها.”
لا بد من تكامل الانفتاح والاشتمال
في الوقت الذي تتصاعد فيه التوترات التجارية وردود الفعل السلبية ضد العولمة، يجد التقرير دلائل على أهمية الانفتاح بالنسبة للقدرة التنافسية. فعلى سبيل المثال، الاقتصادات ذات الأداء الجيد في المؤشرات التي تدل على الانفتاح كانخفاض الحواجز الجمركية وغير الجمركية، وسهولة توظيف العمالة الأجنبية والتعاون في طلب براءة الاختراع تحقق أيضاً أداءً جيداً في الابتكار وكفاءة الأسواق. وتشير هذه البيانات إلى أن صحة الاقتصاد العالمي ستتأثر إيجاباً إذا ما عادت الدول لتبني المزيد من الانفتاح والتكامل، إلا أنه من الضروري وضع سياسات يمكن من خلالها تحسين ظروف الأفراد المتأثرين سلباً بالعولمة في بلدانهم.
هذا ويجد التقرير أيضاً أن سياسات إعادة التوزيع، وشبكات الأمان، والاستثمارات في رأس المال البشري، فضلاً عن فرض المزيد من الضرائب التصاعدية الرامية إلى معالجة عدم المساواة، لا تتسبب في إضعاف مستويات القدرة التنافسية للاقتصادات. وبما أن القدرة التنافسية والشمولية لا تتعارضان، فإنه من الممكن للدول أن تكون مؤيدة للنمو وشاملة في الوقت ذاته. على سبيل المثال، فإن متوسط ساعات عمل الأفراد في الاقتصادات العشر الأكثر تنافسية، أقل بخمس ساعات أسبوعياً مقارنة بالأفراد في اقتصادات دول البريكس الثلاثة – البرازيل والهند وروسيا – والتي توفر بيانات خاصة بأوقات العمل.
إحدى النتائج الرئيسية للتقرير هي الحاجة إلى نهج واسع النطاق لزيادة القدرة التنافسية – حيث أن الأداء الجيد في إحدى المؤشرات لا يمكن له أن يعوض عن أداء ضعيف في مؤشر آخر. الأمر الذي يتوضّح جلياً عند الحديث عن الابتكار، فعلى الرغم من أن التركيز على التكنولوجيا قد يوفر فرصاً هائلة لتطور البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط ، إلا أن على الحكومات ألا تغفل عن القضايا التنموية “القديمة” كالحوكمة والبنية التحتية والمهارات. وعليه، فإن أحد العوامل المقلقة التي توضّحت من خلال تقرير التنافسية لهذا العام هو أن جودة المؤسسات في 117 دولة من بين الـ 140 دولة التي شملها التقرير، لا تزال تشكل عبئاً على القدرة التنافسية.
ومن جانبها قالت سعدية زهيدي، عضو مجلس الإدارة ورئيس مركز الاقتصاد والمجتمع الجديد لدى المنتدى الاقتصادي العالمي: “ليست التنافسية لعبة يفوز فيها من يحرز المركز الأول، إنما يمكن لجميع البلدان أن تصبح أكثر ازدهاراً. بوجود فرص لتحقيق قفزات اقتصادية، ونشر أفكار مبتكرة عبر الحدود، وأشكال جديدة لخلق القيمة، فإن الثورة الصناعية الرابعة تعطي فرصاً هائلة لكافة الاقتصادات. إلا أن التكنولوجيا ليست عصا سحرية، ويجب على الدول الاستثمار في الأفراد والمؤسسات لتحقيق وعد التكنولوجيا”.